رام الله- الاقتصادي- لم يكن توجه مجموعة الاتصالات الفلسطينية لدعم قطاعات مجتمعية متعددة يهدف إلى الاستعراض الإعلامي بقدر ما هو محاولة جادة لتغيير واقع مجتمعي يحتاج إلى الكثير من الدعم، لذلك عملت المجموعة خلال السنوات الماضية إلى حرف بوصلة دعمها من رعاية فعاليات ومعارض ومهرجانات قد لا تحمل تأثيرا مجتمعيا كبيرا، باتجاه دعم مشاريع تترك تغييرا ايجابيا وفاعلا على الناحيتين الإنسانية والتنموية.
ربط الدعم بالموضوع التنموي
وفي هذا الإطار، أوضح السيد عماد اللحام مدير إدارة العلاقات العامة في مجموعة الاتصالات الفلسطينية لـ" الاقتصادي" أنه منذ مطلع العام 2011 أجرت المجموعة تقييما لخمس سنوات سابقة وكيف صرفت الأموال في موضوع المسؤولية المجتمعية، منوها إلى أنه وبناء على هذا التقييم قررت المجموعة وضع استراتيجية واضحة للدعم مستندة في ذلك إلى ذراعين في موضوع التنمية المجتمعية: الأول هو مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية المجتمعية، والثاني هو دائرة المسؤولية المجتمعية حيث يعمل كل ذراع في اتجاه مع وجود تنسيق كامل بينهما.
واشار إلى أن مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية المجتمعية تعمل على الأمور التي لها ديمومة وهي برامج متكررة بشكل سنوي مثل برنامج "حياة كريمة" وبرنامج المنح الدراسية ومبادرة الحاسوب وجائزة التميز والابداع وغيرها، أو البرامج التي لها علاقة مع الجامعات الفلسطينية كبرنامج "ايفاد" الذي يقوم على دعم ابتعاث أساتذة حاصلين على شهادة الماجستير لاكمال دراسة الدكتوراه في الخارج.
أما دائرة المسؤولية المجتمعية في مجموعة الاتصالات الفلسطينية، فيبين اللحام أن لها استراتيجية متغيرة، فكل عام ترصد الدائرة حاجات المجتمع وبناء على ذلك وبالتعاون مع الوزارات الرسمية ومؤسسات المجتمع المحلي يتم تحديد الأولويات، لافتا إلى أن الدائرة وجدت في السنتين الماضيتين أن هناك حاجة للتركيز على ثلاثة محاور رئيسية وهي: المشاريع الإنسانية التنموية، ومشاريع تمكين المرأة والتكنولوجيا.
ولفت إلى أن المجموعة آثرت الابتعاد قدر الامكان خلال السنوات الأخيرة عن دعم المؤتمرات والمهرجانات والمعارض لأنها أرادت أن يكون للدعم الذي تقدمه انعكاسات انسانية تنموية مباشرة.
ويضيف" أية جهة تريد أن تطرق باب المسؤولية المجتمعية في مجموعة الاتصالات عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية ان يترك هذا العمل بصمة في الإطار التنموي والإنساني".
فصل بين المسؤولية المجتمعية والتسويق
لقد وضعت مجموعة الاتصالات لنفسها خطوطا فاصلة بين مسؤولياتها المجتمعية وبين إجراءاتها التسويقية، ويقول اللحام" رغم أن غالبية الدراسات تعرف المسؤولية المجتمعية بأنها تندرج في مفهوم تحقيق قدرة الشركة التنافسية، لكن مجموعة الاتصالات تؤمن بأن المسؤولية المجتمعية ليست كذلك، وإنما هي التزام وواجب أخلاقي ووطني، نحن من قلب هذا الوطن ونعيش فيه وكل الكوادر الفلسطينية العاملة في مجموعة الاتصالات الفلسطينية هي فلسطينية ومن واجبنا أن يكون لدينا مسؤولية مجتمعية"، مؤكدا أن المجموعة تتعاطى مع موضوع المسؤولية المجتمعية كونه أصبح العامود الفقري للعمل المؤسسي في كل أنحاء العالم.
ويضيف" إذا لم يكن لدى اي مؤسسة في العالم دور في موضوع المسؤولية المجتعية، من حكم المؤكد أن الشركة ستفقد حصة في السوق، لأن الناس ستنظر لها بأنها مقصرة تجاه المجتمع".
دعم كبير لمشاريع تمكين المرأة
يرى اللحام أن البعد الإنساني والتنموي يجب أن يكون أساس العمل المجتمعي، وإذا لم يكن كذلك لم يعد عملا ضمن المسؤولية المجتمعية. وفيما يتعلق بالمشاريع الخاصة بتمكين المرأة، نوه إلى أنه أينما يكون هناك مشروع يسهم في تمكين المرأة ويقود إلى إقامة مشاريع مدرة للدخل تقرر مجموعة الاتصالات دعمه، مشيرا إلى أن مجموعة الاتصالات نفذت دعمها لمشاريع تمكين المرأة في فلسطين عبر العشرات من البرامج المُستدامة والمشاريع المدرّة للدخل.
وكانت جمعية "نفس للتمكين" في مخيم الجلزون ومجموعة الاتصالات الفلسطينية احتفلتا بتخريج السيدات المشاركات في دورة الخياطة والتطريز في ختام مشروع تمكين أمهات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في مخيم الجلزون، والذي تم تنفيذه بدعم من مجموعة الاتصالات.
وعبر ناصر مطر عن امتنانه لمجموعة الاتصالات التي قامت بدعم هذا المشروع، والذي استهدف بشكل مباشر 20 سيدة من أمهات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما سيعود بالنفع بشكل غير مباشر على 80 فردا من عائلاتهم ، لافتاً إلى أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين مؤسسات العمل الأهلي وشركات القطاع الخاص، بهدف دعم وخدمة المجتمع، لاسيما الفئات المهمشة، وتمكين هذه الفئات لأخد دورها في تنمية وتطوير الوضع الاقتصادي، والنهوض بدور المرأة الإنتاجي لحماية ذاتها ومجتمعها.
وأنجزت المجموعة رزمةً من المشاريع المُستدامة الهادفة إلى تمكين المرأة الفلسطينية في المناطق الريفية والمهمّشة، حيث استفادت المئات من السيدات الفلسطينيات من المشاريع التي نفذتها ودعمتها المجموعة. وأكد عمّار العكر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية أن المجموعة ركّزت في هذه المشاريع على تبني مبادئ الاستدامة عبر إطلاق مشاريع تشكّل مصادر دخل للنساء المستهدفات، وبحيث يتم تدريب النساء على مبادئ الإدارة وإمدادهن بالمهارات المطلوبة لضمان استدامة مشاريعهن.
وأضاف العكر قائلاً "لقد التزمنا في المجموعة باستهداف المرأة الفلسطينية وخصوصاً في المناطق الريفية والمهمّشة، والعمل معها كشريك رئيسي في بناء المجتمع والأسرة، وإننا نجدّد التزامنا تجاه المرأة الفلسطينية التي جسّدت قصصاً مشرّفة من الصمود والنجاحات المتلاحقة، وندرك حجم الأثر الذي ستُسهم به مثل هذه المشاريع في رفع مستوى المعيشة للمرأة وللأسرة الفلسطينية".
وأوضح اللحام أن المجموعة حرصت على دعم وتنفيذ برامجها لتمكين المرأة بالشراكة مع مختلف المؤسسات العامة والأهلية والمجتمعية، وذلك من أجل ضمان تحقيق التكامل والانتشار سواءً من حيث طبيعة المشاريع أو الوصول إلى مختلف الشرائح النسوية في كافة المناطق المهمّشة والنائية. وكانت مجموعة الاتصالات الفلسطينية قد أطلقت مشاريع تهدف إلى تمكين المرأة الفلسطينية بالتعاون مع جمعيات محلية ونسوية في عدد من المحافظات، ففي منطقة الأغوار دعمت المجموعة مشاريع استهدفت قرى زبيدات والجفتلك والعوجة وفصايل، وذلك بالتعاون مع لجان المرأة في الأغوار، وتمثلت المشاريع في تنفيذ دورات في فن التجميل ومجال التطريز والخياطة، إضافة إلى تجهيز صالون تجميل. وساهمت المشاريع في خلق فرص عمل للمستفيدات وعددهن 50 سيدة.
وفي محافظة رام الله والبيرة، قامت المجموعة بدعم مشروع تجهيز صالون للتجميل يمثّل مصدر دخل لبيت النقاهة للمسنّات وذلك بالتعاون مع جمعية الاتحاد النسائي العربي- فرع البيرة، ما أسهم في خلق فرص عمل لعشر سيدات، إضافة إلى تغطية جزء من التكاليف التشغلية للجمعية التي تأوي 20 سيدة مسنة. وقامت المجموعة برعاية مشروع خلق فرص عمل للمرأة الفلسطينية في محافظة رام الله والبيرة بالتعاون مع جمعية إنعاش الأسرة، وبلغ عدد المستفيدات سنوياً من المشروع بشكل مباشر 500 سيدة، من خلال تصنيع مطرزات ومنسوجات واثواب فلسطينية وبيعها. وفي قرية كفر عين، قامت المجموعة بدعم مشروع متميّز يقوم على تدريب نساء القرية على تصنيع أجهزة إضاءة تعمل بالطاقة الشمسية، بالتعاون مع جمعية المرأة الريفية التعاونية للتوفير والتسليف، حيث ساهم المشروع في توفير فرص عمل لـ 20 سيدة. كذلك قامت المجموعة بدعم مشروع التصنيع الغذائي بالتعاون مع جمعية نادي سيدات قراوة بني زيد، حيث استفادت من المشروع 20 سيدة.
كما قامت المجموعة بدعم مشاريع في محافظة سلفيت، حيث أطلقت مشروع تصنيع الصابون بشتى أنواعه بشكل متميّز وجودة عالية وتسويقه بالتعاون مع جمعية نساء من أجل الحياة في قرية بديا، وسيوفّر المشروع مصدر دخل لاثنتي عشرة سيدة في المحافظة. وقامت مجموعة الاتصالات الفلسطينية بدعم مشروع عقد دورات تدريب مهني في سلفيت، وشمل المشروع دورات في مجال صناعة سلال القش والقرطلة والخياطة، إلى جانب توفير فرص عمل مدرّة للدخل استهدف 55 سيدة في المحافظة.
وفي عناتا؛ قامت المجموعة برعاية مشروع التدريب المهني على دورات التطريز وتصميم الأثواب الفلسطينية بالتعاون مع مركز عناتا الثقافي، حيث استفادت حوالي 60 سيدة من المشروع، وقامت الجمعية بتسويق المنتجات بحيث يعود ريعها إلى السيدات العاملات في المشروع.
كذلك قامت المجموعة بدعم مشروع تجهيز مطبخ البيت الآمن في نابلس بالشراكة مع جمعية الدفاع عن الأسرة- البيت الآمن، وهدف المشروع الذي استفادت منه حوالي 20 سيدة؛ إلى توفير فرص عمل للسيدات اللواتي يقطن في البيت الآمن من خلال إنتاج مواد غدائية وتسويقها بما يتيح توفير مصدر دخل لهن. كما قامت المجموعة بدعم مشروع تجهيز مطبخ لجمعية المهارات النسوية في جنين، وذلك بهدف توفير فرص عمل لـ 16 سيدة من خلال تصنيع مواد غذائية وتسويقها عبر الجمعية، بالإضافة إلى دعم مشروع إنجاز وتشطيب مبنى التصنيع الغذائي التابع لجمعية المرأة الريفية الخيرية في قرية العقبة في محافظة طوباس، حيث أسهم المشروع في توفير فرص عمل لـ 60 سيدة من خلال توفير مكان للتصنيع وعرض المنتجات.
دعم في مجالات إنسانية وتنموية
أما بخصوص موضوع المجال الإنساني والتنموي، فقد نفذت المجموعة وتحديدا خلال العام 2013 العديد من المشاريع منها:
-تأهيل عيادة صحية في بلدة كفر رمانة بمحافظة جنين، حيث كانت هذه العيادة غير مؤهلة لاستقبال المرضى، وتم تهديد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الاونروا " بسحب ترخيص العيادة في حالة عدم تأهيلها.
-دعمت مجموعة الاتصالات مصنعا في مخيم جنين يقوم بتصنيع الأطراف الصناعية.
- التوقيع على اتفاقية مع مستشفى سان جون للعيون بالقدس، حيث تم ارسال وفد طبي كامل إلى قطاع غزة لإجراء مئات العمليات الجراحية بدعم من مجموعة الاتصالات الفلسطينية. وهي الاتفاقية الثانية، حيث قامت المجموعة العام الماضي أيضا بتوقيع اتفاقية لإجراء عمليات لمئة حالة وقد نجحت كلها والحمد لله.
-تمويل شراء أجهزة تنظير الجهاز الهضمي بالمستشفى الأهلي في الخليل، والذي زادت كلفته على 100 الف دولار.
-دعم شراء أجهزة لمركز الطوارئ في المسجد الأقصى التابع للمركز الصحي العربي في القدس.
ويشير اللحام إلى أن المجموعة وفي إطار توجهها لدعم المشاريع التنموية، استجابت لطلب من جامعة بيرزيت لابتعاث حملة شهادة ماجستير يعملون في الجامعة للابتعاث للخارج من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه خاصة أن عدد الأساتذة ممن يحملون شهادة الدكتوراه قليل وقسم منهم على عتبة التقاعد، فرأت المجموعة أن هناك ضرورة لدعم هذا البرنامج "ايفاد" وبخاصة أن الذين يدرسون الدكتوراه قليلون لأنها ذات كلفة مرتفعة، حيث تقوم جامعة بيرزيت بموجب هذا البرنامج ومدته خمس سنوات بابتعاث حملة شهادة ماجستير لاكمال الدكتوراة في الخارج على نفقة مجموعة الاتصالات الفلسطينية.
في الشأن التنموي، ركزت مجموعة الاتصالات الفلسطنية على موضوع "أبجد نت" ، والهادف إلى ايصال خدمة الإنترنت الى كافة المدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخاصة في المناطق المهمشة، وقد أخذت المجموعة على عاتقها، بأن توصل خدمة الإنترنت إلى كافة مدارس الوطن خلال الأعوام القليلة القادمة.
ويقول اللحام" الحواسيب موجودة في المدارس ولكن لا توجد خدمة الانتنرت، واليوم الحاسوب دون انترنت يصبح عديم الفائدة، مهمتنا بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن نمول هذا المشروع وأن نقدم لكل مدرسة خدمة الانتنرت لمدة سنة مجانا وهذا مشروع مكلف جدا "، مؤكدا أن المجموعة أصرت على دعم المشروع نظرا لكونها لاعبا اساسيا في موضوع المسؤولية المجتمعية ولأنها ركن أساسي في بناء الاقتصاد الوطني.
أما بخصوص مبادرة الحاسوب والتي اصبحت حدثا سنويا، فبين اللحام أن التركيز خلال العام 2013 كان على فئة المكفوفين من خلال تجهيز الجمعيات التي تعنى بهذه الفئة بأجهزة حواسيب متطورة، حيث تم تسليم العديد من الجمعيات أجهزة حواسب مخصصة للمكفوفين.
وتطرق اللحام إلى موضوع المنح الدراسية الذي اعتبره بأنه مهم جدا جدا، قائلا إنه تم تشكيل لجنة من الشركاء كوزارة التربية والتعليم العالي وأساتذة الجامعات ومجموعة الاتصالات التي كان لها صفة الرقابة، منوها إلى أن المجموعة تدعم سنويا نحو 400 منحة دراسية وقد وصل العدد إلى نحو 1700 منحة، موضحا أن أساس الاختيار هو الحالة الاجتماعية والمعدل مع اشتراط أن يكون التعليم في الجامعات الفلسطينية.
2015..أولوية للبعد الإنساني والتنموي
يؤكد اللحام أن مجموعة الاتصالات الفلسطينية ستعطي أولوية في العام 2015 لمشاريع لها بعد إنساني وتنموي، مشيرا إلى أن المجموعة بصدد دراسة العديد من الأفكار بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بدعم طلبة المدراس من ذوي الاعاقة وتهيئة الظروف التعليمية الملائمة لهم.
المواطن هو الحكم
أما عن النتائج التي حققتها المشاريع التي دعمتها المجموعة وكان لها تأثير على البعد التنموي والإنساني، قال اللحام" الحكم متروك للمواطن".