هو الورد الذي تمد الفئات بأجناسها الأيادي لتشتريه؛ وهو المميز بطريقة تقديمه وعرضه؛ وفي غزة، يبدو أنه ثمة من التفت إلى هذا السحر، وقرر أن يهرب من سجن البطالة، بإبداع سرّه الخروج من التقليد في بيع الورد .

دراجة هوائية صغيرة، زُينت أطرافها بباقة من الورود وضعت داخل صندوق نُسج عليه حال صاحبها، الذي انتهج مهنة بائع الورد المتجول، بعد أن جلس على أرصفة البطالة بشهادته الجامعية منذ صيف 2013.

الشاب ياسر الترك (22عاماُ) من مدينة غزة أنهى ثلاثة أعوام من البطالة بعد أن اهتدى إلى مهنة إبداعية مبتكرة تكمن في بيع الورود في الطرقات والساحات العامة بطريقة جوّالة.


إذ ينطلق ياسر صباح كل يوم وهو خريج_ قسم المحاسبة_ مع شقيقه مهند وابن عمه علي، على متن دراجات هوائية لبيع الورود للمارة من الشبان والنساء والأطفال في فكرة لاقت إعجاباً كبيراً بين المواطنين في غزة، فثقافة بيع الورد واقتناؤه تبقى محدودة نوعًا ما، في مجتمع يعاني الفقر والبطالة، ويسعى فيه أرباب الأسر لتوفير قوت أطفالهم بالدرجة الأولى. 

وبالحديث عن ولادة الفكرة، قال الترك :" راودتني فكرة بيع الورود على الدراجات الهوائية، عندما كنت أفكر بمشروع صغير أوفر من خلاله فرصة عمل لي، فالجميع يعلم شُح الوظائف في القطاع، إذا أنها مستوحاة من الأرياف الألمانية عبر بيع البسطاء الورود في الشوارع والأزقة، من خلال اقتناء سلة ورود والتجول بها”.

وأضاف:" تحدثت مع إخوتي وابن عمي، ووافقوني الرأي لاختلاف الفكرة وغرابتها، فكونّا فريقنا، ولدينا خطط مستقبلية بتوسعة عملنا لنطاق أكبر".


الفريق الذي يرتدى قبعات سوداء اللون وقمصاناً بيضاء تحمل شعار "بائع الورد"، أكد أن الفكرة الأساسية من المشروع هي بيع سلعة غير مألوفة لدى سكان القطاع وجذبهم لشيء لم يعتادوا على شرائه من باعة متجولين، مشيرين إلى أن استخدامهم للدراجات الهوائية هو لكسر الروتين فهي حركة باتت تختفي من القطاع عقب ظهور الدراجات النارية.

ووفق احصائيات رسمية لوزارة التربية والتعليم، فإن جامعات قطاع غزة تخرج سنويا ما يفوق 30 ألف طالب وطالبة، وتبلغ نسبة العاملين منهم 20%، بينما العاطلين عن العمل، تصل إلى 75%.

وبحسب منظمة العمل الدولية فإن معدل البطالة في قطاع غزة وصل إلى 43%، في حين تقدر أعداد الخريجين في فلسطين 357 ألف خريج بواقع 202 ألف خريج بالقطاع غزة ونحو 155.5 ألف في الضفة الغربية.

وتعد هذه المعدلات قياسية على مستوى العالم بالنظر إلى المنطقة الجغرافية وعدد السكان وذلك نتيجة للحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007.

وتابع بائع الورد :" الفكرة نالت ترحاب واسع من المارة، نرى الفرح على وجوهم عندما يرون الورود، وهذا جميل، ومسؤوليتنا الاجتماعية تحتم علينا التفكير في مجتمعنا وليس في الجانب المادي فقط، فهنا أناس غاضبون، وأثقلتهم ظروف الحياة الاقتصادية والنفسية الصعبة”

ويطمح الترك إلى توسيع نشاطه ليرسم البسمة على وجوه مواطنين غزة، مشجعاُ الشباب لإطلاق مشاريع خاصة بهم، بعيداً عن الاتكالية وانتظار فرص العمل الحكومية، في ظل ندرتها في قطاع غزة بفعل الظروف السائدة.

ويضيف " هناك مشاريع كثير قائمة لكن لا دعم لها، لذا على الشباب أن يشقّوا طريقهم بمشاريع ومبادرات فردية، وألاّ يستسلموا لطريق اليأس".

هذا وكان قطاع غزة يصدر نحو 5 مليون زهرة، إلى أوروبا، قبل أن يتوقف عن ذلك عام 2014، لامتناع العديد من المزارعين عن زراعته، جراء تضرر إنتاجه بفعل الحصار، وغياب الدعم اللازم لأصحاب مزارع الورود، وفق تحسين السقا، مدير دائرة التسويق بوزارة الزراعة بغزة.

 

 

 

المصدر : نبأ برس