يسابق الاتحاد الأوروبي بمختلف مؤسساته الزمن لتدارك تداعيات انسحاب بريطانيا من عضويته، فالأمر لا يقتصر على الآثار الاقتصادية بل يتعلق بمستقبل العمل الأوروبي المشترك، تخوفاً من انتقال "عدوى" الرفض البريطاني إلى دول أخرى.

في واقع الحال، بريطانيا لم تعد عضواً في الاتحاد، غير أن ما يربط المملكة المتحدة ببروكسل على مدى عامين وفقاً للبنود الخاصة بالانسحاب، سيكون إجراءات السير قدماً بفك الارتباط بين الجانبين، وهي مهمة لن تكون يسيرة كونها تتعلق بأول حالة انسحاب من الاتحاد الأوروبي.

لكن على ما يبدو أن هناك قناعة أوروبية بأن عملية خروج بريطانيا لا بد أن تجري في ظل معاهدات الاتحاد الأوروبي التي نصت على آلية قانونية تنظم انسحاب أعضائه منه، ولعلّ ما جاء بتصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خير دليل على ذلك، إذ قالت " إنه لن تكون هناك أي مفاوضات مع بريطانيا " حسب الطلب"، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي مصمم على عدم بدء أي عملية تفاوض دون إعلان لندن نيتها الخروج رسميا، مما سيؤدي إلى تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة المنظمة لمثل هذا الوضع غير المسبوق.

في المقابل، فإن مؤيدي الحملة الداعية للخروج يقولون إنهم يريدون التفاوض على العلاقات المستقبلية لبريطانيا مع الاتحاد قبل الانفصال رسميا عنه.

في ظل هذه التناقضات، تكتنف حالة من الغموض مستقبل العلاقة الجديدة بين الطرفين وسط تخبط قانوني وسياسي في قضية لا شبيه لها، إذ أن البرلمان البريطاني ينقسم بنسبة 75% إلى 25% ضد الخروج البريطاني.

معاهدة "لشبونة "

ولكن ما هي المادة 50 من معاهدة لشبونة؟ وما هي شروط الخروج من الاتحاد؟
رغم أن المادة 50 لم تطبق من قبل، غير أن معاهدات الاتحاد الأوروبي نصت على آلية قانونية تنظم انسحاب أعضائه منه، وأدرجتها في "بند الانسحاب" من "المادة 50" في "معاهدة لشبونة" التي وقع عليها قادة الاتحاد الأوروبي في 19 أكتوبر 2007 بالعاصمة البرتغالية لشبونة، ودخلت حيز التنفيذ في 1 ديسمبر 2009.

وبحسب تقرير نشر في موقع "سي أن بي سي " واطلعت عليه العربية.نت، فإن "المادة 50" من معاهدة لشبونة تحدد سبل انسحاب إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل طوعي ومن طرف واحد "وفقا للمتطلبات الدستورية الخاصة بها". وهو حق للأعضاء لا يتطلب استخدامه تقديم أي تبرير له.
وهي تنص على ما يلي:

1- يحق لأي دولة عضو أن تقرر الانسحاب من الاتحاد وفقا للمتطلبات الدستورية الخاصة بها.

2- لانطلاق عملية الخروج، يجب على حكومة الدولة أن تعلن رسميا عن نيتها سحب العضوية وإبلاغ المجلس الأوروبي بذلك، وقبل ذلك يبقى القرار في إطار المناقشات غير رسمية.

وفي ضوء المبادئ التوجيهية التي يقدمها المجلس الأوروبي، يتعين على الاتحاد الاوروبي التفاوض وإبرام "اتفاقية الانسحاب" مع تلك الدولة، التي تحدد الترتيبات لانسحابها، مع مراعاة إطار علاقاتها المستقبلية مع الاتحاد.

وتشمل المفاوضات طرح مسودة اتفاق إلى المجلس الأوروبي الذي يضم جميع زعماء دول الاتحاد الأوروبي البلغ عددها 27 دولة، غير أن الاتفاق يحتاج إلى موافقة ما لا يقل عن 72% من أعضاء المجلس قبل تصديق البرلمان الأوروبي عليه. وبعد عامين، يمكن تمديد فترة المفاوضات فقط في حال وافقت الدول الـ 27 جميعها.

3- تنتهي فاعلية تطبيق المعاهدات الأوروبية على الدولة المعنية منذ تاريخ بدء نفاذ اتفاقية الانسحاب، أو بعد عامين من إبلاغ الاتحاد الأوروبي رسمياً بالانسحاب ما لم يكن المجلس بالاتفاق مع الدولة العضو المعنية قرراً بالإجماع على تمديد هذه الفترة.

4- الجزء الأخير من المادة 50، ينص على أنه يحق لأي عضو سحب عضويته من الاتحاد، أن يعلن انضمامه مجدداً من خلال المادة 49.

وهنا يطرح السؤال نفسه، في حال تم تفعيل المادة "50"، كيف سيكون شكل الشروط والمفاوضات المطلوبة من أجل إنشاء علاقة جديدة بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي؟ وهل يتعين المضي قدماً بطبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية الجديدة منذ توقيع اتفاق الانسحاب؟ أم قبل السير قدماً بالإجراءات الرسمية للانسحاب؟

 

العربية نت