يعد فيكتور غروين مخترع فكرة مولات التسوق الحديثة، لكن رؤيته لها لم تكن كما نراها اليوم. فقد كان تصور غروين لهذه المولات أماكن بمساحات خضراء واسعة، ونوافير، ومياه جارية، ومتاجر لجميع أنواع الخدمات العامة، مثل: البنوك، ومكاتب البريد!
لكن فكرته تحولت بعيدًا عن ذلك، حيث تم استغلال الفكرة بشكل تجاري من قبل المصممين. وعلى الرغم من أن غروين هو أب مولات التسوق في الولايات المتحدة، إلا أنه كره اختراعه وتنصل منه، بل وندم عليه!
تضم مراكز التسوق اليوم الكثير من المتاجر المصطفة إلى جانب بعضها، والكثير من الإعلانات، والمطاعم التي تفوح منها رائحة الأطعمة، عدا عن صراخ الأطفال الذين يلهون في حديقة الترفيه. بالطبع لم يكن هذا ما أراده المخترع غروين. فالتشابه الوحيد بين ما أراده، ومولات اليوم أن جميع الأشياء والخدمات يجمعها مكان واحد وموحد.
غروين من أصول نمساوية، قرر هو وزوجته الهجرة إلى الولايات المتحدة عام 1938، حيث جاءت فكرة مولات التسوق. وأول مول تم بناؤه كان في ديترويت حيث كان ممتدًا على رقعة واسعة من الأرض، وكان في الهواء الطلق بمساحات خضراء كبيرة. مشروع غروين الثاني كان في مينيابوليس، حيث كان أول من يعمل على مول تسوق من طابقين تربطه سلالم وممرات.
شمل المول حديقة خضراء واسعة، مضاءة بكوة عملاقة من الأعلى. كما ضم حدائق بطيور، وأشجار، وبحيرات سمكية، وجدران من النباتات، كما كانت هناك الأعمال الفنية، والنوافير، والمياه الجارية.
رأى غروين أن الكثير من الأراضي قد تحولت إلى مساحات تجارية قبيحة، ورأى بمولات التسوق تجمعًا كبيرًا لن يقدم للمستهلكين كل ما يريدونه فقط، لكنه سيوقف الامتداد التجاري الذي كان يلتهم الكثير من مساحات الأراضي في الولايات المتحدة.
وأراد أن تكون مولات التسوق مكانًا للتواصل الاجتماعي، فيلتقي الناس مع بعضهم ويتناولون الغداء، ويشربون القهوة ويشاهدون الطيور. فقد كانت الفكرة لديه ثقافية جمالية أكثر من كونها تجارية. في البداية كانت مولات التسوق كما كان غروين يريد، لكن في نهاية الستينيات تحولت وتغيرت إلى ما نعرفه ونشاهده اليوم.
وكانت النتيجة، أن غروين كره فكرته واختراعه، وقد كتب الكثير عن ذلك، فاستغل كل فرصة متاحة ليتنصل من فكرة تلك المولات. وقد كتب “أرفض أن أنفق الأموال على تلك التطورات البغيضة، لقد دمروا مدننا”.
وكانت مولات التسوق المكان الذي نشأت منه فكرة متاجر التجزئة العملاقة. وربما كانت لغروين وجهة نظر فيما يقوله، فأنت تذهب للمول لتشتري شيئًا محددًا، فتجد نفسك محاطًا بأشياء كثيرة أخرى، حتى أنك تنسى السبب الذى أتى بك أو الغرض الذي تحتاجه، فتبدأ بالتسوق من أجل التسوق فقط!
وكالات