الحق في المدينة
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.04(3.70%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.27(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.85(3.66%)   ARKAAN: 1.29(0.00%)   AZIZA: 2.84(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.70(1.07%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.53( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.75(%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.78(1.27%)   PADICO: 1.00(0.99%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.90(0.26%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.06(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(0.00%)   TPIC: 1.95(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(%)  
12:00 صباحاً 14 كانون الثاني 2015

الحق في المدينة

بقلم: فضل سليمان
وماذا بعد؟ ما العمل عندما نرى أمام أعيننا مدننا تتحول إلى سلع بالإمكان المتاجرة بكل مقوماتها، بما فيها سكانها؟ ما الحل عندما تقاس أهمية الأرض ومقدارها فقط بالسعر الذي بإمكانها كسبه في الأسواق العقارية، وحين يتحول الحي إلى مجرد حفنة من العمارات والدكاكين التي تُشيَّد للربح السريع على حطام البيوت التاريخية؟ وحين يتحول أغلب سكان المدينة إلى رحالة مهمشين، غير مسموح لهم بإرساء أي جذور في المدينة، حيث تصبح المدينة غريبة وموحشة حتى على مَن سكنها طيلة حياته؟
" ان للناس الحق في الاستمتاع الكامل بكل أرجاء المدينة والأماكن العامة فيها على أساس مبادئ الاستدامة، والعدالة الاجتماعية، واحترام كافة الثقافات والموازنة بين كافة الثقافات الريفية والثقافات الحضرية. وممارسة الحق في الاستمتاع بالمدينة تقوم على أساس الإدارة الديمقراطية للمدينة، وذلك فيما يتعلق بالوظيفة البيئية والاجتماعية للمدينة وللممتلكات وللمدينة نفسها والممارسة الكاملة للمواطنة". المادة (31) من دستور جمهورية الأكوادور، 2008
 
ما هو مبدأ الحق في المدينة؟
 
يعتبر مبدأ الحق في المدينة هدف من الأهداف السامية. وهو أن المدينة من حق كل شخص وتنتمي لكل شخص، وأن لكل شخص الحق في أن يقول رأيه في أي شأن من شئون المدينة التي تخصه، وتصوره بالنسبة لكيفية صنع قرار وخلق مستقبل المدينة ليلبي احتياجاتهم وطموحاتهم. يتعلق الأمر كله بالعدالة الاجتماعية. 
الحق في المدينة"، طوّره المفكّر الفرنسي هنري ليفيفر، هو دعوة لإعادة بناء السياقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتعلقة بالمدينة. وإعادة بناء موازين وعلاقات القوة التي تعبر مدماكًا أساسيًا لخلق الحيّز المديني، عن طريق تحويل القوّة والسيطرة من رأس المال والدولة إلى السكان المدينيين.
 
ان استرجاع الحق هذا يتطلب عملاً جماعياً وتضامناً بين كافة المواطنين من أجل إدراكه. فإذا ما حازت سيدة ما – على سبيل المثال – على كافة حقوقها الشخصية الكاملة، ولم تنل جارتها نفس حقوقها، أو كانت في وضع أسوأ منها، فإن من حازت حقوقها تلك تكون قد حازت عليها على حساب جارتها، وإن الحق في المدينة لم يتم تحقيقه في هذا الصدد، ويتطلب هذا الحق عملاً جماعياً، لأن هذا الحق لا يتم منحه كهبة بواسطة الدولة، لكن يجب أن يتم إدراكه والتمسك به من خلال تفاعل المواطنين.
1.     إنه حق جميع المواطنين أن يشاركوا في كافة مراحل التخطيط وصناعة القرار التي تؤثر على البيئة المحيطة بهم في حياتهم،
2.     إنه حق المواطنين في استخدام الأماكن الحضرية لأقصى ما يمكن وبكل إمكانياتها في كل أغراض الحياة من لهو أو عمل أو غير ذلك.
3.     يعتبر غياب أو إهمال صوت أي مواطن من أن يكون عنصراً فعالاً في تشكيل مستقبل المدينة تقصيراً في الحق بالاستمتاع المثالي بالمدينة.
 
من يملك المدينة؟
 
يتعلق الحق في المدينة بالملكية أيضاً. ويتنافى مع الميل الطبيعي لليبرالية الجديدة من تحويل المدينة إلى سلعة تجارية وإضفاء الصبغة الدستورية على التمييز المكاني والإقصاء الاجتماعي للبشر. ويقر هذا المبدأ أيضاً بأن الاستخدام الخاص للملكية له آثار اجتماعية، وإن كافة الممتلكات لها وظائف اجتماعية محددة، وتعطي أولوية لما هو أكثر عدالة من الناحية الاجتماعية، وأن الاستخدام المستدام بيئياً للأماكن الحضرية يفوق الحقوق الفردية للملكيات.
 
إن الحق في المدينة يتعلق بالكرامة. إنه يمثل حق وإمكانية جميع البشر الأثرياء، والفقراء، والطبقة الوسطى، والمعدمين، وواضعي اليد، والجماعات الأقلية في أن يعيشوا جميعاً في كرامة وشعور بالفخر، حيث يتم الاعتراف بهم والإقرار بأنهم عنصر حيوي لنجاح المدينة، عوضاً عن اعتبارهم مشكلة يجب أن يتم تناول أوضاعهم وإيجاد حلول لها. إن الأمر يتعلق بالمدينة التي يجب أن يتم فيها توزيع عادل للموارد العامة مثل الأرض، والصحة، والتعليم، والإسكان.
ويتعلق الحق في المدينة بحق السكان في حرية الوصول إلى مواردها العامة. إنه حق جميع الأشخاص في استخدام ليس فقط ما هو موجود بالفعل، ولكن الحق في الاشتراك في تحديد وخلق مستقبل المدينة في التطوير من أجل إشباع حاجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم نحو الأفضل. إنه حق المواطنين في تطبيق الشفافية وحق مسائلة الحكومة والحق في الوصول إلى المعلومات العامة. إنه الالتزام القاطع من الدولة بالانصياع للإرادة الجماعية للناس، بدلاً من العمل فقط لصالح النخبة الخاصة أو النخبة المستثمرة او اصحاب رؤوس الاموال.
الحق في المدينة حق شامل. يتنافى مع المنهج التقليدي للإدارة الحضرية للمدينة، الذي يفترض استقلالية التحديات الحضرية، وحل كل منها بمعزل عن الآخر. الحق في المدينة هو إطار متكامل يجمع كافة الجهات الفاعلة والتي تؤثر في الأماكن الحضرية العامة:
المعدمون يطلبون الأرض؛ والمشردون يطلبون المأوى؛ كما أن العاطلين عن العمل يطلبون وظائف ملائمة تلبي متطلبات معينة؛ كما أن المبدعين يطلبون حرية الإبداع؛ وذوي الاحتياجات الخاصة يطالبون بالتوائم مع احتياجاتهم؛ وجميعهم يطلبون أن يسود الجمال بيئتهم، وحق الوصول والاستمتاع بجمال الطبيعة وبالخدمات الصحية.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن هذه المطالب ليست منفصلة عن بعضها البعض في النظرة الموحدة – فهي بالضرورة مرتبطة ببعضها البعض، ليس فقط في الرؤية للمدينة والتي يتم /يمكن أن يتم تقديمها لهم، ولكن أيضاً في التحليل عن التساؤل:
لماذا هذه الحقوق ليست موجودة في الوقت الحالي، وما هي القوى التي تعرقل إدراكها أو الوصول إليها، وعن ما هي القوى، والمجموعات، والأفراد الذين لهم مصالح مشتركة في تحقيق أهدافهم الخاصة.
 
كيف هو واقع مدننا ؟
 
انها تقوم بترك قطاع عريض من سكانها بنقص في كثير من احتياجاتهم الأساسية، في أوضاع صحية سيئة وبدون رعاية طبية مناسبة، وفي بيئة ملوثة تحيط بهم،  مدن مزدحمة، وأحياء لا تنعم بالأمن والطمأنينة، وخاضعين فيها لسيطرة واستغلال القوى الاقتصادية، وتكرار المخالفات في الابنية والتراخيص تتعلق بـ " ارتدادات المباني والاعتداء على الشوارع والملكيات العامة، وتحويل مواقف السيارات لاستعمالات اخرى او الغائها تماما، وعدم الالتزام ببنود القانون التي تتحدث عن الالتزام بالمساحات الخضراء ، اضافة لمخالفات في عدد الطوابق و شروط البناء."
 
من أين نبدأ؟
 
يتطلب تفعيل مبدأ الحق في المدينة مؤسسات حقيقية، وأنماط، وممارسات على كافة مستويات الحكومة الإدارية ومن خلال منظمات المجتمع المدني. وتكون الديمقراطية الانتخابية هي البداية، لكن الأمر يجب أن يمتد لأبعد من ذلك. يدعو مبدأ الحق في المدينة إلى الممارسة المباشرة والاندماج الكامل والمستمر للمواطنين في مجابهة التحديات المشتركة.

ويتعزز مبدأ الحق في المدينة عندما تقوم جماعات من المواطنين بتقديم طلبات إلى المسئولين المحليين ويعملون مع الحكومة، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص من أجل حل المشاكل بشكل جماعي وبصفة شاملة، تشكيل لجان محلية ولجان شعبية للتنسيق فيما بينهم، والتعبير عن احتياجاتهم الخاصة والتحديات التي تواجههم. بتنظيم وحشد ورفع مطالبهم للحكومة وللمجالس البلدية، إن ما تحتاج إليه هذه الصورة هو إطار كامل يقوم بتوحيد هذه الجهود، وراية واحدة يتحدون تحتها، ورؤية شاملة تعتمد مبدأ الحق في المدينة . 

Loading...