فجأة وتحت وطأة الحصار المستمر منذ عشرة سنوات، فرضت كثير من الظواهر الاقتصادية نفسها، وليس الاتجاه إلى افتتاح المولات التجارية الكبيرة سوى مرآة تظهر هذا الاضطراب غير المنطقي ، ففي شهر رمضان مثلاً، اضطر البقال أبو علي أبو حجر لإرجاع جميع الحاجيات الرمضانية للتجار، بسبب تكدسها في محله دون قدرته على تسويقها للمواطنين.

أبو علي يرى في محله الصغير سمكة ابتلعتها الحيتان التجارية الكبيرة، إذ أن حالة الكساد التي أصابت بقالته مع قدوم الشهر الفضيل تعود لكثرة المولات في قطاع غزة والتي تقدم عروض أسعار تغري المستهلكين وتدفعهم للشراء منهم.

ولفت إلى أنه لم يحدث خلال المواسم الماضية، أن تتكدس البضائع في دكانه الصغير، وهو ما أصابه بخيبة أمل كبيرة .

من وجهة نظر تجارية فإن الاتجاه للاستثمار بالمحال التجارية الكبيرة التي تحاكي ما هو موجود في الدول الاستثمارية المتقدمة هو انعدام المواد الخام وتوقف دخول الماكينات الصناعية ، ذلك ما دفع المستثمرين للبحث عن المشاريع الخدماتية، التي تلجأ لعروض الأسعار المستمرة على السلع للمنافسة في جذب المستهلكين وبيع البضائع.

أما البائع أبو إبراهيم وادي، فلم يشترِ حاجيات رمضان، لإدراكه باستقطاب المولات للمواطنين بسبب المزايا التي يقدمونها.

وقال وادي إن المولات تبيع البضاعة بأسعار أرخص قليلا عن البقالات الصغيرة، مشيرا إلى أنهم لا يقوون على بيعها بهذا السعر، كما أن المستهلك يجد متعة في الشراء من المولات ذات الحجم الكبير والمنظر الجميل.

وأوضح أن ما يميز المولات أيضا، تنوع الأنواع المعروضة للصنف الواحد، حيث تجدها تبيع جميع الأصناف والأشكال التي تضع المشتري أمام خيارات كبيرة.

بدوره، أكد المواطن فادي خليل الذي يعيل أسرة مكونة من 9 أفراد، أنه يحبّذ الشراء من المولات على البقالات الصغيرة لاعتبارات عدة، تتمثل في رخص الأسعار وتعدد المنتجات.

وقال فادي وهو يشتري حاجيات رمضان من أحد المولات في مدينة غزة: "الأوضاع الاقتصادية الصعبة تحتّم على رب الأسرة البحث عن الأسعار الأرخص والحجم الأكبر وهو ما نجده بالمولات".

ويرى في انتشار المولات أمرا جيدا للمستهلك، بسبب المضاربات التي يتنافس عليها أصحاب المولات والتي تصب في مصلحة المشتري دائما.

من جهته، قال هاني أبو زيد –صاحب مول مترو- الواقع في مدينة غزة إن المولات تلجا لعروض الأسعار بسبب حالة الكساد التي تخيّم على السوق الغزّي بسبب الحصار.

وأوضح  أن عروض الأسعار تقلل من هامش الربح والذي يكاد يكون معدوما، إلا أنها تبيع البضائع بشكل أكبر وهو ما يشجّع من استمرارها.

ولفت إلى أن حركة التسوق لرمضان كانت طبيعية، ولم ترتقِ لمستوى الحركة النشطة بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع.

نبأ برس