قضاء الوقت مع العائلة، يجعل العمال أكثر سعادة وكفاءة بصفة عامة كما تظهر الكثير من الدراسات، وبالتالي ساعات عمل أقل لا تعني انتاجية أقل للموظفين، بناء عليه لا يجوز اعتبار شهر رمضان شهر الكفاءة والانتاجية الاقل، بل ربما تعود ساعات العمل الاقل بالفائدة على الموظف والشركة.
يمكن أن يقلل التشتت أثناء العمل، وخاصةً خلال شهر الصوم، إنتاجية الموظفين 40% أو ربما أكثر.
تقليل أوقات العمل
وعليه، أكد تقرير لشركة “أوكسفورد” للاستشارات الاستراتيجية، أن العمل لأسابيع أقل، يمكن أن يعمل على زيادة سعادة الموظفين ومشاركتهم على المدى البعيد.
ونبّه التقرير إلى أن أسابيع العمل الأقل خلال رمضان، ربما تعود بالنفع على أرباب العمل في شكل إنتاجية أفضل وأكثر للموظفين على مدار السنة، وعلاوة على ذلك، فإن مشاركة الموظفين والتزام الفريق يمكن تعزيزه بوساطة البيئة الأقل إلحاحاً وغير الرسمية التي يوفرها شهر الصوم والأحداث المرتبطة به، وفق صحيفة “الاتحاد”.
ودعت “أوكسفورد” الشركات إلى عدم الاعتقاد بأن رمضان يعد بمثابة فترة غير منتجة للشركات، منوهةً بعدم صحة الاعتقاد بأن الشهر الفضيل يتسبب في انخفاض الأداء، والعمل لساعات أقل، وفقدان الفعالية الإنتاجية بصفة عامة.
تبني التغيير وتحسين الكفاءات
ونصح التقرير قادة الأعمال أن يستمدوا القيمة من رمضان المبارك عبر التركيز على تحسين الكفاءات، والاستفادة من الأنشطة غير الرسمية لزيادة المشاركة، وتبني التغيير من أجل زيادة الإبداع والابتكار داخل المؤسسة.
وأكد التقرير أنه ليس بالضرورة أن تُترجم ساعات العمل الكثيرة إلى زيادة الإنتاجية، مسترشداً بتجربة اليابان، حيث تم تخفيض ساعات العمل باستمرار منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، ومع ذلك استمرت إنتاجية الشركات والعمال في الارتفاع خلال هذه الفترة.
وفي بريطانيا، عندما اضطرت الشركات إلى العمل ثلاثة أيام في الأسبوع بسبب إضراب عمال المناجم خلال سبعينيات القرن الماضي، وجد الخبراء أن الإنتاج لم ينخفض سوى بنسبة 6%.
وتشير معظم الدراسات إلى انخفاض الإنتاجية بشكل كبير بعد 8 ساعات من العمل، وتتحقق النسبة الأكبر من الإنتاجية ما بين ساعتين إلى 6 ساعات من العمل، حيث توصل العاملون في المكاتب إلى أنهم يكونون عرضة بشكل خاص لتدهور الأداء بعد 6 ساعات مفيدة من العمل يومياً، مقارنة بعدد 8 ساعات للوظائف التي تعتمد على الجانب اليدوي بدرجة أكبر.
وطالبت “أوكسفورد” بالتركيز على تحسين فعالية ساعات العمل، خصوصاً أن ما يبدو أنه مكسب على المدى القريب لدى الأشخاص الذين يعملون بما يتجاوز طاقاتهم في الأماكن التي يكونون فاعلين فيها حقاً، يمكن أن يقابله مشكلات على المدى البعيد، كاستنفاد طاقات الموظفين، ووقوع الأخطاء، ووجود مشكلات في الاحتفاظ بالموظفين وتعيينهم، إضافة إلى تضاؤل العائدات الإنتاجية بدرجة كبيرة.
ضعف الإنتاجية مرتبط بالإدارة
وأوضح بروفيسور وليام سكوت جاكسون، رئيس مجلس إدارة الشركة، والخبير في الموارد البشرية، أن مشكلة ضعف الإنتاجية خلال رمضان مرتبطة بالقيادة والإدارة في المقام الأول، خاصة أن القادة الممتازين يساعدون فريق العمل بكل فعالية وسعادة لتحقيق الاستفادة القصوى من كل ساعة يعملونها.
واقترح جاكسون أن يستفيد أرباب العمل من بيئة العمل غير الرسمية لرمضان في بناء الفريق وعقد ورش العمل لتبادل الأفكار حول الإفطار وغيرها من المناسبات الاجتماعية، لافتاً إلى أن كسر رتابة الروتين يمكن أن يساعد في تشكيل الأفكار الجديدة داخل الشركات، وكذلك يبني روابط أقوى بين الموظفين.
تطبيق أخلاقيات رمضان في العمل
ومن جهة أخرى، يساعد شهر الصوم الناس على تقديم أفضل ما لديهم في حياتهم الشخصية والمهنية على حد سواء، وبالنسبة للمهنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فرمضان يعني تطبيق أخلاقيات الشهر الفضيل في المنزل والعمل على حد سواء.
وفي #استطلاع “بيت.كوم” حول (رمضان في مكان العمل في منطقة الشرق الأوسط)، أعرب 63.5% عن اعتقادهم بأن الشهر الفضيل يرفع معنوياتهم، ويقول 86.8% منهم أنه أحد الأشهر المفضلة لديهم في السنة، بحسب صحيفة “البيان”.
وأشار 53.7% إلى أنهم يتواصلون بشكل أكبر مع زملائهم في العمل خلال رمضان، وتماشياً مع الروح الإيجابية التي يبعثها الشهر الفضيل بنفوس المهنيين في العمل، وصرّح 56.3% من المشاركين أن هناك زيادة ملحوظة في عدد الأنشطة الخيرية التي تقوم بها شركتهم في رمضان.
واختلفت آراء المشاركين بالمنطقة حول إجازات العمل خلال الشهر الفضيل، حيث قال 53.7% أنهم لا يأخذون إجازات خلال هذا الشهر، في حين أشار 46.3% إلى أنهم يقومون بذلك أحياناً، وعلى نحو مشابه، اختار 56.9% السفر خلال عطلة العيد، في حين أشار 43.1% منهم إلى عكس ذلك.
وبلا شك تنعكس مشاعر الخير والرحمة التي تنتشر خلال الشهر الكريم على حياة المهنيين الشخصية أيضاً، حيث قال غالبية المجيبين (96.1%) أنهم يستغلونه ليصبحوا أشخاصاً أفضل، وأشار 94.9% إلى أنهم يكرسون شخصياً المزيد من الوقت للأعمال الخيرية خلال شهر الصوم.
وإضافة إلى ذلك، أوضح أكثر من ثمانية من أصل عشرة مشاركين (81.1%) في المنطقة، أنهم يقضون وقتاً أكبر مع عائلاتهم وأصدقائهم خلال رمضان، كما قال 83.1% إنهم يتبعون عادات أكثر صحة خلال هذا الشهر.
ومن الواضح أيضاً أن لشهر رمضان المبارك عدة تأثيرات إيجابية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يساهم في رفع معنويات الأشخاص ويبعث فيهم روح الكرم والعطاء، ويمكن رؤية هذه الإيجابيات بشكل واضح في بيئة العمل.
وشدد نائب الرئيس لحلول التوظيف في “بيت.كوم”، سهيل المصري، على ضرورة أن يتمتع أصحاب العمل والموظفون والباحثون عن وظائف على حد سواء، برؤية واضحة لما يمكن توقعه خلال هذه الفترة من العام.
ونوّه بأنه يمكن للشركات الاستفادة من ارتفاع معنويات الموظفين في رمضان، لتعزيز مستويات ولاء الموظفين والتزامهم، والاحتفاظ بأفضل الكفاءات لديهم.
حقائق عن التوظيف وأحوال الموظفين في رمضان
نوهت الدراسات، إلى أن 58.8% من أصحاب الشركات والمؤسسات الخاصة، يعانون زيادة معدل تغيب الموظفين في شركاتهم خلال رمضان.
وشكا 79.5% من الشركات الخاصة انخفاض مستوى إنتاجية موظفيهم خلال شهر الصوم، فيما أكد 42.2% من أصحاب الشركات أن الإقبال على التوظيف في شركاتهم يشهد تراجعاً خلال رمضان.
ويرى 16.1% أن التوظيف يتحسن، وأفاد 41.8% من الشركات أن طلبات الوظائف لم تشهد أي تغيير حتى الآن.
واعتبر 81.9% من الموظفين أن رمضان شهراً مخصصاً للروحانيات والأعمال الصالحة، و7.1% يرونه شهراً للإبداع وإنجاز مهام العمل.
ويعتقد 4% من الموظفين، أن رمضان فرصة للراحة نظراً لقلة مهام العمل، و3.6% ينظرون إلى رمضان كشهر مخصص للمتعة وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
وكالات