أكد مختصون على ضرورة إعادة تأهيل المؤسسات الاقتصادية العاملة في قطاع غزة لإنجاح أي مبادرات أو جهود تهدف إلى انعاش الواقع الاقتصادي، وذلك خلال توفير برامج تمويل أو منح لتنفيذ خطة تطوير لكل مؤسسة، وإعادة البناء على أساس مهني، ومحاربة الفساد بكافة أنواعه، وفتح آفاق تعاون على مختلف المستويات المحلية والدولية.
وشددوا في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" على الدور السلبي للانقسام السياسي والحصار الإسرائيلي في بعثرة الجهود الهادفة لتحسين الواقع المعاش في الأراضي الفلسطينية، وغزة على وجه الخصوص.
قاعدة
وفقاً لنتائج المسح الاقتصادي الذي صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عام 2014، فإن عدد المؤسسات العاملة ضمن الأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص والأهلي في الأراضي الفلسطينية- باستثناء نشاط الزراعة- بلغ ( 130,747) مؤسسة.
وتتوزع هذه المؤسسات بنسبة (58,7% ) في أنشطة التجارة الداخلية، في حين تشكل المؤسسات العاملة في أنشطة الخدمات (26,7 %)، أما المؤسسات العاملة في أنشطة الصناعة فقد شكلت ما نسبته (13,5%) من إجمالي عدد المؤسسات، بينما شكلت المؤسسات العاملة في أنشطة النقل والتخزين ما نسبته (0,7 %) من إجمالي عدد المؤسسات، فيما شكلت أنشطة المعلومات والاتصالات ( 0,5 %) في حين أن نسبة المؤسسات العاملة في أنشطة الإنشاءات بلغت (0,5%).
ويجيب أستاذ الاقتصاد المشارك د.سعيد لبد على سؤال صحيفة "فلسطين"، هل تمتلك المؤسسات الاقتصادية في قطاع غزة قاعدة صلبة لتقبل أي مبادرة إنعاش بالقول: "إن ذلك يتوقف على عدة أمور، منها طبيعة مبادرة الإنعاش التي سيتم تقديمها، سياسة وأداء المؤسسات من حيث الخبرات والتجارب المتوفرة لها والانجازات السابقة، طبيعة القائمين على المؤسسة، فهل لديهم المؤهلات والخبرات والتخصصات التي تمكنهم من القيام بمهامهم بكفاءة وفعالية أم هم موجودون بحكم الواقع ومفروضين على المؤسسة لاعتبارات غير مهنية؟".
وأضاف إلى ذلك "ظروف الانقسام والاحتلال التي أثبتت التجارب أنها أخطر العوامل على التنمية الشاملة في الاراضي الفلسطينية، بل هي عوامل أدت الى تدهور خطير في كافة مجالات الحياة في فلسطين".
وأكد لبد على أن نجاح أي مبادرة أو جهد لإعادة انعاش اقتصاد غزة يتطلب وقف سياسات وممارسات الاحتلال، فك الحصار عن قطاع غزة وحرية تنقل الافراد والسلع والبضائع، إنهاء الانقسام وما يترتب عنه من تداعيات خطيرة، إعادة بناء المؤسسات على أساس مهني وليس حزبي أو جهوي، محاربة الفساد بكافة أنواعه، أيضاً أن تكون المبادرة فيها جزء كبير موجه للمشاريع الإنتاجية وليس للاستهلاكية والتي تكرس التبعية للاحتلال.
أخصائي تقنية المعلومات والاتصالات م. طارق اسليم يرى أن بعض المؤسسات الاقتصادية العاملة في قطاع غزة تمتلك القاعدة الصلبة لتقبل أي مبادرة انعاش اقتصادي في حين أن المعظم بحاجة لإعاده التأهيل نظراً لتغيبها قسراً عن العالم الخارجي، وما تعرضت له خلال سنوات الحصار والحروب المتوالية.
وأوضح اسليم لصحيفة فلسطين "أن إعادة التأهيل تتطلب توفير برامج تمويل غير ربوية أو منح لتنفيذ خطة تطوير لكل مؤسسة اقتصادية، دعم التشغيل طويل الأمد، تسهيل السفر والمشاركة في المعارض والأسواق الخارجية، دعم برامج تدريبية متقدمة حسب حاجة المؤسسات، إعادة النظر في الضرائب المفروضة".
وأكد على أهمية دعم الخطط التطويرية للمؤسسات ماليا، ودعم برامج تسويق إقليمية مثل مساعدة المؤسسات على المشاركة في معارض تطوير أسواق، علاوة على تنفيذ برامج تدريبية متقدمة لموظفي الشركات.
تسهيلات
أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د. نائل موسى يؤكد في حديثه لــ "صحيفة فلسطين" على أن نجاح أي جهد لإعادة إحياء الواقع الاقتصادي بغزة، يتطلب بدرجة أساسية فتح كافة المعابر التي أغلقتها سلطات الاحتلال واستئناف إدخال المواد الخام التي منعت تحت حجج أمنية واهية.
وأشار موسى على أن القطاعات الاقتصادية بغزة أنهكتها سنوات الحصار، وأضحت إزاء ذلك منظومة الاقتصاد في حالة تقويض، وعجلاتها في تراجع إلى الوراء، نجم عن ذلك تسجيل ارتفاع في معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر.
وشدد على ضرورة إعادة تأهيل كافة الأجسام الاقتصادية لجعلها قادرة على التعاطي مع أي مؤثرات خارجية ترمي إلى النهوض بالواقع الاقتصادي في أي فرصة تحين.
وفي السابع عشر من الشهر الحالي أطلقت نخبة من قيادات القطاع الخاص الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، مقترح رؤية وطنية مكانية واقتصادية لمحافظات قطاع غزة بعنوان "غزة.. بوابة فلسطين إلى العالم".
وتهدف الرؤية لإيجاد رؤية سليمة وطنية وشمولية، تقوم على فرضية أنّ غزة حرة ومفتوحة الحدود كجزء من الدولة الفلسطينية المستقلة، وقادرة على التبادل التجاري مع العالم، وأنّه لا يمكن تحقيق رؤية "غزة بوابة فلسطين إلى العالم" إلا إن كانت غزة متصلة مع الضفة الغربية، وذلك كجزء أساسي من الرؤية المستقبلية الشمولية لدولة فلسطين المستقلة. وفي حال تنفيذها على المدى القصير والمتوسط والبعيد، ستدعم الرؤية المكانية المقترحة لمحافظات قطاع غزة جهود معالجة المشاكل الملحّة والآنيّة.
رأس الحربة
من جهته أكد مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة غزة د.ماهر الطباع على أن أي حلول تستهدف انعاش الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة في ظل غياب حلول جذرية للانقسام الفلسطيني الفلسطيني ورفع الحصار سيكون مصيرها الفشل.
وشدد الطباع لصحيفة "فلسطين" على أن المؤسسات الاقتصادية مؤهلة للتجاوب مع البرامج والخطط التي تنفذ من قبل القطاع العام أو الخاص أو على المستوى المحلي أو الخارجي وإن كانت يعتريها بعض الضعف.
وقال: "إن المؤسسات الاقتصادية ستكون رأس الحربة للنهوض بالواقع الاقتصادي في ظل اتاحة المجال لها في وسط الافق السياسي الواضح والانفتاح على الخارج".
وجدد تأكيده على ضرورة ربط المؤسسات الاقتصادية المحلية مع الشريكة في الوطن العربي، وتأهيل الطواقم التنفيذية، ووضع خطط استراتيجية لمرحلة قادمة على كل الاصعدة في اطار التدخلات السريعة.
صحيفة فلسطين