ها أنت تتأمل الصور التي يعرضها زوجك لأصدقائه على صفحته على الفيسبوك، فتطالعك صدفة صورة لك أو نسخة أقل جاذبية عنك. يبدو أن "شخصيتك الحقيقية" قد خُطفت واستُبدلت بشخص آخر من المستوى الثاني. وتتساءل ما الأمر؟ ما الذي يحصل؟ هل أبدو هكذا فعلاً؟
نعم. إنما لا تقلق فثمة تفسير منطقي لشعورك بأن الشخص الذي يحدق فيك غير مؤلوف أبداً حتى وإن كان هذا الشخص هو أنت. أتعلم أنّ هذا البديل عنك الذي يبدو مضحكاً في الصورة جذاب في الواقع أكثر مما تتصوّر؟
إنها المرآة. المرآة هي الجواب عن السؤال عن سبب كرهنا لرؤية صورنا. أنا أخبرك بذلك لأنه ربما الجزء الأقل إثارة للاهتمام في شرح السبب الذي يدفعك للاعتقاد بأن الموجود في الصور يبدو غريباً للغاية. ولعل البعض منكم سمعوا هذا التفسير من قبل. يشرح المصوّر دانكن دايفيد Duncan David على سبيل المثال كيف "أن الإدراك الحسي والمرايا ووادي النفور الخارق للطبيعة تجعلنا نكره صورنا".
كيف ننظر إلى أنفسنا؟ ما هي الخارطة التي نستخدمها لنرى أنفسنا؟ حسن، إنها تختلف عما يمكن لأيّ آلة تصوير أخرى أن تراه: إنها مرآة في الحمام وفي متناول اليد. إنها نظرة شخصية للغاية وأنت الشخص الوحيد في العالم الذي يملك هذه النظرة. وكلما التقط لك أحدهم صورة تجدها لا تتطابق مع (رؤيتك الخاصة، مرآتك).
إذن، إنّنا عندما نرى صورة لأنفسنا تبدو لنا جيدة نسبياً إنما ليس تماماً، فيتملكنا شعور عظيم بالرفض. هل هذه النظرية صحيحة أم لا؟
حسن، يبدو أن أحدهم اختبرها، ويعود ذلك للعام 1977. في دراسة حملت اسم "نظرية صور الوجه المعكوسة والتعرّض المستمر"، برهن الأخصائيون النفسيون Theodore H. Mita, Marshall Dermer, Jeffrey Knoght أنّ "الأشخاص سيفضلون صورة للوجه تتناسب مع صورة المرآة بدلاً من صورتهم الحقيقية." إنما ما هو مثير للاهتمام في الدراسة هو استكشاف السبب الذي يجعلنا نجد صورتنا في المرآة أكثر جاذبية. وكما يوحي عنوان الدراسة يرتبط الأمر بأثر التعرّض المستمر.
ظهر مصطلح "أثر التعرّض المستمر" في الستينات وقد اقترحه الأخصائي النفسي في ستانفورد Robert Zanjoc. وهو، إذا ما أردنا أن نبسّط الأمور، ظاهرة نفسية حيث يزداد لدى الشخص الميل إلى محفّز ما لمجرد تعرّضه المتكرر له (وبالتالي تآلفه معه). تم اثبات هذا التأثير مع عدد كبير من المحفّزات (كلمات، رسومات، أصوات) وفي الحضارات المختلفة. كما رُقب لدى أجناس أخرى.
إذن، عندما يقول شخص ما إن السبب الذي يجعلنا نكره رؤية صورنا هو المرايا فعليك أن تدرك أن اللوم ينبغي أن يقع على أثر التعرّض المستمر. أما الناحية الحسنة لهذا الأثر فهي أنه يعتمد على التجربة الشخصية، وهذا أمر من شأنه أن يريحك في المرة المقبلة حين تتحسّر على مظهرك في صورة ما.
وإن كانت الصورة تجسّدك كالمرآة فسيظن الجميع أنك تبدو غريب الأطوار. تذكّر الباحثين الذين أثبتوا أن الإنسان يميل إلى تفضيل صورة الوجه التي تتناسب مع صورته في المرآة بدلاً من صورته الحقيقية؟ كما اثبتوا أن العكس صحيح عندما تُعرض الصور على أصدقاء الشخص. بمعنى آخر: لا تقلق حتى بهذا الشأن. صورك تبدو رائعة.
وكالات