نابلس- الاقتصادي- أكد عدد خبراء ومسؤولون، أن تقدماً ملموساً قد طرأ خلال السنوات القليلة الماضية على أوضاع الحوكمة في بورصة فلسطين؛ ولكن لا تزال هنالك ضرورة ملحة لتعميق مدى التزام البورصة والشركات المدرجة فيها بمبادئ الحوكمة.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها معهد الحوكمة واستهدفت مناقشة مستوى الحوكمة والأداء في بورصة فلسطين.
واشاد رئيس مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال، الدكتور محمد نصر، في كلمة الافتتاح بأداء البورصة بالرغم من صعوبة الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها فلسطين، مبديا ملاحظته بأن الشركات ومؤسسات القطاع الخاص لم تصل إلى المستوى الكافي من الالتزام بمبادئ الحوكمة.
واستعرض نصر دور هيئة سوق رأس المال في هذا المجال، مشيرا الى ان الهيئة قامت بتشكيل اللجنة الوطنية للحوكمة، والفريق الفني الذي عمل على صياغة مدونة الحوكمة في العام 2009. كما وأنشأت الهيئة قسماً خاصاً بالحوكمة لمتابعة مدى التزام الشركات بهذا الخصوص، وقامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة التمويل الدولية لتصميم بطاقة مؤشرات معتمدة لقياس الحوكمة. واضاف ان الهيئة بدأت فعلاً هذا العام بتوزيع هذا النموذج على الشركات المدرجة في البورصة لاستخدامه في تقييم الحوكمة فيها قبل نهاية الربع الثالث من هذا العام.
بدوره نوَه رئيس مجلس ادارة البورصة، الدكتور فاروق زعيتر، بالإنجازات التي حققها القطاع المالي خلال العشرين عاماً الماضية. وأكد زعيتر بأن التطبيق الفعلي لمبادىء الحوكمة يتطلب التزام أعضاء مجلس إدارة الشركة ومديرها العام بالأخلاق الحسنة والاستقامة، وكذلك تطوير مستوى جيد من التواصل بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، واختيار أعضاء مجلس الإدارة بناءً على معايير موضوعية وأخلاقية.
وطالب زعيتر أيضاً بأن تلتزم الشركات بإعداد التقارير المالية والإدارية بناءً على القواعد المهنية المتعارف عليها. وذكربأن إدارة البورصة لا تستطيع التدخل في التفاصيل المالية والإدارية للشركات، حيث أن هنالك جهات رقابية أخرى مكلفة بهذه المهمة وهي مراقب الشركات وهيئة سوق رأس المال وسلطة النقد.
من جهته، بيّن رئيس اتحاد شركات الوساطة، أحمد العصا، أن هنالك التزاما من قبل البورصة بالكثير من قواعد الحوكمة، ولكن بالمقابل هنالك بعض التساؤلات حول عدد من القضايا الهامة، خاصة ما يتعلق بهيكل الملكية، إذ أن عدد المساهمين في البورصة لا يزال 18 مساهماً فقط، علماً بأن شركة واحدة تمتلك 75% من أسهم البورصة مما أدى لسيطرة هذه الشركة على مجلس إدارتها.
واضاف: "يلاحظ أيضاً بأن الشركة المالكة هي التي عيّنت المدقق الداخلي للبورصة، وهذا يتعارض مع ممارسات الحوكمة الفضلى، كذلك فقد حددت الشركة المالكة سعر سهم البورصة بخمسة دولارات، وهو سعر مبالغ فيه وأدى لضعف شديد في الطلب على السهم".
واضاف العصا، ان البورصة ايضا لم تلتزم بمبدأ الإفصاح عن مزايا ومكافآت الإدارة العليا، حيث ظهر ذلك على شكل رقم تجميعي في التقرير السنوي 2013، وهذا يتناقض مع نظام الإفصاح. ودعا إلى ضرورة أن تعمل إدارة البورصة على توسيع قاعدة المساهمين من خلال تخفيض سعر السهم لكي يصبح قابلاً للتداول، كما وطالب بأن يكون هنالك ممثل لشركات الوساطة في مجلس إدارة البورصة.
وفي كلمته، اشاد أستاذ القانون في جامعة بيرزيت الدكتور محمود دودين بأداء البورصة، والتزامها بالعديد من مبادئ الحوكمة بالمقارنة مع البورصات العربية المحيطة. إلا أنه لاحظ وجود تداخل في الصلاحيات بين كل من البورصة وهيئة سوق رأس المال، موضحا أن هنالك قائمة مخالفات وعقوبات لدى البورصة تختلف عن تلك المعتمدة في الهيئة.
كما أشار دودين إلى أنه من الصعب الحديث عن الحوكمة في البورصة دون أن يكون هنالك نظاما كاملا للحوكمة على مستوى الشركات المدرجة والمستثمرين والهيئة، ولذلك لا بد من إعادة النظر في هيكلية وملكية إدارة البورصة، ولا بد من توسيع قاعدة المساهمين فيها.
وقد اُختتمت الورشة بنقاش مطوّل تركز على ضرورة تفعيل دور المؤسسات الرقابية في تقييم مدى الالتزام الفعلي بمبادئ الحوكمة، وأوصى المشاركون بأن يمارس المجلس التشريعي وديوان الرقابة المالية والإدارية دوراً فاعلاً في هذا المجال.