في تسلسل منهجي لإحكام الحصار على قطاع غزة وخنق سُكانه، أوقفت إسرائيل قبل أسبوعين العمل بالآلية الدولية لإدخال الأسمنت للقطاع الخاص وإعادة الإعمار، ولم تُفلح أي محادثات في إلغاء القرار حتى الآن، بل أضافت بالأمس منعًا تامًا حتى إشعارًا آخر.

 

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس أنه قرر منع إدخال الإسمنت إلى قطاع غزة حتى إشعارًا آخر، وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أن القرار جاء بعد يومٍ واحد من اكتشاف نفقًا لحركة حماس في رفح جنوب قطاع غزة، بما يُشير إلى استخدام الإسمنت لأغراض عسكرية".

 

وفي المقابل أكد مواطنون ومسئولون فلسطينيون في أحاديث منفصلة مع "الحدث"، أن القرار "صفعة" للمشاريع الدولية في القطاع، ويُفاقم معاناة السكان الذين كانوا ينتظرون بأمل كبير إدخال الأسمنت لغير المتضررين ليستكملوا ما بدءوه من أعمال التشييد والبناء.

 

ويؤكد العامل عبد الهادي الحرازين، أنه توقف عن العمل منذ أسبوعين بمقتضى القرار الإسرائيلي بوقف إدخال الإسمنت للقطاع الخاص وإعادة الأعمار، ويقول لـ "الحدث" :"إسرائيل تتعمد تشديد الخناق على غزة وإذلال أهلها والذريعة دومًا أمنية".

 

ويُشير إلى أن الفارق الكبير بأسعار الإسمنت  في السوق السوداء يؤدي بالمواطنين وأصحاب المشاريع، إلى العزوف عن استكمال البناء بانتظار "حلحلة" تقضي بإلغاء قرارات المنع، لافتًا أن سعر طن الإسمنت ارتفع بعد منع إدخال إلى القطاع من (560) شيكل للطن الواحد إلى (650) شيكل، حسب الحرازين.

 

ذرائع..

 

من جانبه يؤكد محمد أبو جبة أحد موردي الإسمنت إلى قطاع غزة، أن الذرائع التي يسوقها الاحتلال الإسرائيلي لمنع إدخال مواد الإعمار وبخاصة الإسمنت إلى قطاع غزة ذرائع كاذبة، يهدف من خلالها خنق سكان القطاع وإبقائهم على قيد المعاناة.

 

وقال:" في البداية وقبل شهر تقريبًا قلص الاحتلال كميات الأسمنت الموردة للقطاع الخاص إلى الثلث تقريبًا دون إبداء أسباب واضحة"، وأضاف أنه بعد أسبوعين أوقف إدخال الإسمنت كليًا للقطاع الخاص وإعادة الإعمار وأبقى إدخاله للمشاريع الدولية ومشاريع اللجنة القطرية لإعادة الإعمار، واليوم مُنع إدخاله بتاتًا إلى قطاع غزة، ما أوقف قطاع الإنشاءات كُليًا في القطاع.

 

توقف المشاريع الدولية

 

بدوره اعتبر د. معين رجب، أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو بمنع إدخال الأسمنت إلى قطاع غزة حتى إشعار آخر، ضربة موجعة للمشاريع الدولية القائمة في القطاع، مؤكدًا لـ"الحدث" أن المواطن العادي وأصحاب المشاريع الاستثمارية لم تكن تشملهم الآلية المعمول بها لإدخال الأسمنت لقطاع غزة وبالتالي المنع سيقضي بتوقف العمل في المشاريع الدولية، وعملية الإعمار التي تيسير أصلًا بخطى السلحفاة.

 

وبيّن د. رجب أن توقف قطاع الإنشاءات في القطاع سيُفاقم معدلات البطالة بين السكان، خاصة في ظل تشغيل هذا القطاع لأكثر من (40) ألف عامل، وقال:"أصبحوا متعطلين عن العمل بصورة شبه كاملة".

 

فيما أشار فريد زقوت، المدير التنفيذي لاتحا الصناعات الإنشائية في القطاع، إلى أن منع إدخال الأسمنت قضى بتوقف 90% من مصانع الباطون الجاهز ومعامل البلاط والطوب، وأن ما يعمل فقط المصانع ذات العلاقة بالمشاريع الدولية التي تُنفذها اللجنة القطرية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" وغيرها، وقال:"بعد القرار الأخير بمنع إدخال الإسمنت حتى إشعار آخر باتت مُهددة".

 

وتُشير تقديرات اقتصادية أن ما تم إدخاله من إسمنت لقطاع الإعمار في غزة يتراوح بين (30%-40%) فقط من احتياجات القطاع للأسمنت.

 

إجراءات سياسية إعلامية

 

من جانبه؛ قلل محمد أبو جيّاب، المختص في الشأن الاقتصادي، من إمكانية تنفيذ قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف إدخال الإسمنت لقطاع غزة،  وقال في منشور على صفحته "فيس بوك" :"إن القرار مجرد إجراءات سياسية إعلامية لن يكون لها نصيب من الواقع العملي الميداني، وأضاف:أن ما يجرى على الأرض هو إعادة صياغة وهيكلة للآلية الدولية بما يعزز مزيد من السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وتوقع أبو جيّاب، أن تعود إسرائيل لإدخال مواد الإعمار مطلع مايو القادم بعد انتهاء الأعياد اليهودية.

 

 

 الحدث