يرقب مربو النحل هذه الايام بفارغ من الصبر قطف العسل الذى يضعه النحل  في براويز مخصصة تتم صناعتها عند النجارين كونها مصنوعة من الخشب، حيث يبدأ النحل بصناعتها بأشكال مختلفة ويعتمد في غذائه الطبيعي على زهور النباتات وأشجار الحمضيات واللوزيات.

ويرتدي مربي النحل رامي مسلم بدلته الواقية من لسعات النحل ويبدأ يومياً يمشي بخطوات هادئة بين خلايا النحل ليتفقد بعضا منها مستمتعا بصوتها الذي يترجمه للغة خاصة بطبيعة الحياة التي يعيشها النحل ولا يفهمها سوى من يربون النحل ويمتلكون الخبرة منذ سنوات وكأنه يرسل له رسالة صديق يعبر فيها عن الحنان والشوق.

ويعمل مسلم في مزرعته التي يربي فيها النحل والتي تقدر بأكثر من 100 خلية والكائنة في شمال غزة والتي تتميز ارضها بكثرة أشجار الحمضيات واللوزيات والكينية ما يساعد النحل على توفر غذائه بشكل طبيعي من الزهور المختلفة خاصة في فصل الربيع الذى يعرف بعسله المميز عن فصل الشتاء.

ويضيف مسلم ان العسل الصافي سعره غال للفئات محدودة الدخل ولا يستطيعون شراءه الا لحاجة العلاج، بينما الفئات مرتفعة الدخل وهي قليلة فيشترون العسل، ولكن يبحثون على العسل الطبيعي خاصة في موسم الربيع كونه مميزا وله طعم ونكهة خاصة.
ويعبر مسلم عن تفاؤله  بزيادة انتاج العسل لهذا العام ما سيساعد بتحسن الظروف الصعبة التي يعاني منها نتيجة ارتفاع نسبة البطالة والظروف الاقتصادية في القطاع كونه يعتمد بشكل اساسي على دخله من بيع العسل.

ويصف ابراهيم المصري مربي النحل -والذى يمتلك 70 خلية تقع في منطقة عزبة بيت حانون  شمال غزة- العمل مع النحل بأنه ممتع وشاق رغم صعوبة عمله وخطورته الا انه يحتاج الى خبرة في التعامل معه.
ويؤكد ان طبيعة المكان تساعده على استنشاق الهواء الطلق المعبر بروائح الزهور المختلفة الالوان والروائح مما تجعله يشعر براحة النفس والقلب من خلال جلوسه تحت أشجار اللوزيات ذات المنظر الخلاب والرائع.

وتبدو ملامح السعادة وحبه لعمله ظاهرة على وجه المصري الذى يدير عمله بطرق سليمة للمحافظة على سلامة الطعم الطبيعي للعسل مما يكسبه زيادة في الانتاج والبيع  كونه يوفر له مصدر دخل يمكنه من توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته في ظل الظروف المعيشية الصعبة في القطاع. مؤكدا ان العسل مفيد جداً للصغار والكبار.

ويوضح المصري أن العسل يستخدم لعلاج الكثير من الامراض بالإضافة الى التعلم من النحل فهو يمتلك الكثير من الميزات يجهلها من لم يتعامل معه، فيمكن  للبشر الاستفادة من النحل مثلاً: فهو يقوم بالعمل بنظام، ويعمل على حماية بيوته وتحصينها من أي كائن يحاول اختراقها حتى في حاله وجود كائن حشري يتم القضاء عليه داخل البيت الذى يعمل به النحل ويغطي بالشمع حفاظا على سلامة العسل من الروائح الكريهة التي قد تخرج من الحشرات عند القضاء عليها، فالنحل له اسرار عديدة في عمله ونبقي نحن المربين للنحل نجهل الكثير من أعماله ولكن مع الوقت نكسب الخبرات.

يقول المصري: إن إنتاج العسل في قطاع غزة لموسم الربيع الحالي يبشر بموسم مميز وزيادة في الانتاج أفضل من العام الماضي، وذلك بسبب تساقط الامطار بكميات كبيرة لهذا العام مما ساعد على كثرة الزهور التي يعتمد عليها النحل كغذاء رئيسي في فصل الربيع خاصة شهر نيسان  لتوفر  زهور النباتات الطبيعية وزهور أشجار الحمضيات واللوزيات.
لافتاً: ان العسل يقطف في موسمين من كل عام حيث يبدأ: قطف الموسم الاول في فصل الربيع وهو الافضل من حيث الجودة والوفرة كون النحل يتغذى على النباتات والزهور، ويبدأ الموسم الثاني في فصل الصيف ويتغذى النحل في الغالب على السكر.

توقعات لهذا العام بزيادة إنتاج العسل في القطاع
ومن جانبه توقع م. طاهر أبو حمد مدير دائرة الإنتاج الحيواني والمناحل في وزارة الزراعة بغزة   زيادة انتاج العسل في مناحل غزة لهذا الموسم عن العام الماضي بسبب هطول الامطار على القطاع، وأكد أن موسم العسل لهذا الموسم سيشهد زيادة في الانتاج، وزيادة أعداد المناحل.
وقال أبو حمد: إن موسم جني العسل يبدأ بعد منتصف شهر نيسان حتى الأول من أيار، متوقعاً بأن تكون هناك زيادة في انتاج العسل وقد يفوق لـ 220 طنا"، مشيرا إلى أن العام الماضي كان الانتاج من 180 إلى 200 طن.
ويقول زيادة الانتاج في العسل يعود إلى زيادة كمية الامطار التي هطلت على القطاع خلال فصل الشتاء، مضيفا إلى أن معظم مربي النحل قاموا بإصلاح خلاياهم التي تضررت في العدوان الاسرائيلي الأخير في صيف 2014.

20 الف خلية في القطاع يمتلكها نحو 9000مرب
ويؤكد أبو حمد أن عدد خلايا النحل في القطاع يقدر بنحو 20 ألف خلية نحل لهذا العام يمتلكها 9000 مربي، مشيرا إلى أن العام الماضي كانت اعداد الخلايا 17 الف خلية.
وتابع: "إن زيادة انتاج العسل لهذا العام قد يصل لــ 13 كيلو من العسل للخلية الواحدة بينما العام الماضي وصل انتاج الخلية لــ 10 كيلو".
 

حاجة القطاع من العسل:
يستهلك قطاع غزة من العسل سابقا من 400 إلى 500 طن سنويا لكن نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون في القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي وانخفاض مستوى الدخل أدى الى انخفاض مستوى شراء العسل وأصبح القطاع يستهلك قرابة الــ 250 طنا من العسل.
واشار أبو حمد إلى ان العجز في العسل يتم سد الفجوة  باستيراد التجار من الخارج موضحا ان جودة العسل في القطاع جيدة.
تتواجد معظم مناحل العسل قريبة من الحدود الشرقية للقطاع ويشتهر عسل المنطقة الشمالية من القطاع بالعسل المميز لكثرة اشجار الحمضيات واللوزيات.

الحياة الجديدة