نابلس-رام الله- الاقتصادي- وفاء الحج علي- فتحية ربحي، كانت عائدة لبيتها في نابلس بعد قضائها يومها في جنين، وفي الطريق، وأثناء عودتها، لاحظت بسطات فرشت بالخضرة والألوان، فواكه وخضار تنادي كل من يراها بألوانها وروائحها الزكية.

كان موسم الفراولة قد بدأ للتو، لذا ترجلت فتحية من السيارة كي تتزود ببعض منها، وإذا بحاجة تفترش الأرض لها ولفراولاتها، تستقبل زبائنها بابتسامة وبجملة قديمة "أول الثمار بطوّل الأعمار".

فتحية تعتقد أو أول قطفة هي دائمًا الأفضل، لذا تحرص دائمًا على افتتاح موسم الثمر والاحتفاء به بإطعام العائلة الثمر الموسمي الطازج رغم غلاء سعره.

أول الثمار يقصر الأعمار

على عكس الاعتقاد الشائع بأن أول ثمار الموسم يطيل العمر ويفيد بالصحة، لا يحبذ تناول أي منه، حسب ما يقول مدير دائرة الفواكه في وزارة الزراعة م. محمد سعيد اللحام.

ويبين اللحام أن استخدام المبيدات الحشرية والسماد والكيماويات يجعلها غير آمنة للاستهلاك في بداية الموسم، مشدّدًا على ضرورة تأجيل الاستهلاك حتى منتصف الموسم، حتى يكون قد اختفى الأثر المضّر لهذه المواد الكيماوية.

ويشير اللحام إلى أن الناس كانت تفضل قديمًا (قبل أكثر من 50 عامًا) استهلاك الثمر في بداية الموسم، إلا أنه الآن بات هناك وعي نسبي بخصوص أضرار استهلاك الفواكه والخضار في بدايات الموسم.

"كل من أول قطفة ولو كان غالي"

يقول التاجر في حسبة نابلس أو رسان، الذي يملك بسطة للخضار والفاكهة في المنطقة، أنه في حال بدء موسم فاكهة أو ثمرة معينة، فإن الناس يقبلون عليها بشكل كبير، بصرف النظر عن السعر.

ويبيّن أبو رسان أن هذا الإقبال يرتبط بأمرين، الأول والأكثر تأثيرًا هو اشتياق الناس لهذا النوع من الثمر الموسمي، الذي يكون قد غاب قرابة العام، في حين يكمن العامل الآخر لإقبال لتوارث اعتقاد بين الأجيال يفيد بأن الثمر في بداية الموسم يكون في أجود حالاته.

ويضيف: "كان أبي يردد دائمًا عبارة "أول الثمار بطول الاعمار"، وأنا ورثت هذا المثل وعلمته لأولادي، فأكل الثمر عند اشتهائه أفضل وأطيب".

ويؤكد أبو رسان أن مثله الكثيرين الذين يؤمنون بأن أول قطفة في الموسم لا تعوض، لذا يتهافت الناس على شراء الثمر رغم غلاء سعره، ويقول: "إن كنت تمشي مع ابنك الصغير ورأيت بطيخا في بداية موسمه، ستضطر لشرائه له إن طلبه حتى وإن كان سعره 30 شيقلا، لأن بداية الموسم فيها نوع من الفرح الذي يجعل الثمر ألذ".

أمثال دعائية أم استغلالية؟

يوضح الصحفي يونس نزال من قلقيلية أنه لا يوجد فرق حقيقي بين جودة الثمر في بداية الموسم أو منتصفه أو آخره، مضيفًا أنه لو كان هناك فرق سترجح الكفة لصالح ثمر منتصف الموسم، حيث يكون الثمر قد أخذ حقه في النضوج ولم يتعرض لاستواء بشكل كبير.

ويشير نزال إلى أن بعض الباعة والمزارعين يستعجلون القطاف لغرض ربحي فحسب، حتى وإن كان ذلك على حساب جودة الثمر، فيعرض الأخير بسعر باهظ جدًا ويستغل الباعة ندرة الثمر في تلك الفترة من العام.

ويتابع: "عند بدء موسم قطاف الجوافة يكون الإقبال عليه عاليًا جدًا رغم غلاء سعره (أكثر من 80 شيقلا للكرتونة)، ثم يبدأ سعره بالانخفاض حتى يصل لسعر معقول، لكن التجار والمزارعون ينشرون ثقافة في الشارع حول كون الثمر في بداية الموسم أجود وأفضل للصحة، وهذا شيء عار من الصحة".

يذكر نزال أن هذا العام وصل كيلوغرام واحد من اللوز الأخضر في بداية موسمه 120 شيقلا في بعض المناطق، وبلغ كيلو الفراولة الذي بيع في رام الله خلال فصل الشتاء (خارج موسمه) بثلاثين شيقلًا للكيلو الواحد، في حين يتراوح سعره حاليًا (خلال موسمه) بين 5 و7 شواقل للكيلوغرام الواحد.