هناك العديد من الأفكار الخاطئة التي تم زرعها داخل أذهاننا منذ الصغر عبر عمليات التنشئة المختلفة سواء من الأسرة أو من العلاقات الاجتماعية المختلفة، أفكار تمنعنا من التقدم وتجعلنا دائماً في موقف المفعول بيه، لا نستطيع أن نخطو خطوة واحدة صحيحة إلى الأمام ولا نستطيع أن نحلل خطوة واحدة أخذناها في الماضي، وفي هذا المقال أحاول سرد أهم النقاط التي تقف كحجر عثرة بيننا وبين الحياة بشكل عام من وجهة نظري المتواضعة …
لا شك أن أحد أسباب عدم تقدمنا كأفراد هو الانتظار للنصيحة من الأشخاص الأخرين، وفي الحقيقة أنا لا أنظر إلى النصيحة إلا إنها عبارة عن وجهة نظر الشخص المتكلم فقط لا غير، فهو ليس بساحر لكي يحل كل المشاكل التي تواجه شخص أخر بكلمة منه، بل أحياناً تكون وجهة نظره هو لم يعمل بها يوماً في حياته، وبغض النظر سواء عمل بها أم لا فأنها عبارة عن وجهة نظره التي مبنية على ظروفه الشخصية والاجتماعية والثقافية، فهو غير عالم بظروف الشخص الذي طلب النصيحة في البداية والذي يختلف عنه بالتأكيد في العديد من الظروف، فكل شخص على علم بظروفه وقدراته الشخصية ومواطن الضعف والقوة الخاصة به وعليها يجب البناء والتطوير وليس على حياة وظروف شخص أخر.
أسوأ ما فينا للأسف إننا نؤمن كل الإيمان بأن كون شخص ما له الأسبقية بصنع شئ أو الوصول لشئ معين له الأفضلية بغض النظر عن جودة ما صنع، ولكن إذا جاء شخص أخر وصنع نفس الشئ بطريقة أكثر جودة لا يكون الأفضل لأن هناك شخص سبقه، وأشهر مثال على هذا الأمر هو شغفنا الشديد بحضاراتنا التي سبقت أوربا في العديد من الاختراعات ويكفي لها هذا من وجهة نظرنا لكي تكون الأفضل بغض النظر عن طبيعة العلم والاختراع الذي تعد التراكمية أكثر صفة يتصف بها وبالتأكيد الشخص الذي يذكر الأفضلية لا يذكر الجودة إطلاقاً، فالأسبقية تساوي الأفضلية عند من يعاني بعقد النقص فقط ولكن الأفضلية دائماً تساوي صنع الجودة الأفضل دائماً وليس مجرد الجودة الجيدة فقط سواء عبر وظيفة أو اختراع أو فكرة معينة.
من أخطر الأفكار التي تمنعنا من المضي قدماً في أي طريق من طرق الحياة المختلفة هو الإيمان الكامل والمطلق في أن كل شخص غيرنا أغبياء ولا يفهمون شيء في الحياة، وعند الشباب للأسف ينمو ويزداد هذا الشعور، وسبب هذا الشعور من وجهة نظري هو عدم معرفة أي شخص في العالم بكافة الظروف المحيطة بالشخص الأخر، فدائماً كل جملة تقال مخالفة للواقع يبنى عليها عدم ثقة بكل الكلام الذي يقال، بمعني إذا كان الشخص A يحاور الشخص B في مسألة شخصية، فعدم معرفة الشخص A بأحوال الشخص B ينتج عنه كلام خاطئ وغير صحيح يؤدي إلى إيمان الشخص B بأن الشخص الأخر لا يفقه شئ ويمتد الخط إلى استقامته ويصبح الجميع أغبياء، وينسى الشخص B بأنه لا يفقه في العديد من الأشياء بدوره.
جزء من سبب تأخرنا عن العصر الحديث بسبب الموهبة التي تمتلكها العديد من المؤسسات المتخصصة في قتل المواهب وجعل كل فرد في المجتمع عبارة عن آلة روتينية مملة تفعل نفس الشيء دائماً بلا تجديد أو حتى روح مختلفة تشجع على القيام بمثل هذه الأعمال، ومن أكثر الجمل التي يتم سماعها في أوطاننا أنه لا مجال للموهبة لأنها لا تفيد، والغريب أن أغلبية المشاهير في وطننا هم مجرد أشخاص أتبعوا الموهبة فقط لا غير مثل الممثلين والمغنيين ولاعبي الكرة المشهورين.
حينما يقع أي شخص في مشكلة عويصة يظن دائماً أنها نهاية العالم والحياة كلها ستتوقف عليها، بالتأكيد الحياة أثبتت كذب هذه المقولة الخاطئة، فمع العديد من التجارب والمواقف الصعبة في الحياة خلال كافة المجالات سواء تعليم أو عمل أو حتى علاقات إجتماعية ستجد إن كل مشكلة وقفت في طريقك واعتقدت أنها أصعب شيء في العالم تنتهي بعد فترة قصيرة وتبدأ مشاكل أخرى في الظهور وهكذا حتى تنتهي الحياة، فلا داعي للتذمر وتذكر دائماً إن البحر الهادئ لا يصنع بَحّاراً ماهراً.
“الفن مضيعة للوقت” تعد من أكثر الجمل المنتشرة في عالمنا العربي، فيجب علينا الابتعاد عن كل شئ من هذا القبيل ونركز في العمل أو في الدراسة (على إعتبار أننا نفعل هذا 24 ساعة)، فنجد أمامنا من يقول أن الأفلام والأغاني والعديد من أنواع الفنون المختلفة تساعد على هدم المجتمعات بالتسلية غير البريئة والبعض الأخر يرى أن الفن في المجمل حرام، طبعاً من أبسط المعلومات المعروفة حول العالم عن مدى أهمية الفن نفسيًا واجتماعيًا أيضاً، فكل المجتمعات التي لا تتبنى الفنون المختلفة غير قادرة على بناء دولة قوية فما بالك بالحضارات العظيمة التي كان من الدعائم الأساسية لها هي الفنون.
في هذه النقطة بالتحديد تعد المقولة صحيحة بالفعل، فالصبر أصعب شيء في الوجود ولكن المقصود من هذه الجملة عند بعض الناس هو عدم وجود نتيجة للصبر وهذا أكبر خطأ، فدائماً بعد اتخاذ أهم القرارات في حياة الإنسان هناك بعض من الوقت عليه أن يتحلى فيه بالصبر لكي يرى النتيجة ولكن التعجل في كثير من الأمور يأتي بنتيجة أسوأ من النتيجة السيئة التي تأتي بعد صبراً طويل، فإذا كان الصبر أصعب شيء في الوجود، فالتعجل أخطر شيء في الوجود، وقد قيل قديماً “إذا كان الصبر مُرًّا فعاقبته حلوة”.
عقدة الاضطهاد هي بمثابة الشماعة الأساسية لكل لحظة إخفاق في حياتنا التعليمية أو العملية أو الاجتماعية، فإما الأشخاص معنا ويملئهم الحب والعشق تجاهنا أو ضدنا ويملئهم الكره والحقد تجاهنا، لا يوجد ولو مساحة صغيرة لفكرة القدرات الشخصية، فنحن نفشل لأن الأخرين يتأمرون ضدنا لأننا أفضل منهم دائماً، مثل هذه التفسيرات دائماً تظهر على ساحة التفكير بعد أي فشل وإخفاق، وعند أي مرحلة نجاح تتبدل مشاعر المؤامرة والحقد علينا إلى مشاعر حب وعشق لنا حتى وإن كانت من نفس الأشخاص.
صراع الأجيال في كل عقد شيء طبيعي، فالكل يرى الأخر ممل وغير واعي للعديد من الأشياء، فالكبار يروا الصغار تافهون من وجهة نظرهم بالرغم من أن الكبار حينما كانوا في سن صغير كانوا يسمعوا نفس الكلام والعكس صحيح أيضاً، فلا يوجد شخص أفضل من الأخر بسب السن فالأفضلية دائماً بسبب جودة ما تفعله سواء كنت عجوزًا أو شابًا.
من أكثر أسباب انتشار التعاسة والحزن بجانب طبعاً مشاكل الحياة هو الظن بأن البهجة ثمنها مكلف، بل بالعكس أبسط شيء في العالم هو البهجة، فبهجة بعض الناس في سماع أغنية رائعة الألحان والكلمات وعند البعض الأخر مشاهدة فيلم رائع يساوي الدنيا بأكملها، وعند البعض الأخر مجرد فتح كتاب وقراءته يساوي الدنيا بأكملها، فكل فرد فينا له ما يسعده بدون تكليف، بالطبع الأموال الكثيرة تشتري العديد من الأشياء التي تسبب السعادة ولكن بدون الأموال الطائلة هناك أشياء كثيرة تسبب السعادة والسرور، فأفعل دائماً ما يسعدك ولو كان بسيطاً ولا تهتم برأي الناس فهو دائماً مجرد رأي.
المصدر: وكالات