قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "إن الاحتفال بيوم المياه العالمي إنما يكتسب أهمية مضاعفة هنا في بلادنا، فهو يرتبط بالجهود التي نبذلها لتأمين مصادر المياه وتطويرها، والتخفيف من حدة الأزمة المائية التي يواجهها شعب فلسطين. ففي الوقت الذي يحرم فيه أصحاب الأرض من التمتع بالمياه، تواصل إسرائيل سيطرتها على أكثر من 85% من مصادرنا المائية، وتصادر حقنا المشروع في تنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي، خاصة في المناطق المسماة (ج)، التي تشكل حوالي 64% من مساحة الضفة الغربية، وبينما يتجاوز استهلاك المستوطن الإسرائيلي من المياه سبعة أضعاف حصة المواطن الفلسطيني، تبقى معدلات استهلاك الفلسطيني من المياه أدنى من المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية".
جاء ذلك خلال كلمته في الاحتفال بيوم المياه العالمي، اليوم الخميس في رام الله، بحضور محافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام، ووزير العمل مأمون ابو شهلا، ورئيس سلطة المياه م. مازن غنيم، والعديد من الوزراء والسفراء وممثلي الدول المانحة، والشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وأضاف الحمد الله: "يشرفني أن أشارككم اليوم الاحتفال المركزي بيوم المياه العالمي الذي يحيي العالم هذا العام فعالياته تحت شعار "المياه والعمل"، تشديدا على العلاقة العضوية بين تطور قطاع المياه وتعزيز الموارد المائية ومستقبل التنمية البشرية المنشودة، فلا يمكن لجهود تحقيق الأمن الغذائي أو الاقتصادي أو حتى القومي أن تكتمل، دون إعمال حقوقنا المائية وتطوير مشاريع ومرافق قطاع المياه والصرف الصحي".
وتابع رئيس الوزراء: "أنقل لكم اعتزاز سيادة الرئيس محمود عباس بطواقم وموظفي المؤسسات العاملة في قطاع المياه، وتأكيده على أننا ماضون لاسترداد حقوقنا المائية وفق القانون الدولي، وماضون كذلك في جهود إعادة إعمار وتأهيل وتوسيع بنيتنا التحتية خاصة في قطاع غزة المكلوم".
وأوضح الحمد الله: "في غمار جهودنا لتعزيز صمود المواطنين في مواجهة مخططات التهجير والاقتلاع، نحيي اليوم العالمي للمياه، وإسرائيل تنتهك، بحصارها وتضييقاتها وسيطرتها على مواردنا المائية، كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وهو ما يحتم علينا، ونحن نحشد الدعم الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا ومقدراتنا، واسترداد حقوقنا العادلة، وفي القلب منها حقوقنا المائية، مواصلة تطوير مرافق وأسس دولتنا، واستكمال تنفيذ المشاريع التنموية والحيوية، التي تعد مشاريع المياه والصرف الصحي جزءا هاما منها".
وأردف رئيس الوزراء قائلا: "يزداد الوضع المائي قتامة في قطاع غزة الذي يسكنه 1.8 مليون نسمة، إذ تتهدده كارثة إنسانية متفاقمة جراء استنزاف المخزون الجوفي فيه، وعدم توفر مياه صالحة للشرب. إذ يصل تلوث المياه فيه إلى 97%، هذا بالإضافة إلى ما سببه العدوان الإسرائيلي الغاشم من دمار للبنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي ومرافقه، حيث تكبد قطاع المياه خلال عام 2014 خسائر قدرت بأكثر من أربعة وثلاثين مليون دولار، إضافة إلى عشرة ملايين دولار أخرى شهريا لإجراء عمليات التأهيل الأولية وتأمين الحد الأدنى من خدمات المياه والصرف الصحي. هذا ويعرقل الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ثماني سنوات، جهود إعادة إعماره وتأهيل مرافقه واستنهاض قطاعاته. وقد حذرت التقارير الدولية أن قطاع غزة، وبحلول عام 2020، قد يصبح غير صالح للسكن إذا استمرت ظروفه كما هي الآن".
واستطرد الحمد الله: "إزاء الوضع المائي المتدهور الذي تواجهه غزة، كما في الضفة الغربية التي يحرم سكانها منذ حوالي خمسين عاما من الوصول إلى مصادر المياه واستغلالها واستثمارها، فقد عملت الحكومة، بالتعاون والشراكة مع الشركاء المانحين والمؤسسات الدولية المتخصصة، على تنفيذ برامج ومشاريع التحلية المركزية والمحدودة، وإعادة تأهيل وبناء الآبار، وتقليل الفاقد في الخطوط الرئيسية ومحاربة التعدي عليها، وإنجاز مشاريع الصرف الصحي للوصول إلى كافة التجمعات لتوفير خدمات وموارد المياه، كذلك سارعنا الخطوات لتطوير البنية التشريعية والقانونية الناظمة لهذا القطاع الحيوي، حيث تم المصادقة على قانون المياه الجديد. وحققنا في العام الماضي، جملة من الانجازات على صعيد مأسسة قطاع المياه وإصلاحه ورفع كفاءات العاملين فيه".
وأضاف رئيس الوزراء: "لقد تصدرت مشاريع قطاع المياه والصرف الصحي في قطاع غزة، أولوياتنا وتدخلاتنا الحكومية، حيث نعمل من خلال سلطة المياه، ولمواجهة تدهور الخزان الجوفي وتأمين موارد مائية مستدامة، على تنفيذ برنامج تدخلات متدحرج، يتضمن إقامة ثلاث محطات معالجة صرف صحي في شمال وجنوب ووسط القطاع، إضافة إلى ثلاث محطات لتحلية المياه، وإقامة محطة تحلية مركزية. إلا أن أبرز التحديات التي تواجه تطوير وتنمية قطاع المياه في غزة، هو النقص الحاد في الكهرباء الذي يؤثر بدوره على توزيع وانتاج المياه ويترك أبناء شعبنا فيها رهينة لمحدودية وشح المياه. لهذا، فإننا نناشد دول العالم التدخل الفاعل والفوري لإنقاذ مستقبل الحياة في قطاع غزة المكلوم، وضمان استعادة حقوقنا المائية عموما، وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها لمصادر المياه وانهاء حصارها الظالم على قطاع غزة".
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: "أشكر كافة الدول والجهات المانحة التي تدعم مسيرة بناء مؤسساتنا وتطوير عملها، فإنني أدعوها أيضا إلى المزيد من الاستثمار في قطاع المياه. فالاستثمار في المياه، هو استثمار في المستقبل وفي صنع الحياة، وفي تمكين شعب فلسطين وتعزيز صمودهم وبقائهم على أرض وطنهم، ونناشدكم كذلك، المساهمة في توفير الدعم لإقامة مشروع محطة التحلية المركزية، كي نتمكن من البدء بتشغيله قبل حلول عام 2020. فإنقاذ قطاع غزة يتطلب منا جميعا التحرك دون أي تأخير أو مماطلة، وأثمن الجهود الوطنية التي تبذلها سلطة المياه لضمان تلبية احتياجات شعبنا المضطردة وتأمين وصول المياه وخدمات الصرف الصحي إلى كافة التجمعات، ويشرفني أن أشارك اليوم في تكريم العاملين والعاملات في قطاع المياه، تقديرا لعملهم وتفانيهم في خدمة الوطن والمواطن".
وكالة معا الاخبارية