يعتقد كثيرون أن دماغ الانسان يسجل الأحداث التي تقع من حوله بدقة، في حين أن الواقع غير ذلك، لأن ذاكرة الفرد قابلة للتغيير نتيجة تأثرها بعملية الاسترجاع. ولكن هل يعني ذلك أن في وسع الانسان التحكم في ذكرياته، إلى حد محو السيئ منها؟ يجيب على هذا السؤال فيلمٌ وثائقي عُرض أخيراً في الولايات المتحدة باسم «قراصنة الذاكرة».
والفيلم أحد أجزاء سلسلة أفلام «نوفا» الوثائقية التي تعرضها شبكة «بي بي اس» الأميركية، ويعرض التطورات الأخيرة التي توصل إليها العلم في مجال الذاكرة، من خلال إجراء مقابلات مع باحثين عدة.
ونقلت صحيفة «تيلغراف» البريطانية عن صناع الفيلم قولهم ان «الذاكرة كانت تعتبر منذ وقت طويل جهاز تسجيل يحفظ المعلومات ويسترجعها بدقة، لكن الباحثين بدأوا يدركون أن عملية التذكر مرنة جداً».
وأوضحوا أن «دماغ الانسان يكتب المعلومات ويعيد كتابتها باستمرار، والباحثون حالياً في صدد اكتشاف الآليات المحددة التي تتحكم في ذكرياتنا».
ويتناول «قراصنة الذاكرة» التكنولوجيا الجديدة التي تستخدم لزرع الذكريات وتعديلها وحذفها، تمهيداً لتطوير القدرة على مسح الأحداث المؤلمة التي قد تؤثر في الانسان لوقت طويل.
وعرض الفيلم تجربة قام بها علماء لزرع ذكرى إيجابية في دماغ فأر خائف، وعلى شاشة المعمل، يستطيع المشاهد رؤية اللحظة المحددة التي أُدخلت فيها الذكرى الجديدة إلى دماغ الفأر باستخدام تقنية اللايزر.
وتضمّن أيضاً مقابلة مع عالمة النفس الهولندية ميريل كينت التي اكتشفت حديثاً دواءً يمكنه الحد من المشاعر السلبية المرتبطة بالذكريات السيئة، من دون الحاجة إلى مسح الذكريات نفسها.
وروت كينت تفاصيل تجربة قامت من خلالها بإعطاء دواء «بروبانولول» إلى مجموعة من الأشخاص المصابين برهاب العناكب (أراكنوفوبيا)، ما مكنهم لاحقاً من التعامل مع تلك المخلوقات من دون خوف.
وأوضحت أن «الدواء يؤثر في الطريقة التي يعيد بها الدماغ تخزين المعلومات التي سجلها سابقاً، وهي في هذه الحالة، مشاعر الخوف المرتبطة بالعناكب».
وقال عالم الأعصاب آندري فينتون الذي شارك في الفيلم أيضاً، ان «التذكر من أهم العمليات التي يقوم بها الدماغ، ولكن ما زال حجم المعلومات المتوفرة لدينا حول طريقة عمل الذاكرة قليل جداً».
وأوضح أن «أبحاثنا لم تتوصل بعد إلى تطوير وسيلة لحذف ذكريات معينة، ولكننا في الطريق إلى ذلك».
وكالات