أصدر ما يسمى منسق اعمال الحكومة في المناطق في شباط الماضي تحديثًا لوثيقة “وضع الأذونات في حالة الإغلاق” وهي وثيقة تتضمن المعايير والشروط الإسرائيلية التي تحكم تنقل الفلسطينيين بين الضفة وغزة وخروجهم إلى إسرائيل والسفر عن طريقها إلى خارج البلاد. ومن ضمن التغييرات التي أدخلت على الوثيقة في التحديث الأخير جاء بند جديد، يتيح لسكان قطاع غزة الامكانية لتقديم طلب للسفر إلى خارج البلاد عبر معبر ايرز وجسر أللنبي، لأهداف شخصية وبهدف المكوث في الخارج لمدة طويلة، دون أن يكون الشخص من الفئات التي كان يسمح لها بالسفر سابقًا. وبموجب هذا البند على الشخص أن يوقع على تعهد بعدم العودة إلى القطاع عن طريق معبر إيرز مدة عام على الأقل. وعند سفر الشخص يتم ادخال تسجيل ملاحظة في حاسوب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنه سافر للخارج بهدف المكوث مدة طويلة ولا يسمح له بالعودة قبل انقضاء العام إلا في حالات “إنسانية”، وحتى بهذه الحالات يكون الأمر خاضعًا لاعتبارات الجهات الأمنية الإسرائيلية.
يجب التشديد على أن هذا البند الجديد لا يشمل الفئات التي كان يسمح لها بالسفر سابقًا، كطلاب الدراسات العليا الحاصلين على منح، المرضى المحتاجين لعلاج طبي خاص وأشخاص معنيين بالخروج للمشاركة في مؤتمرات خاصة، وبالتالي لن يطلب منهم التوقيع على التعهد بعدم العودة لمدة عام، وسيبقى الوضع من ناحيتهم على ما كان عليه.
وردًا على هذا البند جاء من جمعية “ﭼيشاه-مسلك”، مركز للدفاع عن حرية الحركة، أن هذا البند الجديد غير قانوني. حيث لا يمكن منح شخص تصريح بمغادرة بيته ومنعه من العودة إليه، حتى وإن قام بالتوقيع على موافقة بعدم العودة. الوضع القائم اليوم في قطاع غزة، حيث يسمح لفئات قليلة جدًا بالسفر إلى خارج البلاد عبر معبر ايرز، قد يحمل البعض إلى الموافقة على التوقيع على هذا الشرط كونها الإمكانية الوحيدة لسفرهم خارج البلاد. بعد التوقيع على هذا التعهد، سيكون من الصعب جدًا إلغاءه قبل انقضاء العام، حتى عن طريق التوجه إلى المحاكم.
رغم ذلك، فإن البند الجديد قد يفيد فئات محدودة من سكان القطاع، كأصحاب الإقامات في دول أجنبية و”العالقين” أو أشخاص يرغبون بالزواج والانتقال للعيش خارج البلاد. وحتى بهذه الحالات قد يضطر الشخص للعودة إلى بيته لأسباب مختلفة، والتوقيع على الوثيقة ستحول دون ذلك.
مع ذلك فإن هذا البند لن يحل قضية كل الأشخاص الاخرين الذين يرغبون ويضطرون للسفر خارج البلاد لأسباب هامة كرجال الأعمال الذين يحتاجون للسفر لفترات معينة لتطوير مصالحهم، أشخاص يرغبون بزيارات عائلاتهم المقيمة بالخارج أو حتى أشخاص يرغبون بالمغادرة للمشاركة في مؤتمرات وورشات عمل هامة.
كما أن هذا البند لن يحل القضية الأكبر وهي التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية. هذا الإجراء لن يفيد أم تود زيارة ابنتها في الخليل، أو مبادرين من مجالات مختلفة يريدون الوصول إلى رام الله للتوقيع على عقود عمل، أو طلاب يرغبون بدراسة موضوع ما في إحدى جامعات الضفة.
الحاجة للسفر لدى سكان غزة واضحة وجلية. عندما كان معبر رفح يعمل بصورة منتظمة في النصف الاول من عام 2013، وكان بإمكان السكان التنقل عبره من وإلى الخارج، كانت تسجل قرابة 40 ألف حالة خروج ودخول عبره شهريًا. للمقارنة، منذ بداية السنة، المعدل الشهري لحالات الخروج من غزة باتجاه جسر أللنبي إلى الأردن، عبر معبر ايرز، لم تتعدى 294 حالة خروج فقط. هذا يدل على الحاجة الكبيرة للخروج وعلى شح الفرص المتاحة اليوم.
وكالات