"معاقات" في ورش النجارة
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.18(%)   AIG: 0.19(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.33(0.00%)   AZIZA: 2.52(5.00%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(0.67%)   BPC: 3.80(%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.15(0.00%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.71(0.59%)   JPH: 3.62(0.28%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.65( %)   NIC: 2.97(1.00%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.75(1.32%)   PADICO: 1.02(0.97%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.14(0.00%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.05(1.87%)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.16( %)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23(0.00%)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 2.99(0.33%)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07(0.00%)  
12:00 صباحاً 15 آذار 2016

"معاقات" في ورش النجارة

ماجدة هي إحدى النساء العاملات في قطاع غزة، ولكنها رغم إعاقتها لا تعمل في مجال مألوف، فمهنة النجارة التي امتهنتها مع زميلاتها الخمس كانت مقتصرة على الرجال فقط في مجتمع محافظ تحكمه العادات والتقاليد.

كانت ماجدة مراد (45 عاماً) قد أصيبت خلال الحرب "الإسرائيلية" الأولى على قطاع غزة (أواخر العام 2008 ومطلع العام 2009) أثناء محاولتها إنقاذ أبناء شقيقها من غارة جوية "إسرائيلية" غادرة، ولأن هذه الإصابة كانت في ساقيها فقد تسببت لها بإعاقة مستديمة حتى بعد عددٍ كبير من العمليات الجراحية لزرع مفاصل والتي أجرتها خلال عامٍ كامل بين انتظار السماح لها بالسفر للضفة الغربية للعلاج ومرض أمها التي توفيت أثناء إحدى عملياتها لاحقاً.

 

إرادة وتحدي

هذه الظروف القاسية كانت كفيلة بتدمير مستقبل ماجدة المهني وتسببت لها بإنهاء عملها في إحدى رياض الأطفال التي كانت قد عملت بها لأكثر من خمسة عشرة عاماً بعد حصولها على دبلوم المعلمات من معهد فلسطين الديني في غزة.

لم تكن الظروف المادية الصعبة هي السبب الوحيد وراء اختيار ماجدة مهنة النجارة وتنجيد الكنب، فهي أيضاً تحب تعلم كل ما يخص الديكور وترتيب المنازل وهذه كانت هوايتها منذ الصغر.

تبتسم باسمة وهي تتذكر كيف استقبل أهلها وأصدقاؤها فكرة عملها في مهنة النجارة، وتقول: "لا أستطيع أن أنسى ردة فعل كل شخص أخبرته أنني سأتعلم فن تنجيد الكنب والنجارة، فقد كانت ردود الفعل مختلفة ومضحكة وكان أغلبهم يعتقد أنني أمازحه فقط".

وفي حديثها عن السبب وراء اختيارها لهذه المهنة، تقول ماجدة: "بعد ما مررت به من علاج واكتئاب دام لمدة طويلة، وربما لأكثر من عام كامل، شعرت أن الوضع النفسي السيئ الذي يتملكني سيدمرني ويدمر أخواتي الاثنتين خاصة بعد أن أصبحت أنا المسؤولة عنهن بعد وفاة والدي وتبعته والدتي، فبدأت بالبحث عن مهنة أستطيع العمل بها وتوجهت لعدة مؤسسات وتعلمت الكثير من الحرف ولكن لم أجد نفسي في مهنة أحبها كما وجدت نفسي هنا في ورشة تنجيد الكنب في مؤسسة ريادة".

وواصلت ماجدة الحديث عن تجربتها وابتسامتها لا تفارق شفتيها:" لا أشعر أبداً أنني في المكان الخاطئ أو أن هذا العمل لا يناسبني رغم إعاقتي أنا وزميلاتي الخمس في هذه الورشة، بل بالعكس نحن نحلم بأن نعمل في يومٍ من الأيام بورشتنا الخاصة التي نصمم وننفذ بها ما يناسب كل الأذواق ويجعلنا نتميز حتى عن النجارين الأصحاء من الرجال، لأننا نفهم بعضنا جيداً وكذلك نفهم ذوق المرأة التي هي عادة من تشتري قطع الأثاث لمنزلها".

 

حلم يغلب الواقع

واتفقت آمنة فياض (30 عاماً) مع رأي زميلتها ماجدة، وقالت: "عمل النجارة لا يحتاج إلى قدرة جسدية وعضلية خاصة ولكنه يحتاج إلى تركيز ودقة في التعامل مع الآلات، وهذا ما أحاول شرحه لكل من يسألني عن كيفية عملي بهذه المهنة رغم إعاقتي الجسدية".

وتضيف آمنة، التي تعاني من قصر القامة، أنها تعيش لحظات سعيدة وجميلة مع زميلاتها في الورشة وكأنها في أسرتها الثانية حيث الحب والود والتفاهم.

"وسنعمل ما بوسعنا ليتقبل المجتمع فكرة وجدودنا كنساء عاملات لا تعجزهن الإعاقة الجسدية، ولا ينقصهن هذا العمل من أنوثتهن شيئاً، فالكثيرين تعودوا على انتقاد أي شيء جديد من دون التفكير به، وحتى إن لم يقبل المجتمع ما ارتضيناه لأنفسنا، سنبقى نعمل وسننشئ معرضنا الخاص يوماً ما وسنتميز به عن السوق، حتى يجد المنتقدون أنفسهم أمام واقع من النجاح ليس أمامه سوى الاشادة به وتقديره"، والحديث لآمنة. وتابعت حديثها: "انتقاد المجتمع لن يطعمنا الخبز، بل سيضعنا في وجه الإعاقة وتبعاتها المؤلمة من الحاجة للمساعدة ونظرات الشفقة، ونحن لا نريد هذه المساعدة والشفقة، بل نريد العمل والانتاج والنجاح واثبات ذواتنا في هذا المجتمع".

 

تقدير بعيون الآخرين

"لم أتخيل نفسي في يومٍ من الأيام أعمل في مجالٍ صعب أو خشن كخشونة هذا الخشب، ولكن مع مرور الوقت عشقت هذا العمل بصعوبته وآلاته ومساميره وكل ما يتعلق به"، هكذا عبرت رئيسة الديري (40 عاماَ) التي تعاني من خلع ولادة يعيقها عن المشي بطريقة طبيعية، عن بدايتها في مهنة النجارة وتنجيد الكنب وعملها في الورشة إلى جانب باقي زميلاتها الخمس.

وقالت رئيسة ونبراتها توحي بفخرها واعتزازها بما حققته حتى الان: "لم يكن الأمر في البداية يلاقي قبولاً من المجتمع ولا الأقارب، ولكنني الآن أرى نظرات الإعجاب في عيونهم خاصة بعد أن تم بيع خمسة أطقم كنب من صنعي وزميلاتي هنا في الورشة بعد عرضها بالمعرض الخاص بالمؤسسة، وأصبحت النساء والرجال في العائلة يأخذون برأيي حين يقرروا شراء أي قطعة أثاث خشبية وهذا الأمر يجعلني أشعر بالفخر وبأنني على الطريق الصحيح".

وليس بعيداً عن ورشة تنجيد الكنب كان صوت المنشار الكهربائي يعمل وينثر جزيئات الخشب في وجه آمال أبو طير (29 عاماً) وهي تقي عينيها بنظارة خاصة وتخرج فنونها في تحفتها التي اتضح بعد وقت قصير أنها "برواز" (اطار خشبي) لصورة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وحين توقف المنشار الكهربائي عن العمل واستطاعت آمال أن تزيل نظارتها وتجيب عن سؤالٍ يبدو أنها حفظته من كثرة تكراره على مسامعها، عن مدى صعوبة العمل في هذه الأجهزة والمعدات الثقيلة بالنسبة لفتاة في مثل ظروفها، قالت: "نحن هنا كأشخاص ذوي إعاقة نمتلك إرادة قوية وهمّة عالية تفوق الكثير من الأشخاص العاديين".

وتتابع: "اعمل هنا باستخدام آلات ثقيلة كالمنشار الكهربائي وآلة الآركت التي نصنع بها الدروع المحفورة على الخشب وكلها آلات تحتاج إلى تحكم وتركيز شديدين، ولكنني أعمل بها بحرفية عالية وأنتج أشغالاً تبهر كل من يراها وتلاقي استحسانا من رواد المعرض التابع للبرنامج دائماً، وهذا تحديداً ما يشجعني على المضي في هذا المجال".

 

تمويل ذاتي

وتقول منال حسنة نائب مدير برنامج إرادة ومسؤولة العلاقات العامة، إن هذا البرنامج مختص بالتدريب والتأهيل المهني للأشخاص من ذوي الإعاقة في عدة مجالات، بهدف دمجهم اجتماعياً واقتصادياً في المجتمع وزيادة ثقة المجتمع بهم ككوادر منتجة وليسوا عبئاً عليه.

وأعربت عن فخرهم في البرنامج ليس فقط لما أنجزوه من تدريب أكثر من 700 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة خلال السنوات الأربع الماضية فحسب، بل لنجاح البرنامج في تدريب فتيات ونساء لأول مرة في قطاع غزة على تنجيد الكنب والأثاث ونجارة المشغولات اليدوية وحتى صيانة الهواتف المحمولة.

وأثنت حسنة على النساء اللواتي تحدين الإعاقة وعادات المجتمع وتقاليده، وكذلك صعوبة العمل الذي أُقحمن أنفسهن فيه، بل وتميزن به لينافسن الأصحاء من الرجال.

وعن فكرة المعرض ومصير الأثاث الذي يصنع من قبل ذوي الاعاقة، أوضحت حسنة أن أعداد الأشخاص من ذوي الإعاقة الراغبين بالتدريب الحرفي كبير جداً، وقوائم انتظار فرصة التدريب تتجاوز الثلاثة آلاف شخص، ولدينا حالياً تسع ورش حرفية تم تجهيزها ونحاول من خلال المعرض أن نبيع منتجات المتدربين من أجل الحفاظ على ديمومة البرنامج وإيجاد مصدر تمويل ذاتي لتدريب أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين ينتظرون، فلن نستطيع الاعتماد المطلق على التمويل من قبل المؤسسات الخارجية، ونحن نرى هذا النجاح وهذا العدد الكبير من المنتظرين لفرصة التدريب.

وتفخر حسنة بأن المعرض ومنتجات الورش التي صنعتها أيدي ذوي الإعاقة نجحت في توفير حوالي 60 في المئة من تكاليف برنامج التدريب، الأمر الذي لاقى احترام واعجاب الجهات المانحة.

 

 

 

نقلا عن صفد برس

 

Loading...