النسيان من أهم وأبرز المشاكل التي يواجهها الإنسان المعاصر، بسبب تعقد الحياة، وتشابك المهام التي يقوم بها، وكثرة المشاكل النفسية والاجتماعية، إلى جانب عوامل التلوث والمشاكل البيئية والاقتصادية والسياسية، وكثيراً ما نسمع عن مشكلة النسيان بدرجات متفاوتة وعند مختلف المراحل العمرية، بدءاً من نسيان المعلومات ومواضع الأشياء، وانتهاء بـ"ألزهايمر"، وينشغل الناس بالبحث عن أشيائهم ومعلوماتهم التي فقدوها، ويجتهدون في ذلك. دراسة جديدة بيّنت أن النوم ينفع لمن يريد أن يتذكر معلومات قد نسيها أثناء يومه، أي إنك إذا نسيت يمكنك أن تخلد للنوم بدلاً من البحث.

وفي هذا السياق، أجرى باحثون من جامعة إكستر دراسة تَبين منها أن النوم يضاعف من فرصة استرجاع الإنسان لمعلومات كان قد نسيها أثناء صحوه، فبحسب الباحث الرئيسي، د.نيكولاس دوماي، النوم يرفع من قابلية استرجاع الذكريات، أي يجعلها أقرب للعقل الواعي، كما يقوي قدرة الإنسان على مراجعة مخازن معلوماته.

وفي إطار التجربة التي أجرتها الدراسة، طلب الباحثون من المشاركين تذكر معلومات معينة، وقارنوا بين المجموعة التي لم تنم ليلتين متواصلتين، وبين من خلدوا إلى النوم ليلاً بشكل طبيعي، فاتضح أن المشاركين الذين ناموا تذكروا المعلومات المطلوبة أكثر وأسرع ممن بقوا مستيقظين.

وبناء على ذلك، ذكر الباحثون بأنه من المفيد للطلاب في فترة الاختبار إلقاء نظرة أخيرة على مادة الاختبار قبل النوم، لأن النوم سوف يعالجها ويثبتها في دماغه ويسهل عليه استرجاعها عندما يحتاجها، لذا ليس من الجيد إطلاقاً قضاء آخر ليلة قبل الاختبار بالسهر الطويل، لأن فرصة النسيان تصبح أكبر.

هذه النتائج تدعم استنتاجات أبحاث سابقة قال فيها العلماء إن النوم يرتب الذهن والمعلومات من حيث الأهمية بشكل فعال؛ لكن على الرغم من ذلك هناك حاجة إلى إجراء أبحاث إضافية في مجال علاقة النوم باسترجاع الذاكرة، ومعرفة هل يجعل هذه المعلومات أكثر فائدة.

ومن المهم أيضاً لمعرفة أعمق حول علاقة النوم بالذاكرة، دراسة تأثير النوم على فاعلية منطقة "هيبوكامبوس" المسؤولة عن استحضار المعلومات والتذكر، وأثناء النوم يسترجع الإنسان الأحداث من داخل ذاكرته كالشريط المصوّر بشكل مستمر فتتثبت بمخزن الذاكرة سهلة الاسترجاع أثناء الصحو.

نصائح للنوم المفيد

النوم صديق متطلب، لأنه لا يعطيك حقك إذا لم تعطه حقه أيضاً، فيتعبك بدلاً من أن يريحك، لذلك يعطي الخبراء والمختصون نصائح يجب أخذها بعين الاعتبار للاستفادة من النوم وجعله صحياً، وأهمها: أولاً، خلال النهار، ينصح بممارسة التمارين الرياضية في الصباح أو فترة الظهيرة. ثانياً، عليك تجنب أخذ قيلولة لأكثر من نصف ساعة يومياً.

ولكي تجعل بيئة غرفة نومك ملائمة أكثر لنوم مريح، عليك ضبط درجة الحرارة؛ فلا تكون باردة جداً ولا تكون دافئة أكثر مما يجب، وبحسب الدراسات فإن أنسب درجة حرارة للغرفة وقت النوم هي 18.5 درجة مئوية.

عليك المحافظة على أطرافك دافئة، أي أن تغطي يديك وأقدامك، سواء تحت الغطاء أو بأن ترتدي الجوارب الخفيفة الفضفاضة.

انقل جميع الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز والراديو والحاسوب والهاتف إلى خارج الغرفة، لأن أشعتها وأمواجها تؤثر على جودة النوم وعمقه.

إذا كان لديك حيوانات أليفة في المنزل فلا تجعلها تنام في سريرك.

اصنع طقوسك الخاصة وروتينك المميز لفترة ما قبل النوم، فينصح مثلاً بالاستماع إلى موسيقى هادئة، وإجراء تمارين جسدية بسيطة، ومارس التفكير الإيجابي والتأمل.

إلى جانب ذلك، يقول الخبراء إن النوم طوال نهاية الأسبوع ليس له فائدة، كما أن نوع الغذاء الذي تتناولونه قبل النوم له تأثير كبير على راحتكم، فينصح بتجنب النشويات والسكريات. والأهم من كل ما ذكر أعلاه هو الاستمرار والثبات على الروتين الصحي فيما يخص عادات النوم، كي تشعر بفائدتها ويصبح يومك أكثر حيوية.

نقلا عن الخليج اون لاين