تتسابق مطاعم الوجبات السريعة في محافظات الضفة الغربية خاصة وفلسطين عامة على تقديم عروض ومغريات على الوجبات السريعة، وبينما تسعى حكومات دول العالم المتقدم الى محاربة السمنة تغيب سياسات محاربتها في فلسطين والتي تصل نسبتها الى 72%.
وطبقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2005 فإن 400 مليون فرد على الأقل من البالغين بنسبة (9.8%) من سكان العالم يعانون من السمنة.
وكانت السمنة من الامراض النادرة قبل القرن العشرين إلى أن أعلنت منظمة الصحة العالمية في العام 1997 السمنة وباء عالميا، وكانت السمنة تعد حتى وقت قريب مشكلةً في البلدان ذات الدخل المرتفع وباتت في تزايد مؤثرة على الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
وترى اخصائية التغذية لينا أبو ارميلة ان غياب دور المؤسسات التربوية ووزارتي الصحة والاقتصاد الوطني في تثقيف المواطنين حول أهمية تناول الوجبات الصحية والرقابة على الأسعار ومنع استغلال المواطنين وتحديد أسعار الوجبات المقدمة في المطاعم ساهم في انتشار السمنة في فلسطين.
اخصائية: التكلفة العالية للوجبات الصحية تعزز استهلاك الوجبات السريعة
وتقول أبو ارميلة إن القيمة الغذائية للوجبات الصحية عالية وتكلفة اعدادها بسيطة في حين ان ثمن الوجبات والسلطات في المطاعم يفوق تكلفتها الحقيقية ما يعزز استهلاك الوجبات السريعة من الطعام غير الصحي.
وأضافت "ان الوجبات السريعة تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية وتزود الانسان بأكثر من نصف احتياجاته اليومية"، مشيرة إلى أن وجبات البرغر والبطاطا المقلية والبيتزا والدجاج المقلي تحتوي على 500 سعرة حرارية وتكون 50% من السعرات فيها على شكل دهون.
وينصح اخصائيو التغذية في العالم بضرورة ألا تزيد نسبة الدهون في الوجبة الواحدة عن 30% من مكوناتها. وتزخر الوجبة السريعة الواحدة ايضا بملح الصوديوم الذي يفوق نصف ما يحتاجه الانسان في اليوم، فيما لا تتجاوز وجبة مكونة من السلطة وكوب عصير طبيعي الـ 100 سعر حراري.
وأشارت الى أن الوجبات السريعة يصعب ان تكون بكميات صغيرة، بالإضافة الى ما يبذله أصحاب المطاعم من دعاية لوجبات بحجم إضافي وبالتأكيد سعرات حرارية إضافية.
المطبخ الفلسطيني متنوع
ولفتت الى أن الأم العاملة كان لها دور في اعتماد افراد اسرتها على الوجبات السريعة، مشيرة الى ان المطبخ الفلسطيني متنوع وان خيارات الغذاء واسعة ومشجعة على اتباع نظام غذائي صحي.
وحذرت من ان زيادة السعرات الحرارية تتسبب في زيادة الوزن وامراض السمنة والقلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول، مشيرة الى ان نسبة كبيرة من طلبة المدارس والجامعات يعانون من السمنة ويلجأون في سن مبكر لعملية ربط المعدة.
ومن جانبه قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن، ان تكلفة الوجبات الصحية عالية والفارق واضح من مطعم لآخر ومن منطقة لأخرى بالرغم من ان المدخلات واحدة الا ان فارق السعر يتضاعف بين المطاعم.
وأضاف "ان الوزارة وضعت قوائم أسعار استرشادية لأكثر من 66 سلعة من السلع الأساسية في محاولة لضبط السوق"، مشيرا إلى أن المنافسة بين المطاعم تساهم في انخفاض سعر الوجبة.
المواطن جزء من المشكلة
واعتبر عبد الرحمن ان مشكلة ارتفاع سعر الوجبات وخاصة الصحية تكمن أيضا في المواطن الذي يصر على شراء الوجبات الباهظة، لافتا إلى أن عزوف المواطنين عن التردد على المطاعم الباهظة يساهم في تغيير أسعار الوجبات.
وأشار الى ان السوق الفلسطيني مفتوح امام المستثمرين، داعيا المستثمر الجديد ان يسعى لتغيير الثقافة الاستهلاكية السائدة من خلال الترويج لأطعمة صحية بأسعار مقبولة تعود بالنفع على المستهلك وتجنبه مضار الوجبات السريعة.
فيما اكد مدير عام الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة اسعد الرملاوي ان الوزارة ومن خلال دوائرها تعمل على تثقيف المواطنين وعلاج المرضى بالسمنة.
أول مطعم مختص بالطعام الصحي في رام الله
ومن جهتها تقول ريتا عصفور مديرة مطعم وكوفي شوب "فيتافيه" اول مطعم مختص بالطعام الصحي في مدينة رام الله "ان المطاعم الصحية ظاهرة تشق طريقها في السوق الفلسطيني وان هناك اقبالا من قبل المواطنين على المطعم بشكل ملحوظ يتزايد مع زيادة معرفة واطلاع الناس على اخطار السمنة واهمية اتباع نظام غذائي صحي".
وأضافت ان غالبية رواد المطعم من فئة الشباب الذي تتراوح أعمارهم من 20 الى 35 عاما، اناثا وذكورا، ومن أصحاب الامراض المزمنة، موضحة أن هناك اقبالا من طلاب المدارس ساهمت المدارس في نموه وبات الجيل الصغير يلتفت أيضا للطعام الصحي.وأشارت إلى أن المطعم يقدم جميع أنواع الطعام وسلطات مشبعة ووجبات غذائية متكاملة مقدمة بشكل صحي، ويتراوح سعر الشطيرة "الساندوش" 15 شيقلا ليصل الى 24 شيقلا في حين يصل سعر طبق السلطة إلى 30 شيقلا بينما الوجبات الرئيسية تتراوح أسعارها ما بين 35 شيقلا لتصل الى 55 شيقلا للشخص الواحد.
وترى ان سعر ما يقدمه المطعم يتناسب مع تكلفة المكونات وايجار المطعم وتكلفة العاملين، مشيرة إلى أن تحديد ما اذا كانت الأسعار مرتفعة يعتبر امرا نسبيا يحسمه دخل الفرد، مؤكدة ان المطعم بالرغم من أسعاره لا يحقق أي ربح. وأكدت أهمية تشجيع المنافسة في السوق لدورها في جودة وسعر السلع والمنتوجات.
الأسعار تدفع المواطنين نحو الوجبات السريعة
بينما ترى المواطنة سحر أبو الرب ان هناك تكريسا للثقافة الاستهلاكية وترويج للأطعمة غير الصحية والتي اثرت خاصة على صغار السن.وأوضحت ان ثمن طبق السلطة المقدم في المطاعم يعادل 5 اضعاف تكلفة المجهز في المنزل وحذرت من مواصلة الاستهانة بالمواطن.
وأشارت إلى أن الوجبات الصحية المقدمة في المطاعم الحديثة تكلف اسرة مكونة من 4 افراد ما يزيد على 150 شيقلا بينما تناول الاسرة للوجبات السريعة لا تزيد تكلفتها على 50 شيقلا.
مطاعم الغذاء الصحي مقصورة على الأغنياء
واعتبرت أبو الرب ان مطاعم الغذاء الصحي، مقصورة على الأغنياء وأن المستثمرين يصرون على التعامل مع الأفكار الجديدة كموضة تقتصر على محبي التجديد ولا تشمل محدودي الدخل بالرغم من التكلفة البسيطة للوجبات الصحية واطباق السلطة.
ونوهت إلى أن التراخي في ضبط الأسعار في السوق ووضع سياسات للحد من السمنة يفاقم من الازمة ويكرسها كظاهرة.
المستهلك يبحث عن وجبة ارخص ومشبعة
ويفضل المواطن اسعد عياد تناول وجبة رخيصة الثمن ومشبعة، مشيرا إلى أنه يفضل تناول الفلافل او الشاورما والتي لا يزيد سعرها على 13 شيقلا على التفكير في طبق سلطة لا يقل ثمنه عن 20 شيقلا وغير كاف او مشبع.
وأضاف، ان ارتفاع اسعار المطاعم الصحية والطعام الصحي بشكل عام ليست مشكلة حديثة العهد وانها في ذاتها مشكلة المبالغة في ارتفاع أسعار وتكلفة المطاعم في محافظات الضفة الغربية.
وأشار الى انه في العديد من المطاعم في محافظات الضفة يقدم طبق سلطة الجرير بما يزيد على 15 شيقلا في حين ان حزمة الجرير لا تزيد على 2 شيقل.
ودعا الى ضرورة ضبط السوق وتحديد تسعيرة للمطاعم تتنوع بها الاختيارات امام المواطن وتتيح المجال له لاختيار وتناول الطعام الصحي.
عن"الحياة الجديدة"