يلخص المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض، وهو أول خبير عربي يحصل على شهادة تحجيل طيور دولية، حصاد عام من تبني مجلس الوزراء بتنسيب من سلطة جودة البيئة لمبادرة رئيس الكنيسة اللوثرية والاتحاد اللوثري العالمي المطران منيب يونان، واعتبار الخامس من آذار يومًا وطنيًا للبيئة وعصفور الشمس الفلسطيني طائرًا وطنيًا لفلسطين.
يسرد: سعينا من تحديد يوم للبيئة في بلادنا المصابة بحريتها، واختيار طائر وطني لفلسطين لنعرّف العالم بما تعانيه بيئتنا وتقنا للعدالة البيئية، ولنقل رسالة لمجتمعنا بوقف التعديات على عناصرها. ونسعى هذا العام لتنظيم فعاليات خضراء تحمل شعار "حماية التراث الطبيعي الفلسطيني: واجب وطني"، فيما نفذنا العامين الماضيين بالشراكة مع مؤسسات تسهر على حماية بيئتنا، وفي مقدمتها سلطة جودة البيئة أكثر من مئة فعالية في محافظات مختلفة للانتصار للبيئة وحمايتها، وتنوعت بين لقاءات تلفزيونية، ومسابقات، وندوات، وومضات إذاعية، وحملات نظافة، ومسارات، وجولات، وغيرها.
ويتابع: بدأت فكرة أحياء الخامس من آذار بعدد من المؤسسات والأطر، وسعدنا هذا العام بانضمام مؤسسات جديدة للاحتفال بيوم بيتنا الوطني في مواقع لم نصلها.
يروي عوض وهو يستعرض سجل صور طويل للعصفور الرشيق: نجحنا بعد مراسلات واقتراحات لسلطة جودة البيئة، في إطلاق يومنا الوطني وطائرنا السيادي الذي سينقل رسالة حريتنا إلى العالم، واستطعنا منع أي تهويد له، كما فعلت إسرائيل سابقًا بزهرة شقائق النعمان.
يضيف: أصدرنا قائمة الطيور في فلسطين مؤخرًا، وهو العمل الأول من نوعه، واستطعنا خلال البحث العلمي توثيق وحصر 373 نوعًا من الطيور، تشمل 22 رتبة و64 عائلة أساسية و30 عائلة فرعية و186 جنسًا، والتي جرى تحجيلها ورصدها ومراقبتها وتوثيقها في الضفة الغربية وغزة. وسابقًا كانت التقديرات تشير لعدد أقل.
رسالة
ويؤكد مدير عام المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة د. عيسى عدوان، أن الهدف من وراء إعلان يوم خاص بالبيئة الفلسطينية يأتي لإعطاء مساحة وفرصة لأبناء شعبنا والالتفات إلى بيئتنا والمحافظة عليها.
ويقول: البيئة أمانة في أعناقنا، وهي مسؤولية فردية وجماعية، ونستعد هذا العام لإطلاق سلسلة فعاليات بالشراكة مع المؤسسات الرسمية والأهلية، سنسلط خلالها الضوء على حماية التراث الطبيعي الفلسطيني، والتعريف بالمحميات الطبيعية والتنوع الحيوي لبلادنا وما يتعرض له من انتهاكات إسرائيلية وتعديات مجتمعية.
واستنادًا إلى عدوان، فإن جولات ميدانية للتعريف بالبيئة الفلسطينية، وحملات لمراقبة الطيور وتحجيلها، وفعاليات توعوية لطلبة المدارس ستنطلق في محافظات الوطن، وستحمل بالشراكة مع المؤسسات الخضراء شعاراً وهدفًا واحدًا لحماية تراثنا البيئي.
ويضيف: مثلما أقر مجلس الوزراء العام الماضي طائراً وطنيًا لفلسطين، نستعد لاختيار زهرة وطنية لبلدنا، تمثل رسالة بيئية ووطنية وجمالية.
وبثت تعبيرات المطران يونان، الذي أطلق فكرة الخامس من آذار وتبني أبو الزهور طائرًا وطنيًا، قبل أربعة أعوام أثناء المؤتمر الفلسطيني للتربية والتعليم البيئي ببيت لحم، رسائل مماثلة، فيقول: نستلهم من عصفور الشمس الحرية، فهو يطير دون تصريح من الاحتلال، يقفز عن الحواجز والجدران، وينقل لنا وللعالم رسالتنا بالخلاص وتمسكنا بأرضنا.
ثراء
ووفق المطران، فإن في فلسطين أكثر من 530 نوعًا من الطيور، وهي تشبه الطريق السريع بالنسبة للطيور المهاجرة من القارتين الجارتين (أوروبا وإفريقيا)، لكن الأجمل من بين كل هذا العدد الضخم الذي يقصد فلسطين ويقيم فيها، عصفور الشمس، الذي أصبح جزءأ من هويتنا الوطنية.
ويضيف: "سينقل هذا الطائر رسالتنا إلى العالم، وسنضعه بالتنسيق من سلطة جودة البيئة ومجلس الوزراء على طوابعنا البريدية، وسنقدمه على هدايانا التقديرية لزوار فلسطين، وسنلصقه بأوراقنا الرسمية، وسيكون شاهدًا على ميلاد فجر حريتنا بصوته العذب."
يعود المدير عوض، ليقول: منذ نشأتي، كنت أمضي وقتاً طويلاً في مراقبة التنوع الحيوي، وتعرفت في طفولتي إلى عصفور الشمس، وبحثت عنه طويلاً، وحتى حين أصدرت كتاب "طيور فلسطين" عام 2005 اخترت هذا الطائر للغلاف.
ويتابع: بعد أن أهلتني الشهادة الدولية لإطلاق محطة لتحجيل الطيور في بيت جالا وأريحا عام 2000، انحزت كثيراً لعصفور الشمس الفلسطيني، ووجهت له اهتمامًا خاصًا، لأن اسمه في كل الدنيا يلتصق بفلسطين.
وبحسب عوض، فإن فلسطين ثرية بتنوعها الحيوي، وتتفاخر الكثير من دول العالم بمعالمهما السيادية كالعاصمة والعلم، والنشيد الوطني، والحدود، والمجال الجوي والبحري، والطيور والزهور أيضًا.
ويكرر: هناك العديد من الطيور الوطنية في دول الجوار، كالعصفور الوردي السينائي في الأردن، والعقاب لأرمينيا، وكندور الأنديز في تشيلي، والنسر الذهبي لمصر، والديك لفرنسا، والطاووس للهند، والحجل لباكستان، والصقر للإمارات العربية المتحدة، لكن طائرنا الوطني يحمل اسمنا أيضاً.
سيرة
يتابع عوض وهو يراقب طيورا تحلق في سماء بيت جالا: ينتمي عصفورنا إلى رتبة الطيور المغردة، وعائلة المغثريات (عصافير الشمس)، ويحمل اسم عصفور الشمس الفلسطيني، ويعرف شعبياً بتمير فلسطيني، وأبو الزهور، واسمه الإنجليزيPalestine Sunbird ، أما اسمه العلمي فهو Nectarinia osea.
يقول: يتراوح طول طائرنا بين 11-12 سنتمترا، وهو مُلون ورائع وجميل ومرتبط بفلسطين لأنه اكتشف لأول مرة فيها عام 1865. ويتواجد فيها تحديدًا، وبشكل أقل في دول حفرة الانهدام. ويتغذى على الحشرات، ورحيـــق الأزهار باستخدام لسانه الطويل؛ لاستخراج الرحيق من الزهور، ويطير مقابلها.
وواصل عوض: يفضل "أبو الزهور" المناطق المرتفعة الحرارة والمناخ الجاف، ويعيش في الغابات الجافة والأودية والبساتين والحدائق وفي المدن أيضــا. وهو من أصغر الطيور في بشباط ونهاية الحركة، مفعم بالحيوية، ويطير بسرعة هازًا جناحيه بسرعة كبيرة.
لوحة
فيما يرسم الباحث في المركز ميشيل فرهود لوحة للطائر، فيقول: منقاره أسود طويل دقيق وينحني إلى الأسفل، فيما الذيل قصير، والأرجل سوداء طويلة، أما قزحية العين فلونها بني. ويتميز الذكر بألوانه الزاهية الجميلة، رغم أن لونه العام أسود داكن، إلا أنه ومع أشعة الشمس تظهر ألوانه الزاهية الخضراء والزرقاء والبنفسجية في الأجزاء العلوية من الجسم ومنطقة الصدر، أما جوانب الصدر وتحت الجناحين فمغطاة بخصلات برتقالية وصفراء. أما الأنثى فلون الأجزاء العلوية من جسمها رمادي بني، أما الأجزاء السفلية فرمادية فاتحة اللون.
ويتابع: يبني طائرنا أعشاشه متدلية بأعشاب رفيعة على الأشجار والشجيرات، ويبنيها على شكل ثمرة إجاص، ومعلقة على غصن شجرة، ويتكون العش من الألياف النباتية، والحشائش، والشعر، وشبكات العنكبوت، والصوف، والريش.
ويقول الباحث رياض أبو سعدى: تضع الأنثى بيضها ذا اللون الأبيض المائل للرمادي، وتحضن البيض لوحدها، وعندما يفقس يشارك الذكر في تغذيه الصغــار. ويبدأ التكاثر في بداية شباط ونهاية آب، وتضع الأنثى بين 2– 3 بيضات. أما فترة الحضانة فبين 12– 14 يومًا، و14 – 16 يومًا بعد الفقس. ويعتمد على نفسه بعد 23–30 يومًا من مغادرة بيضته
ويتابع: من المعتقدات الخاطئة أن معظم الناس يظنون أنه من الطيور الطنّانة لوجود تشابه بينهما في بعض الصفات، إلا أن الحقيقة العلمية تشير إلى كونه من عائلة مختلفة هي المغثريات أو "عصافير الشمس".
رسائل
ووفق المركز، يتميز عصفور الشمس بكونه ساحرًا برشاقة حركته وبطيرانه الواثق السريع ومنقاره الطويل وتلوين ريشه الأسود تحت الشمس، فيصير خليطًا من الأخضر والأزرق والبنفسجي، ويستقر في جبالنا وروابينا وسهولنا، وبجوار بيوتنا وأشجارنا وأزهارنا.
فيما تزخر فلسطين بالتنوع الحيوي والطبيعي في بقاع العالم، لارتباط معظم عناصره طبيعيا بفلسطين، ويمثل عصفور الشمس الفلسطيني طائرا وطنيا بامتياز، فهو الطائر الوحيد الذي يحمل اسم بلدنا عالميًا، وهذا ثابت بالدليل الحقلي لطيور الشرق الأوسط والمعتمد من المجلس العالمي لحماية الطيور، حيث اكتشف لأول مرة عام 1865م ويتواجد في فلسطين تحديدًا، ويعتبر من الطيور المقيمة التي تتخذ من فلسطين موطنًا.
نقلا عن "وفا"