سرق من أسرته الفقيرة المعدمة ليعزم أصدقاءه في الضفة
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.07(%)   AIG: 0.16(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.20(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.84(%)   ARKAAN: 1.29(%)   AZIZA: 2.71(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.48(%)   BPC: 3.73(%)   GMC: 0.79(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.07(0.93%)   ISH: 1.00(%)   JCC: 1.52( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.68(%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.79(%)   PADICO: 1.01(%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.93(0.26%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.05(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.04(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.21(%)   TPIC: 1.90(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
12:00 صباحاً 02 آذار 2016

سرق من أسرته الفقيرة المعدمة ليعزم أصدقاءه في الضفة

"شحدنا من هون وهون، الله بعرف كيف حالتنا وشو وضعنا وبالآخر راحوا كلهم عشان زعرنة أولاد"، هي كلمات قابلتنا بها أم محمد (64 عاماً) والتي رافقناها طيلة يوم كامل لنرصد قصة جديدة لعائلة جمعت قوت يومها من التبرعات الإنسانية هنا وهناك.

في ضاحية تابعة لمدينة طولكرم، بيت تآكل من الرطوبة، جدرانه متشققة، وبابه حديديّ "مطعوج"، غرفتان إحداهما لتناول الطعام وقضاء الحاجة سوياً، والأخرى غرفة نوم للأفراد جميعهم، ومن يقطنه أسرة مكونة من ستة أشخاص أكبرهم في الصف العاشر الأساسي، وأصغرهم بعمر السنتين.

إنها الخامسة وثوانٍ معدودة من عشية يوم السبت، هو الوقت المعتاد لخروج أم محمد من منزلها كي تجمع ما تبقّى من الخضار لتطعم تلك الأفواه الجائعة، بعض من حبّات البندورة والخيار وأخرى من الباذنجان والكوسا، وضعها البائع جانباً لتتناولها أم محمد عندما تقدم لذلك المكان الذي عرفها به كلّ من يقطن هناك.

تحمل بيديها تلك الخضار، وتكمل يومها بين مكان وآخر تسترخص من ثمن هذا فتَجلبه، وتستذكر ابنها عندما قال لها "يما بدي بلوزة رياضة جديدة الأولاد بضحكوا عليّ تمزعت كلها"، وتذهب لذاك المُحسن الذي تكفل بها وبعائلتها كي يسدّ بعضاً من احتياجات العائلة التي تمثلّت بدفع فاتورة المياه والكهرباء، وعلب دواء لأبٍ كُسِر ظهره فلم يخرج بعد تلك الحادثة بتاتاً.

حياة كـ جرذ كبير

"كل يوم بصحى وبقول يا رب خدني عندك"، هي حياة أشبه بجُرذ كبير، كما وصفتها أم محمد، دخل بيتاً فحطّم أساس كلّ شيء صغير ثمّ بقي يأكل ما تبقى من آثار وأصرّ  ألا يترك شيئاً، ثمّ غادر وعاد مرة أخرى ليتأكد أنه لم يتبقَ شيء يستطيع أي شخص كائن في ذاك المكان أن يستفيد منه بشيء.

ومن هنا بدأت حكاية هذه الأسرة، فعائلة الأب لم تتعرّف عليهم بشيء بعد زواجه من فتاة لم ترغب بها والدته التي توفّت بعد سنتين من زواجهما فبَقي يُعاير أنه السبب وراء حادثة وفاتها التي بقيت خطّيتها تلاحقه حتى كُسِر ظهره حسب أقاويل عامة النّاس.

ولأنه الابن الخارج عن طاعة والديه كما يقُال، فبَعد حادثة الوفاة تنحّى أقرباؤه عنه وأداروا ظهرهم عنه، ليبقى وحيداً بين أربعة أبناء وزوجة أضحت تقوم بمهام الزوج والزوجة حتى تُسكِت الأفواه التي بكت ليالٍ طوال باحثة عن لقمة واحدة.
تقول أم محمد "سألت هذا وهذا، بحثتُ عن عمل في أيّ شيء لكنّني لم أجد، مددتُ يدي للجميع حتى أنّني فكرت ذات يوم بالتسوّل لكنّني لم أفلح وخفت من أحاديث الناس التي تعّمم ليقال عن المتسولين (أغنياء ولديهم بيوت ومرفّهين)، ولكن ماذا لو كان المتسوّل كنحن؟ من يقضي أيام كثيرة بوجبة طعام وحيدة".
حكاية أم محمد لم تتمثّل بفقر ماديّ، فابنها الكبير كان السبب وراء هذا التقرير، يا تُرى ما الذي فعله محمد كي تطلب منّا والدته سرد هذه القصة؟ وكيف باستطاعته أن يرى ما حلّ بأسرته دون أن يشعر بضمير اتجاه ما حدث؟ وما الحلّ لهذه القصص جميعها؟.


مصيبة كبرى

اتّجهت أم محمد كعادتها لتجمع ما تبقّى من الطعام، وتذهب لذاك المُحسن كي يعطيها المبلغ الذي يلبّي بعضاً من حاجتها، تناولت بقايا الطعام، وأخذت منه النقود، وعادت لبيتها لتصحو بعد ليلة بمصيبة كبرى.

استيقظت لتَجلب لزوجها علب الدواء التي يحتاجها، ارتدت ملابسها، أخذت حقيبتها الصغيرة وجَال نظرها هنا وهناك باحثة عن النقود التي أعطيت لها من ذاك المحسن ولكن؟ لا يوجد نقود، الجزدان فارغ تماماً ! أين ذهبت؟ وما هذه المصيبة؟.

وقعت أرضاً من جلّ الهمّ الذي لحق بها، بكت حتى ازرورقت عينيها، إذن إنه شهر كامل لن تستطيع به إحضار حاجيات أساسية لأسرتها، من يكون ذاك السارق؟.

تذكر أم محمد "بحثت عن محمد كي نبحث عن المال سوياً لكنّي لم أجده، فأخبرني زوجي أنه خرج في الخامسة فجراً، فبدأ الشك يقتلني، أيُعقل أنت الفاعل يا محمد؟ أتكون أنت السارق؟".

أخيراً يوم جميل

خرجت أم محمد تبحث عنه، سألت هذا وهذا ولكن لم تجد أيّة إجابة ! فانتظرته حتى عاد في السادسة مساء، بيده الأولى كيس كبير، والأخرى علبة سجائر، رمى ما يحمل بيده وقال "وأخيراً عشنا يوم متل العالم والناس".
إن كان السارق من خارج أفراد العائلة فالمصيبة أهون، ولكن إن كان يقطن في الحال ذاته، المصيبة ذاتها، والهم نفسه فمَن يشفع له؟.

انتظرنا برفقة أم محمد كي يعود محمد للحديث معه، ذاك الابن لم يكن جلّ همّه سوى الحصول على المال بأيّ طريقة كي يرى نفسه أمام أصدقائه، فسرق ذاك المبلغ ليعزم أصدقاءه على وجبة إفطار بمطعم غالِ الثمن.
"روحوا احكوا لأصحاب السيارات المفخفخة ليش بسرقونا؟ أنا ما سرقت شي، أنا عشت يوم واحد، اكتبوا عن السراقين الموجودين في البلد، اللي سرقوا دمنا، وخلونا نوكل يوم وعشرة لأ، حلوا عنا"، هي الكلمات الوحيدة التي تفوّه بها محمد، وطلب منا بعدها مغادرة المنزل.

تركنا أم محمد تجابه مصيتنا وحدها، ورسالتنا في هذا القصة تقول :عزيزي القارئ إن توفر لديك بعض من المال فتصدّق به لأولئك الذين عاث بهم الزمن فلم يجدوا بقايا طعام يسدّون به جوعهم، وتذكر السعادة جميلة عندما نشارك بها من حولنا.

 

 

 

نقلا عن موقع طقس فلسطين

 

 

Loading...