فاجأ منسق شؤون قوات الاحتلال "الإسرائيلي" في الضفة المحتلة وقطاع غزة الجنرال يؤآف مردخاي وسائل الإعلام، بإعلان أنه ليست هناك أية مفاوضات مع أي جهة حول إنشاء ميناء في قطاع غزة.
وتتنافى هذه التصريحات مع تقارير نُشرت، وتصريحات صدرت في "إسرائيل" وتركيا وقطاع غزة. وذكر موقع «والا» الإخباري أن تصريح مردخاي جاء إثر مطالبة مصرية رسمية بتوضيحات من "إسرائيل" حول ما يدور بهذا الشأن. ومعروف أن السجال يتسع داخل "إسرائيل" بين الجيش والقيادة السياسية حول مدى جدوى الميناء في غزة في منع الانفجار المقبل، وتقليص الضائقة الإنسانية التي يعيشها القطاع.
وكان مردخاي اختار الإدلاء بتصريحه حول عدم تداول "إسرائيل" مع أي جهة كانت إنشاء ميناء في غزة باللغة العربية لموقع «إيلاف» الإخباري. وشدد على أنه إذا كان هذا الموضوع سيُبحث مستقبلاً فإنه سيُبحث فقط مع السلطة الفلسطينية في رام الله.
واعتبر موقع «والا» الإخباري أن كلام مردخاي، في ظل المواقف الإيجابية لقسم من وزراء الحكومة ولعدد من قادة الجيش، يُعتبر مفاجأة، لكنه ليس صدفة. وأشار إلى علمه بأن هذا الكلام جاء في أعقاب طلب مصري لتوضيحات بشأن المفاوضات مع تركيا، والتقارير الإعلامية في "إسرائيل" بشأن احتمال إنشاء ميناء في قبرص أو على جزيرة اصطناعية.
وأشار مراسل الموقع الإسرائيلي إلى أنه ليس سراً أن مصر تعارض بشدة إنشاء ميناء يخدم قطاع غزة، طالما تسيطر «حماس» عليه.
وبحسب كلامه فإن المصريين هم من قاد خط معارضة إزالة الحصار أثناء حرب "إسرائيل" العام 2014، وهم يواصلون قيادة خط متشدد يمنع إعادة فتح معبر رفح أمام حركة الفلسطينيين. والمطلب المصري قاطع: فقط بعد إعادة السيطرة على المعابر إلى أيدي السلطة الفلسطينية، يُفتح معبر رفح. كما أن شرطهم بشأن الميناء البحري واضح: نقل السيطرة على إدخال البضائع للقطاع إلى السلطة الفلسطينية.
وفي أعقاب التقارير عن احتمال إنشاء ميناء في غزة جرت اتصالات بهذا الشأن بين مصر والسلطة الفلسطينية التي تعارض أيضاً هذه الخطوة. وإثر هذه الاتصالات نقلت مصر، وفق «والا»، رسائل إلى "تل أبيب" تفيد بمعارضة هذه الخطوة، طالما تسيطر «حماس» على القطاع. وكان عزام الأحمد أعلن، قبل أيام، أن السلطة تعارض إنشاء ميناء أو رصيف في الجانب التركي من قبرص. وشدد على أن بوسع السلطة إفشال أي خطوة لإنشاء ميناء في غزة.
وتواصل قيادات من «حماس» إطلاق تصريحات مناقضة. ومؤخراً قال القيادي في الحركة خليل الحية إن «القطاع بحاجة إلى ميناء بحري، وهو يريد ذلك، وهذه المسألة أوضحناها للأتراك. فليس هناك إزالة للحصار عن القطاع طالما لا يوجد ميناء فيها».
في كل حال يتزايد في الأوساط العسكرية تقبل فكرة إنشاء ميناء في غزة، والمسألة تُبحث هذه الأيام فيما تسمى هيئة الأمن القومي الإسرائيلي.
وأعرب قادة في سلاح البحرية الإسرائيلي عن تأييدهم إنشاء هذا الميناء، مشترطين ذلك بإخضاعه للرقابة الدائمة، وهم يقولون إن «بوسعنا حماية منصات الغاز والمنشآت الإستراتيجية».
ومعروف أن الخشية الأساس في الجيش الإسرائيلي تتمثل في آلية مراقبة الميناء، بشكل يمنع وصول مواد قد تستخدم في تعزيز قدرات «حماس» العسكرية. ومع ذلك فإن ما تسمى هيئة الأمن القومي تبحث في الشهور الأخيرة في اقتراحات عدة لآليات مراقبة على ميناء يقام في غزة مستقبلاً.
وكانت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" قد أشارت إلى معارضة وزير الحرب موشي يعلون لفكرة الميناء، في حين أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يبدي موقفاً متردداً. وقد انضم مؤخراً إلى قائمة المعارضين رئيس «الشاباك» الأسبق آفي ديختر الذي قال، متهكماً، إنه ينبغي بناء أنفاق للفلسطينيين بدل أن نبني لهم ميناء.
وينطلق يعلون وديختر من أن إنشاء الميناء يمثل تنازلاً لحركة «حماس» لا ينبغي أن يتم. وفي المقابل هناك من يعترض على الميناء، لأنه يضعف مكانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويرسخ الفصل بين الضفة والقطاع.
وكان لافتاً أن بين أول من رد على كلام مردخاي عضو الكنيست من «هناك مستقبل» عوفر شيلح عضو لجنة الخارجية والأمن والمعلق الأمني سابقاً. وقال شيلح إنه يؤيد إنشاء الميناء في غزة لأن «هذا لا يخيفني، وأعتقد أن الخوف ينبع من الشلل السياسي في الحكومة». وشدد على أن «المستوى المهني لا يعارض بناء ميناء. فالأمر يتطلب تكييف المسألة بحيث لا تكون لها عواقب أمنية، ولكن هذا لا يعني الهروب من هذا الحل. إن مدخلاً بحرياً لغزة قد يشكل جزءاً من عملية تطبيع العلاقات مع تركيا».
وكان المعلق العسكري للقناة العاشرة ألون بن دافيد قد كتب، في «معاريف»، أن إنشاء ميناء في غزة يشكل فرصة لإعادة وضع اقتراح الهدنة بعيدة المدى على طاولة النقاش. وقال إن الأمر يُبحث في المجلس الوزاري المصغر، ولم يُرفض بعكس أفكار أخرى. وكتب أن الميناء يفرِّج كرب الفلسطينيين في غزة الذين يعيشون على حافة الانفجار في وجه إسرائيل نظراً لوضعهم البائس.
وفي نظره «غزة على شفا الانفجار، وإذا انفجرت، سيكون هذا ضدنا. حماس تفهم هذا الوضع، إنها عدو لدود لكنه عقلاني»، معتبراً أن اقتراح الميناء مقابل وقف النار فيه الكثير من المزايا لإسرائيل: سيحرك اقتصاد غزة وسينشئ ذخائر لا ترغب «حماس» في خسارتها. ورأى أنه بسبب الصراع بين «حماس» ومصر لا يمكن للأخيرة أن تبقى وسيطاً، وهنا يأتي دور تركيا.
وكالات