في ظل الأزمة الحالية التي تعصف بالتعليم في فلسطين، تبدو مطالب المعلمين وإصرارهم على نيلها مطلبا تعجيزي لحكومة تعاني من عجز مالية وتتغذى على المساعدات والمنح الأجنبية، مؤجلة حل المشكلة إلى حين استخراج النفط والغاز من حقل رنتيس.
"الحدث" قامت ببحث سريع عبر الانترنت لتطلع على واقع المعلمين في دول أخرى، دول كان من بينها دول فقيرة وأخرى غنية، فكانت النتيجة أن بعض الدول تعتني بالمدرس كاستثمار اقتصادي وكنبي يحمل رسالة تعليمية تبني جيلاً يحدد مستقبل الدولة.
ثمانية نماذج أبرزتها "الحدث" للاطلاع عليها لمن يجد في مطالب المعلم الفلسطيني، شيئا تعجيزيا بينما يعدهم برقمنة التعليم وشراء ألواح رقمية كلفتها التقديرية ما بين 20-25 مليون دولار أمريكي.
أبرز النماذج ما يلي:
المعلم في اليابان
قال امبراطور ياباني شهير إن سر تقدم دولتنا في هذا الوقت القصير، لأننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير، وينظر للمعلم في المجتمع نظرة احترام وتقدير بعد الأمبراطور مباشرة ما يجعل علمه واجبا مقدسا.
إلى جانب راتب المعلم الأساسي والذي يتراوح بين 32 و 68 ألف دولار في السنة يحظى المعلم بعلاوة مالية تمنح له ثلاث مرات بالعام الواحد تقديرا لجهوده، بجانب دفع التكالبف الطبية وراتب التقاعد وغيرها.
في سنغافورة
تكرس سنغافورة جزءا كبيرا من مواردها لتحسين حال المعلم والإرتقاء به، وهذا سبب من أسباب تقدمها، كما أن الحكومة أقرت ما يعرف بـ"جودة المعلم" والذي يعطي للمعلّم مزيدا من الهيبة والاحترام، ما جعله يشعر بالانتماء وأصبح دوره أكثر فاعلية وعطاء.
ويتراوح راتب المعلّم بين 24 و47 ألف دولار في السنة، ويمنح حوافز مجزية، إضافة إلى البدلات والإعانات، كما يصرف له نحو ألف دولار سنويــًا، لتطوير قدراته الذاتية، من خلال حضوره لدورات تدريبية، في معاهد خاصة، أو شراء مستلزمات تقنية، ذات صلة بالتعليم المتقدّم.
المعلم الصيني
خلال الخمسين سنة الماضية، أعطت الحكومات المتعاقبة، في جمهورية الصين الشعبية، أولوية كبيرة للتعليم، واعتبرته القطار الذي يقود الأمّة نحو التقدم، وقد نال المعلّم نصيبًا كبيرًا من الاهتمام والرعاية، التي كان يفتقدها في السابق، مما دفعه إلى النهوض الواثق، نحو أداء دور الرائد، في المنظومة التعليمية.
ويتقاضى المعلم في الصين راتبــًا شهريــًا، يتراوح بين 800 إلى1200 يوان، وهذا الراتب يعد معقولًا لإعالة الأسرة، والتمتع بالراحة في ظل نمط الحياة المحلية، إلى جانب ذلك تـصرف له حوافز وبدلات، يرى أنها لا تـحقق طموحاته، ويطالب بالمزيد من التقدير المادي.
وكانت الحكومة قد بدأت في تطبيق برنامج يدعى «توحيد الشبكات للتعليم الوطني للمعلّمين»، يستهدف «الدفع نحو الارتقاء بالمعلمين، من خلال ممارسة معلوماتية التعليم، والاندماج بين شبكة منظومة التعليم للمعلمين، وشبكة التلفزيون الفضائية التعليمية، وشبكة الكمبيوتر المتواصلة».
وقد انعكست الحقوق المادية والمعنوية والمهنية، التي نالها المعلّم الصيني، في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، على أدائه وعطائه في النهوض بطلاّبه، والسعي نحو تحقيق أهداف سياسة التعليم.
المعلم في إندونيسيا
ينظر إلى المعلم في إندونسيا باعتباره «الإنسان النبيل»، لأنه المسؤول عن نهوض بلاده وتقدمها الحضاري، كما حقق المعلم من خلال الإمكانيات التي وفرتها له الدولة، إسهامات فاعلة في النهوض بالعملية التعليمية.
وتتفاوت رواتب المعلمين ما بين 316 و1700 دولار أمريكي شهريًا، إلى جانب الحوافز والبدلات، وكان قد أعلن مؤخرًا، عن زيادة في رواتب المعلمين، بنسبة تصل إلى 15%، في ظل موافقة الحكومة المركزية، على رفع ميزانية التعليم إلى 20% من نفقات الدولة.
فــي بــريـطـانـيــا
تعد بريطانيا، من أكثر الدول اهتمامــًا بالمعلم، ماديــًا ومهنيـًا ومعنويــًا، ويقدر متوسط رواتب المعلمين بنحو 31000 جنيه إسترليني في العام، إلى جانب المكافآت والحوافز، التي ترتبط بأداء المعلم، ومدى كفاءته.
وبحسب قانون حقوق المعلّم لعام 1983م، فقد كفل للمعلّم، الذي لم يرق إلى منصب أعلى، مكافأة تـعادل 69% من بدء تعيينه، إلى تقاعده، بينما يمنح من يرقى إلى منصب أكبر 102%، ويسمح للمعلمين في بريطانيا بتشكيل تنظيماتهم النقابية، وفق ضوابط تمنح الحماية للأعضاء، وتنظّم مشاركتهم في الحياة العامة.
وفي إطار سعيها لتحسين المكانة الاجتماعية لمهنة التدريس، وتشجيع الكفاءات من المعلمين، تنظّم بريطانيا ما يعرف بــ«برامج الجوائز الوطنية»، التي زادت من جاذبية الأشخاص، من أصحاب المهارات، إلى الالتحاق بمهنة التدريس، ويكرّم الأكفّاء منهم، من قبل الملكة، حيث يحصلون على جوائز مادية قيّمة، وميدالية فارس الإمبراطورية البريطانية.
فــي هــولــنــدا
تعد هولندا من الدول المتقدّمة في مجال التعليم، حيث توفّر تعليما عالي الجودة للجميع، ويحظى المعلّم في هولندا بالرعاية والاهتمام، ومتوسّط راتبه الشهري نحو 4500 دولار أمريكي، وهو يتقارب في ذلك مع راتب المعلّم في سويسرا، إلى جانب حصوله على العديد من المزايا، كالسكن والادخار والعلاج وغيرها.. وبعد تمرير البرلمان الهولندي، لما يعرف بــ«قانون مهنة التعليم»، في صيف عام 2004م، لم يعد شرط المؤهّل وحدة كافيــًا للاحتراف في مهنة التعليم، حيث أضيف وجوب التخصص.
فــي فــرنــســــــا
يؤهّل المعلمون في فرنسا، من خلال 22 معهدًا جامعيـًا (IUFM)، هي عبارة عن مؤسسات جامعية متخصصة، حلّت مكان دور المعلمين العامة، والمراكز التربوية الإقليمية، ودور المعلمين المهنية، التي كان يعوّل عليها سابقــًا في تأهيل المعلمين.
وتبدأ رحلة الوصول إلى مهنة التعليم، منذ التحاق المرشحين للدراسة في معهد جامعي لتأهيل المعلمين، بعد حصولهم على شهادة الثانوية العامة (البكالوريا)، وشهادة دراسات ما بعد الثانوية، ويشترط في القبول، تقديم ملف كامل (CD) يخضع للفحص والدراسة، من قبل لجنة مختصة، وكذا المقابلة الشخصية، ويشترط أن يكون المرشح حاملًا لجنسية أي من بلدان الاتحاد الأوروبي.
أمــّا عن الرواتب للمعلّمين في فرنسا، فهي تتباين من مرحلة إلى أخرى، وتبدأ من نحو 1800دولار شهريــًا، إضافة إلى حوافز مجزية لذوي الكفاءات، ومزايا أخرى عديدة تتعلّق بالسكن، والادخار، والعلاج، ونحوها.
فـي الـولايـات الـمـتـحـدة الأمـريـكـيـة
يقدر متوسط رواتب المعلمين بنحو 50 ألف دولار في السنة، إضافة إلى البدلات والحوافز والمزايا الأخرى، وبحسب وايت هوست، في دراسة بعنوان «حوافز المعلّمين لتحسين الناتج التعليمي»، فإن عددا من الولايات، قام مؤخرًا باعتماد نظام الحوافز على أساس الأداء، حيث تـصرف رواتب أعلى بكثير، للمعلّمين الذين تمكّنوا من زيادة مستويات إنجازات الطلاّب.
وكانت وزارة التعليم قد بدأت منذ نوفمبر 2006م، بتمويل 34 برنامجــًا رائدًا، لمساندة نظام رواتب المعلّمين على أساس الأداء، وبموجب هذه البرامج، سمح للمعلمين بشراء المنازل الحكومية، في المناطق ذات الأولوية، بخصم يصل إلى50 بالمائة من سعر السوق، مقابل الالتزام بالسكن في المنزل، لمدة ثلاث سنوات على الأقل، والعمل بالتدريس بدوام كامل في المدارس، التي تخدم الطلاّب بالقرب من المساكن.
نقلاً عن الحدث