تتصدر واجهات معظم المحال التجارية في مدينة رام الله، وغيرها من مدن الضفة، لافتات براقة تشير إلى وجود حملة "تنزيلات" على البضاعة المعروضة، ويتفنن التجار فيما يكتبونه على هذه اللافتات، لجذب نظر الزبائن واغرائهم بالشراء.
وتبرز هذه الظاهرة في نهاية المواسم خاصة الشتاء والصيف، وتحديدا لدى قطاعي الالبسة والأحذية.
"حياة وسوق" استطلع آراء التجار والمواطنين حول هذه "التنزيلات"، فكان التباين واضحا، بين مصدق ومكذب لها، فيما أكدت الجهات الرسمية المعنية أن لا قوانين ولا ضوابط تنظم حملات التنزيلات، والكثير منها تبين أنها "حملات وهمية" غير حقيقية.
وأكدت الجهات الرسمية أنه يجري العمل على إعداد قانون يضع إجراءات وضوابط لحماية المستهلك، من خلال عرض الأسعار الحقيقية للبضائع حسب فواتير وتحديد نسبة الخصم، بناء على ذلك، ومعاقبة من يقوم بخداع المواطن بتنزيلات وهمية.
"اشتر قطعتين والثالثة مجانا"
ورفعت المحلات شعارات كتب عليها: "اشتر اثنين واحصل على الثالثة مجانا، وكل قطعة بـ 50 شيقلا، وتنزيلات حقيقية، واغتنم الفرصة، وعرض خاص، وأي قطعة داخل المحل بـ 50 شيقلا، واشتر ثلاثة واحصل على الرابعة مجانا".
وازدحمت الأسواق بالشابات والشباب الذين يريدون استغلال الفرصة وشراء ما يلزمهم بنصف السعر.
وتنتظر الشابة هيام عبد الرزاق، هذه العروض والتنزيلات الموسمية، بفارغ الصبر كل عام، لشراء ما يلزمها من الملابس والأحذية.
تقول عبد الرازق التي تدرس في جامعة بيرزيت، ان الوضع الاقتصادي لا يسمح بشراء حذاء يفوق سعره الـ 200 شيقل، لذلك انتظر موسم التنزيلات لشراء ما يلزمني.
وتوضح بعد ان اختارت احد الاحذية المعروضة في مجمع البيرة التجاري، ان موسم التنزيلات يعد فرصة جيدة للشراء بأسعار أقل.
وتتابع عبد الرازق: "لا استطيع مقاومة كلمة تنزيلات، لذلك اقبل ايضا على شراء ما لا يلزمني، فعندما اعلم انه يوجد تنزيلات في احد المحلات اصر على زيارته، والشراء منه حتى لو لم اكن بحاجة لهذه الأشياء في هذا الوقت، فقد احتاجها في وقت اخر، لذلك احب ان اشتريها".
بينما ترى الشابة آلاء راضي من مدينة رام الله أن التنزيلات وهم ليس الا، خاصة انها اعتادت السفر والتسوق من الأسواق العالمية، وتعرف المعنى الحقيقي للتنزيلات في الخارج وتقارنها بأسلوب التنزيلات هنا.
تقول راضي: "على سبيل المثال في رام الله يكون سعر المنتج 150 شيقلا في بداية عرضه وفي اوقات التنزيلات تكون 100 شيقل علما ان سعر القطعة الحقيقي يجب ألا يتجاوز الـ 50 شيقلا خاصة مع النوعية السيئة للمنتج مقارنة بالمنتجات العالمية الاخرى".
وترى راضي ان التجار يعرضون التنزيلات على الأسعار عندما يريدون التخلص من بضاعة معينة كاسدة، يكون موديلها اوشك على الانتهاء، خوفا من تخزينها في المخازن.
وتشير راضي إلى أن موعد التنزيلات الذي يقوم به التجار غير مناسب في كثير من الأحيان، فهو يأتي متأخرا ولا يستفيد منه المستهلك، نظرا لانتهاء الموسم.
وتوضح راضي ان التجار يمارسون تلاعبا في نسب التنزيلات، ومدى خفضها، فهم يعرضون البضائع بأسعار عالية بداية الموسم، من أجل ان يخفضوا السعر الى النصف دون خسارتهم في آخر الموسم.
وتوافق الشابة نجوى مصطفى من مخيم الجلزون، راضي رأيها "التنزيلات خدعة موسمية، فالسعر الذي يكتب بالتنزيلات هو السعر الحقيقي، بينما السعر القديم هو زيادة وهمية، وان ما يتم العرض عليه هي بضاعة رديئة يريد التاجر التخلص منها".
وتضيف مصطفى بعد أن سألت عن الاسعار في احدى محال الاحذية في رام الله، ورفضت الشراء لانها ترى ان هذه التنزيلات غير حقيقية، ان التاجر يمارس خدعة على المستهلك من اجل اغرائه للدخول الى المحل من ثم توريطه في الشراء.
وترى مصطفى ان التنزيلات تشمل بعض البضائع غير الجيدة، ولا يوجد منها مقاسات مختلفة وليس عليها طلب او لم تحظ بالبيع، لالوانها المختلفة او لاحجامها غير المناسبة، فالتاجر يكون هو الرابح الأول والأخير.
وتقول ان هذه اليافطات هي حيل من أجل اغراء الزبون، لأن التاجر لا يمكن ان يعرض نفسه للخسارة.
وتشير الى ان التاجر يريد التخلص من البضاعة لذلك يقوم بعمل تنزيلات وعروض عليها، ولأن هذه البضاعة لم تلق من يشتريها في مواسمها.
وتعتبر ان التنزيلات خدعة تجارية لأن الأسعار التي تكتب على واجهات المحال تهدف الى السيطرة على عقول المستهلكين، وجذبهم للشراء.
عدة عوامل تحدد طبيعة التنزيلات
ويقول التاجر حربي اصلان صاحب متجر احذية، إن ما يحدد موعد التنزيلات وطبيعتها ونسبتها هو الوضع الاقتصادي العام، اضافة الى الوضع الاقتصادي للتاجر نفسه والتزاماته، كذلك حالة الطقس ووضع البضاعة في السوق.
ويضيف أصلان ان التزامات التاجر تجعله يبكر في بعض الأحيان من موسم التنزيلات وتقديم العروض على بضاعته، وذلك يكون على حساب ربحه، بهدف التخلص من البضائع الموجودة لديه، وعدم تخزينها في المخازن للسنة القادمة، والذي يكلفه كثيرا.
ويؤكد اصلان ان تخزين البضاعة يسبب الخسارة للتاجر، لذلك يلجأ التجار الى تفريغ مخازنهم استعدادا لبضائع الموسم المقبل.
ويشير أصلان الى انه عند الاعلان عن التنزيلات يتحرك السوق ويكسر الجمود، فالناس تقبل على البضاعة بشكل جيد، مستغلين فرصة تخفيضها سعرها، وشرائها بنصف ثمنها.
ونوه اصلان إلى أن التنزيلات بدأت هذا الموسم مبكرا في السوق بسبب الوضع الاقتصادي السيئ للناس، وما تشهده الأسواق من ركود.
نقلا عن الحياة الجديدة