جهزه مركز التعليم المستمر وخدمة المجتمع في جامعة القدس المفتوحة
المركز التعليمي المتنقل...شاحنة تنقل العلم والأمل إلى المناطق المهمشة في الوطن
"عندما أرى الابتسامة على وجه الطلبة لدى رؤيتهم الشاحنة الجديدة التي تحوي مركز التعليم المتنقل، أدرك أهمية هذا المركز"، هكذا قالت سوار كامل أحمد (الطالبة في تخصص نظم معلومات حاسوبية-فرع القدس المفتوحة في يطا، المتطوعة في المركز) واصفة هذا المشروع الذي أنجزه مركز التعليم المستمر وخدمة المجتمع في جامعة القدس المفتوحة.
المركز التعليمي المتنقل-الذي جهزه مركز التعليم المستمر وخدمة المجتمع في جامعة القدس المفتوحة، بهدف تحسين فرص التعليم جنوب الخليل-مركبة شاحنة مجهزة بأجهزة حاسوب ومكتبة تتضمن كتباً إلكترونية وأخرى مطبوعة، بهدف رفع كفاءات الأساتذة في المدارس المستهدفة عبر دورات تدريبية، وتعزيز قيم التطوع والعمل الخيري ومهارات العمل الجماعي من خلال مشاركة الشباب في حملات تطوعية استهدفت مجتمعاتهم المحلية، بالإضافة إلى تمكين النساء في هذه المناطق وتحسين مهاراتهن في مجال الحاسوب.
"هذا المركز ضمنا إلى القرية الصغيرة"
يقول مدير مدرسة الكعابنة الأساسية المختلطة أ. عودة ناصر نجادة: "بعدما أصبحت المعمورة قرية صغيرة يرتبط بعضها ببعض، شعرنا وكأننا في هذه المناطق ما زلنا مهمشين، ولكن المركز المتنقل هذا منحنا فرصة التعارف على هذا العصر الجديد، ووفر لنا خدمات التكنولوجيا التي نفتقر إليها في مدارسنا، وهي خدمات تساعد على تحسين جودة التعليم، وخاصة ما يتعلق بمجال الحاسوب والمعلومات التكنولوجية الأخرى، وتعينهم على البحث وإعداد التقارير وغيرها من متطلبات التعليم، وهكذا بتنا جزءًا من هذه القرية الصغيرة".
ويضيف نجادة: "اكتسبتُ كثيراً من المهارات الجديدة في أدائي بصفتي مدرساً، فتعرفت على آخر المستجدات في عالم الحاسوب وبرامجه، حين شاركت زملائي المدرسين وأصدقائي من المجتمع المحلي في دورة (الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب) التي تعقد في المركز التعليمي المتنقل".
أريج محمد علي دعاجنة، الطالبة في الصف العاشر بمدرسة البويب الأساسية المختلطة، تصف فرحتها عندما رأت المركز المتنقل، قائلة: "نادرًا ما نشاهد هذا الكم من التطور في هذه الزاوية من العالم، لذا فرحت كثيرًا عندما رأيت كل هذه الأجهزة والشاشات في شاحنة واحدة، فتدربت على تصفح المكتبة الإلكترونية، ولامست حقيقة التطورات التكنولوجية بفضل هذا المركز".
فائدة للمجتمع كله
هذا المركز الذي نفذ بتمويل من حكومات السويد، والنمسا، والنرويج، من خلال برنامج تنمية وصمود المجتمع في المنطقة "ج" والقدس الشرقية (CRDP) الذي تديره الحكومة الفلسطينية، وينفذ من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي/ برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني، لم يحتكر للفئات التي تتلقى علومها في المدراس أو الجامعات، بل يقدم خدماته لكل فئات المجتمع، وبرهان ذلك ما بينته فاطمة سلامة الفقير (أم لثلاث طالبات في مراحل مختلفة من المدرسة) في قولها: "شاركت بناتي في نشاطات المركز التعليمي المتنقل أثناء وجوده في المدرسة، واكتسبت وإياهن معرفة جديدة عن الحاسوب وكيفية استخدامه، وشاركنا في العديد من نشاطاته الترفيهية والتثقيفية والتوعوية، ونتمنى تكرارها كي تعم الفائدة على وجه أكبر".
أما والدة الطالبة فاطمة نجادة من مدرسة الكعابنة الأساسية المختلطة، فتبيّن أنها شاركت في نشاطات المركز التعليمي المتنقل، لأنها رأت أنه يلامس حاجة الطلاب والأهالي، خاصة فيما يتعلق بالحاسوب والمواضيع التربوية والتوعوية والترفيهية التي تسهم في تطوير القدرات ورفع الكفاءات"، مؤكدة أن المركز التعليمي المتنقل يسهم كثيرًا في تعزيز دور المرأة في المجتمع".
المركز غيّر مفهوم التطوع والتعليم لدى كثيرين
تقول الطالبة المتطوعة في المركز سوار كامل: "في مناطق كهذه، يشكل المركز المتنقل حلمًا للكثيرين، فكثير من هذه المناطق تشهد أوضاعًا اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية استثنائية يصعب في ظلها الحصول على أبسط الحقوق".
لا يقتصر عمل المركز على توفير التعليم في الحاسوب وتقديم الكتب الإلكترونية، بل يهتم بالعمل التطوعي، وفي هذا تقول سوار: "لطالما آمنت بالتطوع والعمل بروح الفريق الواحد، لهذا ركزت على تعليم الطلبة والنساء وإرشادهم إلى كيفية استخدام الحاسوب والمكتبة الإلكترونية، للحصول على معلومات تهمهم. أجل، لقد غير المركز نظرتنا إلى التطوع والتعليم برمته".
الفئة المستهدفة تولي التعليم أهمية قصوى رغم صعوبة الأوضاع
معتصم الجندي (طالب السنة الثالثة في تخصص الخدمة الاجتماعية بفرع الجامعة في يطا) يتعجب من الوضع الأكاديمي السائد في المناطق التي يستهدفها المركز المتنقل، ويقول: "لا أتخيل حياتنا اليومية بدون الإنترنت والتكنولوجيا ومواقع التواصل وغيرها، أما هنا فالوضع مختلف تمامًا، لذا فمواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من سبل الحياة المريحة، تعد في أدنى قائمة أولوياتهم، ورغم ذلك فإن التعليم من أهم الأمور عندهم".
ويتابع: "تطوعت في نشاطات عدة وفي أماكن مختلفة، لكني بتطوعي في هذا المركز استفدت ما لم أستفده في غيره، فهو مشروع جديد لم نعتد عليه في فلسطين، ثم إن خدمتي في هذا المركز أضافت شيئًا ملموسًا لأن الطلبة الذين كنت أقابلهم كانوا يقدرون عملنا وكانوا حقًا تواقين للتعلم".
من خلال الرحلات التطوعية التي حضرها مع المركز المتنقل، استطاع معتصم أن يصل إلى هموم نظرائه من الطلبة وسكان المناطق المهمشة في جنوب الخليل بوجه عام، يقول: "أهم ما كان يشغلهم ضعف مستوى التعليم، خاصة العلوم التي تتعلق بالحاسوب، فعلى الرغم من أنهم أناس بسطاء فالتعليم عندهم من أساسيات الحياة، لذا دربتهم في عدد من المجالات، وحاولت أن أعزز قدراتهم الحاسوبية والمعرفية بوجه عام، وكلما ألقي درسًا أو محاضرة تبيّن لي أن تفاعلهم يعبر عن مدى حاجتهم للعلم والمعرفة وسعيهم لها".
متطوعة: "المركز طورني أكاديميًا ومن ثم مهنيًا"
تقول ريم إبراهيم أبو صبحة (الطالبة في تخصص الرياضيات بفرع "القدس المفتوحة" في يطا) إنها رافقت المركز التعليمي المتنقل في مرحلته التشغيلية التي انطلقت بتاريخ 4/1/2016م، وإن تطوعها فيه أكسبها ثقة كبيرة بنفسها بصفته مدرسة ومصدراً معلوماتياً يعتمد عليه لتناقل الخبرة، وتوضح: "تعلمت كثيراً عن كيفية تعاملي مع الطلبة والمتلقين بوجه عام، وعملنا في أوضاع حياتية صعبة إلى حدّ ما، وهذا سيسهل عليّ عملي مستقبلاً في معظم البيئات المتوفرة، وتعرفت أيضاً على مجموعة من السكان الذين يمارسون حياتهم بغير تكلف، وبوجه يخلو من المظاهر الموجودة في المدن، وأدركت أن لديهم رغبة قوية جدًا في التعلم، وهذا أمر نفتقره في كثير من المدن والقرى الأخرى".
تطوعها في المركز لم يفد سكان المناطق المهمشة وطلبتها فحسب، بل أثرى مخزونها المعلوماتي في كثير من المجالات، منها التطوعية والحاسوبية.
يذكر أن المركز التعليمي المتنقل ينفذ أنشطة أكاديمية متنوعة، مثل تعليم المتلقين كيفية استخدام مختبر الحاسوب في تطبيق المنهاج التعليمي المقرر للمرحلة المتوسطة (من الصف السادس إلى الصف العاشر) في عدد من المدارس منها: الهذالين، والكعابنة، ومسافر يطا، والزويدين، والديرات، والبويب، ومدرسة الدقيقة في مسافر يطا، والسيميا في السموع.
وستنظم المركز أيضاً العديد من الندوات وورشات العمل التوعوية للمجتمع المحلي في شتى المجالات، مثل تربية الأطفال، والزراعة، وصحة المرأة، وذلك باستخدام التكنولوجيا المتوافرة في المركز، وسيجري الاستعانة بطلبة الجامعات وبعض الكليات الواقعة جنوب الضفة (بيت لحم، والبوليتكنك، وكلية العروب) لتنفيذ حملات تطوعية في هذه المناطق.