رام الله - الاقتصادي - بعد مرور ما يقارب عشر سنوات على اصدار قانون السلك الدبلوماسي رقم (13) لسنة 2005، وإصدار مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون بهدف تحديد القواعد والاحكام التي يتم بموجبها التعامل مع التعيين والترقية في السلك الدبلوماسي، ترى مؤسسة أمان ومن باب دورها في تفعيل المساءلة المجتمعية انه من الضروري مراجعة واقع إشغال الوظائف الدبلوماسية من حيث التعيين والترقية وذلك لما يعتريها من فجوات تتعلق بضعف الشفافية والرقابة على التعيينات، وتأثير العلاقات الشخصية عليها، وضعف الالتزام بالقانون الناظم لها. كان هذا من أهم المخرجات التي تم التوصل اليها خلال جلسة عقدت في مقر ائتلاف أمان مع الأطراف ذات العلاقة لنقاش حيثيات الموضوع.
تعيينات استرضائية تخدم مصالح شخصية
افتتح الجلسة مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد د.عزمي الشعيبي متطرقا للسياق التاريخي الذي حكم إشغال الوظائف الدبلوماسية منذ قيام منظمة التحرير التي عهدت بعد انتزاعها حق تمثيل الشعب الفلسطيني بعد عام 1973 إلى ممثلي مكاتبها في مختلف دول العالم بتمثيلها وفقا لصيغة ومستوى التمثيل والاعتراف بها من قبل هذه الدول.
وأشار الشعيبي إلى أن وزارة الشؤون الخارجية رغم اعتبارها واحدة من مؤسسات السلطة إلا أن ممارسة التعيين والترقية للسفراء تتم خارج مؤسسات الإشراف والرقابة التابعة للسلطة وتحديداً عند الحديث عن غياب تام للدور الرقابي الخاص بديوان الموظفين العام فيما يتعلق بالموظفين الدبلوماسيين، ما سمح بوجود ثغرات واسعة تم استخدامها في تعيينات لأسباب شخصية أو سياسية أو استرضائية أو محسوبية، أو ربما لحل المشاكل المالية لبعض الأفراد. وأشار إلى أن وجود قانون ونظام خاص للدبلوماسيين لا يعني غياب الدور الرقابي لديوان الموظفين الذي يجب أن يراقب على تطبيق القانون الدبلوماسي للتأكد من الالتزام بتطبيق القانون الخاص.
من جانبه أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق المستشار عيسى أبو شرار على أهمية الالتزام بأحكام القانون في هذه التعيينات مشددا على تأثير الضعف الرقابي الشديد على نزاهة وشفافية التعيينات، مطالبا ديوان الرقابة المالية والإدارية بالقيام بدوره في الرقابة على شغل هذه الوظائف للتأكد من مدى احترام وزارة الشؤون الخارجية للإجراءات واجبة الاتباع.
الوكيل المساعد لهيئة التقاعد الفلسطينية محمد أبو حجة أشار إلى أن معظم العاملين في الوظائف الدبلوماسية يطبق عليهم قانون التقاعد العام ما يحتّم قيام ديوان الموظفين العام بالإشراف على مدى تطبيق المسؤولين عن هذه التعيينات لاحكام وإجراءات النظام الإداري الخاص بالوزارة. وبين أبو حجة أن كون هؤلاء العاملين محكومون بنظام خاص لا يعني انهم غير خاضعين للرقابة والإشراف، وهذا ينطبق على كل المؤسسات العامة التي لها نظام إداري خاص.
الخاص يقيد العام في عمل ديوان الموظفين
من جهته أكد المستشار المساعد في ديوان الموظفين العام رامي عودة على أن الديوان يشرف على تعيين ومتابعة الموظفين غير الدبلوماسيين (الإداريين) مشيرا إلى أن الديوان مقيد في متابعة كل ما يتعلق بالدبلوماسيين بسبب أن القانون الخاص الذي تخضع له الوزارة يمنع تطبيق قانون الخدمة المدنية (القانون العام). واتفقت نائب مدير عام التعيينات في الديوان فداء الكايد مع عودة مضيفة أن دور الديوان يقتصر على القيام بتحويل مراسيم الرئيس الخاصة بوزارة الشؤون الخارجية بشأن (التعيين، الترقية، والنقل) إلى وزارة المالية للتنفيذ لضمان عدم ازدواجية الراتب.
المجتمعون أوصوا بمطالبة السيد الرئيس ووزارة الخارجية وقف إصدار أية مراسيم لا تتقيد بأحكام قانون السلك الدبلوماسي وإجراءاته المُلزمة، مشددين على ان التعيينات والترقيات والتنقلات والترضيات للبعض لا يجب أن يكون حلها ضمن إطار السلك الدبلوماسي.
من الجدير ذكره أن الورقة راجعت التعيينات والترقيات الدبلوماسية التي تمت من عام 2010-2015 وصدر بها مراسيم رئاسية ونشرت في جريدة الوقائع الرسمية والبالغ عددها 78 قراراً، مع تبيان الإطار القانوني الناظم لتلك التعيينات والترقيات والتنقلات التي أثارت عددا من التساؤلات التي تستحق الإجابة عليها من قبل وزارة الخارجية.
مراجعة الأسماء التي وردت في القرارات تشير وبشكل واضح إلى أن الكثير من هذه التعيينات والترقيات قد تمت لأقارب بعض المتنفذين الرسميين، وبعضها يحمل مخالفات صريحة للقانون الدبلوماسي الذي ينص -على سبيل المثال- على أن يكون قد مضى على وجود المستشار أول في درجته مدة 4 سنوات قبل ترفيعه إلى سفير، وقد تم في بعض الحالات خرقها.
وحملت قرارات أخرى شبهات تضارب مصالح في التعيين والترقية، وفي حالات أخرى تم تعيين مستشارين للسيد الرئيس بدرجة سفير علما بأنهم لا علاقة لوظائفهم بالعمل الدبلوماسي، ما يشير الى توجه لاستغلال ميزات وحقوق العمل الدبلوماسي من قبل غير الدبلوماسيين. وفي تعارض واضح مع قانون السلك الدبلوماسي، تم في بعض الحالات نقل موظفين من الخدمة المدنية مباشرة إلى السلك الدبلوماسي دون المرور بالإجراءات الواردة في القانون الدبلوماسي والنظام الخاص، حيث تم نقل موظفين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومحافظة رام الله ومن ديوان الرئاسة وديوان الموظفين العام إلى العمل الدبلوماسي.
حضر الجلسة كل من ديوان الموظفين العام، ديوان الرقابة المالية والإدارية، هيئة التقاعد الفلسطينية، الصندوق القومي الفلسطيني، وزارة العمل، إضافة إلى عدد من مؤسسات المجتمع المدني كمؤسسة استقلال ومركز الدفاع عن الحريات وعدد من الخبراء والأكاديميين، بينما اعتذرت وزارة الخارجية عن المشاركة.