الانطوائيون هم الأشخاص الذين يستمدون طاقتهم من وحدتهم، حسب سوزان كَين، التي تحولت من محامية إلى كاتبة ذائعة الصيت، في كتابها "هدوء" عام 2012.
يعني هذا في مجال المال والأعمال أن الانطوائيين غالباً ما يتفوقون في أدوار تتطلب التفكير بشكل هادئ، مع حد أدنى من الاتصال بالآخرين ـ مثل عملية التشفير أو تحليل البيانات.
لكن ماذا عن العمل في مراكز إدارية بارزة؟ في أيامنا هذه، يبدو أن المراكز الإدارية العليا تتطلب تبادل الأحاديث الطويلة والودية مع العملاء وإجراء مناقشات بشكل ممتع وجذاب على غرار مؤتمرات "تيد" العالمية. فهل يمكن للانطوائيين أن يشغلوا مراكز إدارية عليا؟
يعد دوغ كونانت خير مثال على امكانية حدوث ذلك، فهو أمريكي دمث الخلق يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة "حساء كامبل" ورئيس شركة "نابيسكو للأغذية" والرئيس الحالي لمعهد كيلوغ للقيادة التنفيذية. وقد اعترف كونانت بأنه شخص منطوٍ على نفسه.
لكن هذا لا يعني أن الشخص الهاديء المولع بالتأمل يجب أن يجلس بمفرده في أحد زوايا المكتب بعيدا عن الناس.
يقول كونانت: "كوني منطوياً على نفسي كان بمثابة تحديا حقيقيا طيلة مسيرتي المهنية. يميل العالم من حولك، بشكل واضح للعيان، إلى تفضيل الاجتماعيين والمتحدثين، أما أنا فأفضل الجلوس بالخلف والتأمل والبحث عن الفرصة المناسبة للتعليق والتواصل مع الآخرين."
أدرك كونانت في بدايات عمله أن ميوله الانطوائية تحد من تقدمه، فبدلا من أن يُعلن عن تعليقاته المباشرة في الاجتماعات، على سبيل المثال، كان ينتظر انتهاءها ثم يناقش آراءه مع الأشخاص المعنيين، مما كان له وقعٌ أقل بكثير.
ولكن بدلاً من إخفاء شخصيته الحقيقية والتظاهر بأنه شخص متفتح، قرر كونانت أن يتخذ المسار المعاكس و"يبوح" بشخصيته الانطوائية، على حد قوله.
وقال: "حاولت أن أقول للناس’هذا أنا'. وجدت أنه كلما جعلت نفسي أقل حصانة، كلما قال الناس، ’آه، لا توجد مشكلة في ذلك. أنت مجرد انطوائي'. ذلك جعل الأمور أسهل لأن الناس كانوا يتفهمون شخصيتي."
عند اتخاذ القرارات الحاسمة، لم يكن كونانت يظل بعيداً عن الأنظار في مكتبه. لكن المجاهرة بشخصيته كانت تعني أن الناس يتفهمون انطواءه على نفسه ويتعاملون معه على أساس شخصيته وطبيعته بدلاً من صرف النظر عنها ـ أو عنه.
وكالات