يميل الناس بشكل تلقائي إلى اختيار صفات معينة وتعميمها على كل أصحاب مهنة؛ فهناك كثير من الأفكار المسبقة عن الأطباء والمحامين والمتخصصين النفسيين والفنانين، وفي حين لا تعتبر الأفكار المسبقة المنتشرة دقيقة لافتقارها إلى السند العلمي، بيّنت دراسة أن هناك صفات في الشخصية تنطبق فعلاً على طلاب أقسام معينة وخرّيجيها دون أخرى.

فبحسب الدراسة التي أجريت في جامعة "أراهوس" الدنماركية ونشرت في مجلة Personality and Individual Differences، هناك رابط بين موضوع الدراسة في الجامعة وشخصية الطالب؛ فطلاب إدارة الأعمال والقانون لديهم ميول أنانية وغير متعاونة، وهم أقل تعاطفاً مع الآخرين في مشاعرهم.

وفي إطار الدراسة قامت الباحثة بتحليل معطيات أكثر من 13 ألف من طلاب الجامعات من 12 قسماً مختلفاً، فوجدت علاقة بين نظرية "الصفات الخمس للشخصية" المعروفة في علم النفس وبين طلاب التخصصات المختلفة؛ هذه النظرية تتحدث عن الأبعاد التي تكوّن شخصيّة الإنسان وهي خمسة: الانفتاح والاجتهاد والاختلاط أو الاجتماعية، والتوافق والاضطراب (أو القلق).

وبعد تحليل النتائج تبيّن أن الطلاب المتخصصين بقسم الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية والطب كانوا أكثر تخالطاً واندماجاً مع المجتمع والمحيط، كما أنهم يتمتعون بدرجة عالية من الإصرار والثقة بالنفس والنشاط والمشاعر الإيجابية.

من ناحية أخرى، أحرز طلاب الحقوق والاقتصاد وإدارة الأعمال وطلاب العلوم والهندسة نتائج متدنية في "الانفتاح"؛ وهي الصفة المتعلقة بالفضول والإبداع والرغبة بالاكتشاف والانفتاح لكل ما هو جديد من تجارب وأفكار ومفاهيم، فقد أبدوا استعداداً أقل لتقبل أفكار مختلفة عنهم، وكانوا أقل تقديراً للفن والإبداع وأقل كرماً ومساعدة للآخرين.

أما طلاب كلية الفنون والآداب والعلوم الإنسانية، خاصة طلاب علم النفس والعلوم السياسية، فأحرزوا نتائج عالية في الانفتاح، فكانوا أكثر فضولاً وأصحاب خيال خصب وعلى تواصل جيد مع مشاعرهم وما يجري بداخلهم، لكنهم أحرزوا نتائج أقل في اختبار صفة الاجتهاد (أو الوعي)، وهي متعلقة بدرجة الانضباط والتخطيط لتحقيق الهدف بغض النظر عن توقعات الآخرين، كما أنهم أكثر ميولاً للمزاجية والتوتر والقلق، إذ أحرزوا نتائج عالية في اختبار صفة "القلق".

يذكر أن طلاب كلية الفنون كانوا أقل تخالطاً مع المجتمع وأقل ميولاً للاجتهاد والتخطيط، في حين يميلون أكثر للقلق والمزاجية، في حين أن طلاب الهندسة أحرزوا نتائج معتدلة في القلق والاجتهاد والتخطيط إلى جانب مستوى منخفض من الانفتاح؛ أي إنهم لا يميلون كثيراً لمساعدة الآخرين والتعاطف معهم.

وبحسب ما قالته الباحثة آنا فيديل، من المثير للضحك أن نتائج البحث أتت مقاربة للأحكام المسبقة التي يطلقها الناس على المتخصصين النفسيين بأنهم "مضطربون"، وبأن العلماء انطوائيون، ورجال الاقتصاد والأعمال "خبيثون".

وأضافت أنه على الرغم من أن هذه النتائج ليست الوسيلة الوحيدة لإرشاد الشباب حول اختيار مواضيع دراستهم في المستقبل، إلا أنها قد تكون مؤشراً جيداً لهم ليختاروا مجالاً اعتماداً على معايير شخصيتهم، وليس بالضرورة قدراتهم فقط.