في ألبوم صغير غريب من نوعه، يحمل كماً هائلاً من الشماتة والاستفزاز، أطلق عروسان "سوريان" صور زفافهما التذكارية على مواقع التواصل الاجتماعي، مع خلفية صادمة حيث الدمار الهائل الذي غطى أحياء مدينة حمص "عاصمة الثورة السورية"، كما كان يسميها الناشطون السوريون.
فبعد حوالى شهر من إطلاق عروسين آخرين صوراً مشابهة، قام عروسان "سوريان" جديدان، ندى مرعي 18 عاماً، وحسان يوسف 27 عاماً، بالتقاط صور تذكارية لزفافهما في أحياء مدينة حمص السورية المدمرة.
تباين صارخ ما بين بياض فستان العروس وشحوب الدمار خلفها.. وتحدٍ وقح تفرضه البدلة العسكرية التي يرتديها العريس متباهياً بانتمائه لجيش بشار الأسد. وللجيش الذي مسح الحياة عن بيوت وشوارع حمص، وشرد أهلها بعد أن قتل منهم الكثير، وأذلّ رجالهم ونساءهم بكل أشكال الانتهاكات والجوع والحصار.
ومن الملفت للنظر، أن مواقع أجنبية عدة، قامت بنشر الخبر مع الصور على أنه حالة إيجابية توحي بتحدي الموت والدمار والإصرار على الحياة، وذلك نقلاً عن العروسين أو المصور. لكن الحقيقة الواضحة وراء الصور هي الدمار المخيف الذي ألحقه نظام الأسد بإنسانية مؤيديه وعناصر قواته، والذي وصل حد التباهي بارتكاب الجرائم وتدمير المدن بمن فيها.
وقال المصور "جعفر ميراي"، الذي التقط تلك الصور عبر عدسته أنه "يرغب في القبض على الأمل المقاوم للصدأ، الذي لا يزال في البلد الذي مزقته الحرب"، لكنه لم يدرك ربما، حجم الألم والذل الذي ستسببه هذه الصور، للآلاف من سكان المدينة المنكوبة، ممن أجبروا على مغادرتها بعد جحيم الحمم التي أمطر النظام بها أحياءهم وبيوتهم.
لقد لعب الإعلام السوري، منذ اندلاع الثورة في 2011 على هذا الوتر، وقام بتشجيع عناصر قواته على تصوير مقاطع فيديو والتقاط صور تذكارية فوق أجساد المدنيين العزل، عدا عن تسويق الصور المشابهة التي قام أفراد مليشياته بالتقاطها بعد استيلائهم على أية مدينة معارضة في سورية، والتي تنوعت بين شماتة بحرق المزروعات والبيوت إلى رقص على جثامين الأهالي، أو تلذذ سادي بتعذيب الأطفال قبل الرجال.
لا تختلف صور العروسين عما سبق، فهي وجه آخر للحقد والشماتة، وإلا فكيف لمشهد يذكر، على الأقل، بآلاف القتلى ومئات آلاف المهجرين، أن يكون خلفية لصور زفاف تذكارية؟
العربي الجديد