في غزة... القروض المالية متوفرة لكن ماذا عن السداد؟!
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.18(%)   AIG: 0.19(5.56%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.33(0.00%)   AZIZA: 2.40(3.23%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.50(0.00%)   BPC: 3.80(%)   GMC: 0.80(0.00%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.15(3.36%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.70(%)   JPH: 3.63( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.65( %)   NIC: 3.00(1.69%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.76( %)   PADICO: 1.03(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.14(0.24%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.07( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.16(1.75%)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23(0.00%)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 3.00( %)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07(0.00%)  
12:00 صباحاً 06 شباط 2016

في غزة... القروض المالية متوفرة لكن ماذا عن السداد؟!

يعمل في قطاع غزة 11 مصرفًا بالإضافة لثماني مؤسسات إقراضية، تتنافس جميعًا فيما بينها، لتقديم القروض للجمهور الفلسطيني، مستهدفةً كافة قطاعات المجتمع من موظفين ومواطنين وحتى عاطلين عن العمل.

ثمة أسباب عديدة تدفع المواطنين للجوء إلى القروض الاستهلاكية والإنتاجية، أبرزها الحصول على الأموال اللازمة لسد احتياجات مالية سريعة، في ظل ارتفاع نسبة البطالة العالية التي تبلغ 48%، وعدم انتباه المواطن للمخاطر المترتبة على عدم الالتزام بتسديد قيمة القرض.

المواطن محمد إبراهيم (30 عامًا) اضطر للحصول على ثلاثة قروض خلال أربعة أعوام فقط، كانت بدايتها تسديد دين مالي لا يتعدى قيمته ألف دولار فقط، إلا أنه ونتيجة تدهور وضعه الاقتصادي وعدم توفر فرصة عمل مناسبة تمكنه من تسديد القرض، اضطر للحصول على قرض آخر يسدد فيه قرضه الأوّل والخصم الذي لحق الكفلاء، وهكذا حتى وصل إلى القرض الرابع، وأزمته مستمرّة.

يقول إبراهيم : "لم أكن أعلم أن دوامة القروض ستسحبني إلى حيث لا أريد، فأنا لا أنفك أن أخرج من ضائقة مالية حتى أدخل الأخرى بعد اضطراري إلى الاقتراض مجددًا لأغلق الأبواب الكثيرة التي عليّ تسديدها من ديون قديمة، وتسديد دفعات شهرية لا أستطيع توفيرها في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في قطاع غزة".

ووصل المطاف بإبراهيم بين أروقة المحاكم، كما يقول، فأصحاب الدين رفعوا عليه قضايا في المحاكم حصلوا على أحكام ضده، إضافة إلى أن كفلاءه في القروض رفعوا قضايا ضده، وكذاك فعلت مؤسسة الإقراض الأخيرة التي حصل من خلالها على قرض لم يستطع استيفاء ديونه.

ويضيف أن المحكمة تنظر إلى القضايا المرفوعة ضده وضد الكثير من المواطنين بعين مجردة عن الواقع، "فلا تراعي أن أوضاعنا صعبة، فهي  تصدر أوامر حبس دون البحث عن وسائل تساعد المواطنين على تسيير أمورهم ودفع ديونهم وخاصة تراكمات القروض"، الأمر الذي جعله شريد المنزل لأيام طويلة خوفا من ملاحقة الشرطة.

أما المواطن أبو محمد (45 عامًا) الذي يتلقّى راتبًا من الحكومة في رام الله، فيقول إنه بات يكره يوم استلام الراتب الذي لا يحصل عليه، نتيجة الخصومات التي تحسم من راتبه لكفالته أصدقاءه في عدة قروض، حيث لا يتبقى له سوى 100 شيكل فقط، من أصل ألفيّ شيقل شهريًا.

ويقضي أبو محمد أكثر من أسبوعين شهريًا، في مشاكل مع المقترضين، سعيًا منه لاسترداد أمواله المخصومة عليه. وغالبًا ما يصل به الحال إلى مراكز الشرطة التي تحاول الفصل بإيجاد حلول وسط لا ترضيه ككفيل، على حد قوله.

ويضيف: أعلم أن الأوضاع الاقتصادية صعبة على الجميع، لكن لدي عائلة ولا يمكنها أن تتفهم هذا الخصم الكبير، خاصة وأنني أيضًا أسدد قرضًا كنت قد حصلت عليه من البنك من أجل البناء، ولا أمتلك عملًا آخر.

وخسر أبو محمد الكثير من أصدقائه نتيجة عدم التزامهم بتسديد قروض كان قد كفلهم بها، ويضيف:" أنا آسف على خسارتي أصدقاء طالما كنا سوية في أيام العمل والدوام وكذلك في السراء والضراء، ولكن الخصومات تكبدني مشاكل عائلية وأسرية داخل أسرتي؛ فأنا أعيل أكثر من ثمانية أشخاص، أبنائي الخمسة في المدراس وهم بحاجة لمصاريف".

وساهم ازدياد أعداد المقترضين والقروض في قطاع غزة، إلى نزاعات بين المواطنين وكفلائهم البنكيين، خاصة في حال تم الخصم على الكفلاء نتيجة عدم قدرة المقترض على تسديد القسط الشهري. وتصل درجة الخصام في أحيان كثيرة إلى رفع القضايا أمام المحاكم، الأمر الذي يؤثر سلبًا على النسيج الاجتماعي وتفككه وتفسخ أواصره.

ووفق أرقام رسمية صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية فقد بلغ إجمالي القروض المصرفية التي حصل عليها الغزيون منذ بداية إقامة السلطة، 664.3 مليار دولار أمريكي، حتى نهاية الربع الثالث من عام 2015، مؤكدة أن النسبة شهدت ارتفاعًا نسبته 20.6% شهدته القروض البنكية في قطاع غزة، منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي عام 2014.

وأكدت سلطة النقد أن القروض البنكية شهدت ارتفاعا بقيمة 152.3 مليون دولار، مقارنة ما بين الربع الثالث من عامي 2014 و2015 على التوالي، صعوداً من 512 مليون دولار.

وغالبًا، يضطر المواطنون في قطاع غزة للجوء إلى قروض استهلاكية، تمنحها البنوك للموظفين، أما غير الموظفين فيضطر فئة كبيرة من المواطنين إلى إنشاء مشروع صوري بتكلفة معينة لا تزيد عن 5 آلاف دولار، للحصول على قروض إنتاجية من البنوك أو مؤسسات الإقراض التي تسهل هذه القروض، دون التأكد بشكل رسمي من وجود هذه المشاريع.

الفلسطينية للإقراض والتنمية (فاتن) من المؤسسات الفاعلة في قطاع غزة، وتؤكد مديرة مكتبها الإقليمي في غزة، منى العلمي أن عدد المقترضين يزيد عن 30 ألف مقترض في غزة والضفة الغربية، موضحة أن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يواجهها سكان القطاع زادت من الإقبال على القروض.

وأشارت العلمي إلى أن مؤسستها تعمل على تمويل المشاريع الصغيرة لذوي الدخل المحدود، وتساهم في تطوير هذه المشاريع، منوهة إلى أن مؤسستها تعمل على نظام المرابحة الإسلامية، والقروض التجارية والاستهلاكية وتمويل المشاريع متناهية الصغر والمشاريع النسائية.

وغالبا ما تتحفظ المؤسسات الإقراضية على الإدلاء بالمشاكل التي تواجهها في عمليات التسديد من قبل المقترضين، على الرغم من ارتفاع القضايا المرفوعة في المحاكم. فكشف موظف في أحد المحاكم لـ "زمن برس" أنه وفي العامين الأخيرين ارتفعت نسبة القضايا المرفوعة ضد المواطنين المقترضين، سواء من المؤسسات الإقراضية نفسها أو من الكفلاء الذين لا سبيل لهم سوى المحاكم، مشدداً على أن القضايا تعدت الآلاف.

الخبير الاقتصادي معين رجب أكد  أن القروض الاستهلاكية تضر الاقتصاد المحلي، ومن الأولى ألا تكون موجودة، وخاصة وأنها تستخدم لأغراض ثانوية وليست ضرورة ملحة، وبإمكان المواطنين استبدالها بعدة وسائل أخرى، مشددًا على أنه من المهم أن تشجع سلطة النقد القروض الإنتاجية التي تعود بالفائدة على المقترض، وتحرك السوق الاقتصادي في القطاع إضافة إلى التخفيف من نسبة البطالة المرتفعة.

وأرجع رجب إقبال المواطنين على القروض الاستهلاكية إلى التسهيلات والإغراءات التي تقدمها البنوك لزبائنها والمنافسة العالية بين البنوك، وبعضها وأحيانا تصل حد تجاوز القانون لاستقطاب أكبر عدد  من العملاء والزبائن، منوهًا إلى أن المستفيد الأول والأخير هي البنوك والمؤسسات الإقراضية وليس العملاء.

وأوضح أن القروض تزيد الأعباء الاقتصادية على كاهل المواطن، طالما لم يتحصل على عمل أو مشروع يستطيع من خلاله تسديد قيمة القرض.

وبيّن رجب أن البنوك تفضّل القروض الاستهلاكية لأنها تقتصر على فئة الموظفين المضمونة رواتبهم، أما القروض الإنتاجية فيلجأ إليها العاطلون عن العمل وأصحاب المشاريع الصغيرة. وبالنسبة للبنوك فهي في نسبة عالية من المخاطرة ولا تحبذه البنوك، مشددًا على أهمية توفر القروض الإنتاجية ومتابعتها من قبل سلطة النقد، الأمر الذي يساهم في تخفيف نسبة البطالة إن لم يكن القضاء عليها.

 

نقلا عن زمن برس

Loading...