يعكف الجيش الإسرائيلي على توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في شن حرب نفسية ضد الفلسطينيين، سيما الشباب والفتية، في محاولة لردعهم عن الانضمام لموجة عمليات المقاومة، التي يقر بعجزه عن وضع حد لها. وقد فطن ديوان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إلى توظيف مواقع التواصل في تمرير رسائل ذات وقع نفسي للتأثير على معنويات الشبيبة الفلسطينية عبر اعتماد إستراتيجية الترهيب من تبعات الانضمام للمقاومة والترغيب في البحث عن مسارات حياتية أخرى.
آخر ما انبثق عن ذهن أفيخاي أدرعي، مسؤول القسم العربي في ديوان الناطق بلسان الجيش، هو عرض منشور لترغيب الشباب الفلسطيني بعدم الالتحاق بركب المقاومة. وقد أطلق أدرعي على المنشور "كن بلال"، حيث تضمن المنشورة صورة لفتى فلسطيني أطلق عليه "بلال"، وكتب على الصورة: "بلال اشترى سكينة... بلال ما بقتل الناس بالسكينة.. بلال اشترى السكينة لأبوه الطباخ. بلال مش إرهابي... بل ذكي، كن مثل بلال".
وكتب أدرعي تحت الصورة موجهاً حديثه للفتية الفلسطينيين: "لا زلتم في مقتبل العمر والمستقبل أمامكم، كونوا فخرًا لأمهاتكم ببناء مستقبل زاهر إلى جانبهن، شاركوا في صناعة الحياة، فالإرهاب طريق ظلام لا تجعلوه طريقكم ". وقد أحدث المنشور ردوداً كثيراً على صفحة أدرعي، التي يتابعها أكثر من 800 ألف متابع، جلهم من الدول العربية.
وقد رد أحد المتصفحين العرب على أدرعي بعرض صورته وقد كتب عليها: "هذا أفيخاي... أفيخاي سلب أرضاً من أصحابها، أفيخاي قتل الناس بأسلحة كثيرة.. أفيخاي محتل... لا تكن أفيخاي، أخرج من أرضنا".
وفي منشور آخر كتب أدرعي محذراً من تبعات عمليات المقاومة "السلبية" على الشعب الفلسطيني، حيث قال: "الاعتداءات الإرهابية التي يرتكبها مخربون فلسطينيون تضر قبل كل شيء بالمجتمع الفلسطيني"
لكن أدرعي، الذي انتقل لديوان الناطق بلسان الجيش من شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، يستفيد من تجربة "أمان" في مجال إدارة الحرب النفسية ضد العرب، حيث أن هذا الجهاز الاستخباري يضم قسماً خاصاً بهذه الحرب، يعتمد على خبرات مستشرقين وعلماء نفس ورجال استخبارات سابقين.
وقد لجأ أدرعي إلى الترهيب من خلال نشر منشورات على صفحته في محاولة لزرع الخوف والرهبة ولتكريس الردع. ففي محاولة لبث الرعب في نفوس الشبيبة الفلسطينية، عرض أدرعي شريط فيديو يوثق قيام جنود الاحتلال بمداهمة بيوت إحدى القرى الفلسطينية في منطقة الخليل، أقصى جنوب الضفة الغربية بعد منتصف الليل لاعتقال من ادعى أنهم "إرهابيون". وعلق أدرعي على الفيديو قائلا: " الإرهاب طريق ظلام، لا مأوى للإرهابيين". ولا يفوت أدرعي متابعة ونشر الأخبار المتعلقة بعمليات الدهم والاعتقال على صفحته عبر استخدام لغة التخويف والترهيب. فحول إحدى عمليات المداهمة كتب: "قوة مستعربة (إسرائيلية) تلقي القبض في وقت سابق اليوم على 3 مشاغبين شاركوا في اعمال عنف قرب قبر راحيل شمال بيت لحم. في حقيبة أحد المشاغبين ضبط سكين ومفك".
ويحرص أدرعي على عرض ما يعتبره دليلاً على "قوة الجيش الإسرائيلي"، حيث نشر صورة توثق قيام جنود أحد ألوية المشاة بالتدريب وكتب أسفلها: "الفارق بين المستحيل والممكن يتوقف على عزيمة المرء واصراره". وللتدليل على القوة الاستخبارية الإسرائيلية، عرض أدرعي صورة لعبوة ناسفة زعم أن خلية فلسطينية قامت بزرعها على الخط الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل، وكتب: "صورة لاحدى العبوات الناسفة التي زرعتها الخلية التخريبية بمحاذاة السياج الامني المحيط بشمال قطاع غزة".
ولكن نشاط أدرعي في الواقع لا يغطي خيبة الأمل الكبيرة التي تسود داخل قيادات الجيش الاسرائيلي من الرهان على توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في إحباط عمليات المقاومة. وقد أشار عاموس هارئيل، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هارتس" أنه بخلاف الرهانات السابقة، فأن الجهود والموارد الكبيرة التي خصصتها إسرائيل لمواجهة موجة العمليات الفلسطينية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تحقق نتائج تذكر.
لكن ما غفل عنه أدرعي حقيقة أن الإعلام الإسرائيلي يقدم دلائل دامغة على عدم مصداقية الرسائل التي يحاول تمريرها، سيما لجهة "تيئيس" الفلسطينيين من عوائد المقاومة. فقد كتب الإسرائيلي اليميني إيتمار كرمر، مقالاً تأسيسياً في صحيفة "ميكور ريشون" دعا فيه "أخوانه" المستوطنين اليهود الذين يقيمون في الضفة الغربية للعودة إلى إسرائيل. وقال كرمر: "أخواني دعونا نقر بالحقيقة المرة، المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية فشل، الفلسطينيون سيواصلون قتلكم ولن تنفعكم تصريحات الزعماء".
العربي الجديد