يومًا بعد يوم، تزداد آلام السيدة الفلسطينية، أميرة الشمالي، المصابة بسرطان الثدي منذ نحو عام، لعدم قدرتها على السفر وتلقي العلاج الكيماوي، في مستشفى بمدينة القدس، جراء استمرار فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وشح الأدوية.
ومن المفترض أن تتناول الشمالي (43 عامًا) جرعة من الدواء الكيماوي، وآخر "مناعي"، في السادس عشر من الشهر الماضي، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح لها بالسفر إلى القدس، بدعوى "أنها مرفوضة أمنيًا".
وتقول الشمالي لوكالة الأناضول: "لا أعرف ماذا سيحدث بحالتي الآن، لقد تأخر موعد علاجي شهرًا كاملاً ولا أعرف كم يستأخر بعد".
وتضيف:" أشعر بالإرهاق والتعب بشكل مستمر، وبالكاد أقوى على أعمالي المنزلية، ويبدو أن المرض سيقضي على حياتي وأنا أنتظر السماح بالسفر، إحساس الخوف من القادم لا يفارقني".
ويضطر آلاف الفلسطينيين المرضى إلى التوجه نحو المستشفيات في القدس أو الضفة الغربية، أو إسرائيل عبر معبر بيت حانون (إيريز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، بعد حصولهم على تحويلة طبية تصدرها دائرة العلاج بالخارج لوزارة الصحة الفلسطينية ويجري على أساسها الترتيب بين الارتباط المدني الفلسطيني والاسرائيلي.
و"التحويلة"، قد تصدر خلال أسابيع كما يقول المرضى، وفي كثير من الأوقات يأتي الرفض من قبل السلطات الإسرائيلية، على التحويلات العلاجية كما تقول وزارة الصحة.
وتقول مراكز فلسطينية حقوقية إن السلطات الإسرائيلية اعتقلت في العام الماضي نحو 30 مريضًا فلسطينيا حسب هذه المراكز الحقوقية اثناء توجههم للعلاج.
وتتساءل المريضة الشمالي باستهجان، عن سبب رفض السلطات الإسرائيلية لها، مضيفة "أي تهديد أمني يشكله المريض على أمن إسرائيل؟، نحن نصارع الموت".
وتتابع بحزن:" أتمنى أن أتمكن من السفر، وأن أتعافى من هذا المرض، لا أريد لأبنائي الـ 11 أن يصبحوا أيتامًا، لم أعد أحتمل الأفكار التي تراودني".
وأشارت الشمالي أنها لا تستطيع السفر بمفردها، لعدة أسباب، أهمّها إغلاق معبر رفح بشكل شبه دائم، ولعدم امتلاكها تكاليف السفر، فزوجها سائق أجرة، وبالإضافة إلى أنها خسرت كل شيء وبيتها المكون من أربعة طوابق خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، بشكل شبه كامل، منذ إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في مصر، محمد مرسي، عام 2013، وتقول بأن فتحه مرهون باستتباب الأمن في شبه جزيرة سناء المصرية.
ووفق إحصائية أصدرتها وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، فإن السلطات المصرية لم تفتح معبر رفح سوى 21 يوما، خلال العام الماضي.
وحسب الإحصائية ذاتها فإن 4 آلاف مريض، بينهم ألف مريض بأمراض مزمنة، يحتاجون إلى السفر خارج قطاع غزة، لعدم توفر القدرة الطبية والأدوية في القطاع.
وفي السابع من يوليو/تموز العام الماضي، شنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة، أودت بحياة ما يزد عن 2200 فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألفًا آخرين، فضلا عن تدمير عشرات الآلاف من المنازل والمنشآت السكنية.
وحسب مركز المعلومات الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، فإن سرطان الثدي هو المرض الأكثر انتشاراً في أراضي السلطة الفلسطينية، حيث يشكل 16.5% من إجمالي الحالات المكتشفة، يليه سرطان "القولون"، ثم "الرئة".
ولمدة سبعة أشهر متواصلة توقفت المريضة "علياء البورنو"، قسرًا عن تناول دوائها الهرموني، الذي يقضي على أي خلايا سرطانية قد تنمو مجدّدًا داخل جسدها.
وقالت علياء، المصابة بسرطان الثدي، منذ ثلاثة أعوام لوكالة الأناضول:" انقطع الدواء من وزارة الصحة خلال الأشهر السبعة الماضية، ولم يكن يتواجد في الصيدليات سوى بصورة محدودة جدًا".
وتابعت:" هذا الدواء يحمي جسدي من الإصابة بالمرض مرة أخرى، بعد أن أجريت عملية استئصال للثدي، عقب إصابتي بورم خبيث، وعدم تناوله بشكل منتظم يرفع احتمالية إصابتي بالمرض مجدّدا".
ولفتت علياء أنها تضطر للبحث عن الدواء طويلا، وشرائه على حسابها الخاص، رغم أنها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
وأردفت:" أتناول أيضًا فيتامينات الكالسيوم ودواءً مناعيًا، يحميان من هشاشة العظام، يجب تناولهما معًا، ولكن للأسف لا يتوفران دومًا، وهذا لا يعطي النتيجة المطلوبة من تناولهما على انفراد".
وتتابع "أوضاعنا الصحية صعبة للغاية، وندفع ثمن الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني من أرواحنا".
وأضافت البورنو مستدركة "العيش مع مرض السرطان ليس سهلا، ويتطلب من الجهات المسؤولة توفير كامل الرعاية لنا".
ومنذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، تفرض إسرائيل على قطاع غزة، حصاراً خانقاً، شددته مع منتصف حزيران/ يونيو 2007 إثر سيطرة الحركة على القطاع.
من جانبه يقول أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، إن 23-30 صنفًا دوائيًا لمرضى السرطان من أصل 60 صنفًا، رصيدها الحالي صفر.
وتابع لوكالة الأناضول:" نضطر لتحويل الحالات المرضية إلى خارج القطاع لاستكمال العلاج، لكن بسبب الإغلاق المستمر للمعابر فإن حياة المرضى في خطر، وقد يتعرضون للموت".
ودعا القدرة الحكومة المصرية، لفتح معبر رفح بشكل دائم، وتسهيل سفر المرضى، وإبعادهم عن أي مناكفات سياسية، كما طالب الجهات الدولية والحقوقية بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار عن قطاع غزة.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن 30% من أدويتها ومستهلكاتها الطبية نفدت، وجلّها من أدوية الأمراض المزمنة.
وحسب إحصائيات لمراكز تهتم بمرضى السرطان فإن عدد المصابين بالمرض في قطاع غزة يتجاوز 1400 مريض.