أحببنا الشتاء أم كرهناه فهو صاحب تأثير أساسي على المزاج والنشاطات اليومية لغالبية الناس، إذ يميل الإنسان بطبيعة الحال للاحتماء من البرد في المنزل والتقليل من الخروج إلى الشارع مما يرافقه المزيد من النوم والطعام والفعاليات الخالية من الحركة مثل قراءة الكتب والنوم ومشاهدة الأفلام.
لكن هناك فرقاً بين أن تتبنى العادات التي يفرضها عليك الطقس، وبين أن يتحكم الطقس بمزاجك ويؤثر سلباً على نفسيتك بشكل ثابت وعلى إنجازك سواء على الصعيد العلمي أو العملي أو الشخصي، أو على جودة علاقتك مع شريكك وأصدقائك ومحيطك المقرّب، فهذا الأخير قد يتطور ليصبح اضطراب مزاج معروف باسم "الاكتئاب الموسمي".
ومن أعراض الاكتئاب الموسمي التقليدية هي النوم الزائد والشعور بالتعب والغثيان أثناء النهار، والانجذاب بشكل غير عادي للكربوهيدرات أي الوجبات السريعة والمسليات والأكل، مما يؤدي في الغالب لزيادة الوزن. كما أن هناك أعراضاً أخرى لا تصيب الجميع، مثل النعاس والبلادة وفقدان الأمل في الحياة والرغبة بما كان يسبب لك المتعة في السابق بما في ذلك النشاطات الاجتماعية والفعاليات العادية، وقد يتطور ذلك ليشمل أفكاراً متكررة بالانتحار.
- كيف تتعامل مع اكتئاب الشتاء؟
من الميزات الأساسية لحالة الاكتئاب الموسمي هو الشعور بعدم الاستقرار والتحول الكبير في السلوك والمزاج والعادات اليومية، مما يولد شعوراً ما بالضياع وعدم الثبات ومن ثم القلق وقلة التركيز. لذلك من المهم أن يذكّر الشخص نفسه بخصائص أو صفات أو عادات ثابتة فيه لم تتغير على الرغم من دخول الشتاء، مثلاً: على الرغم من الشتاء فأنا ما زلت أستحم كل يومين لمدة 10 دقائق، على الرغم من الشتاء أنا بقيت أماً لطفلي، ما زال اسمي كما هو.. إلخ. فهذا يولد شعوراً بأن هناك ما هو ثابث ومستقر.
الغذاء المنتظم والنوم الكافي وشرب المياه بالقدر اللازم هي عوامل من المهم الحفاظ عليها لكونها تساعد الدماغ على العمل بنشاط اعتيادي ويمكّنه من التغلب أو التأقلم على حالة القلق وعدم الاستقرار النفسي الدائم التي تجتاح المصاب بالاكتئاب الموسمي. إضافة لذلك، يعتبر التعرض للضوء الأبيض من الطرق الأساسية المتبعة للتخفيف من تأثير اكتئاب الشتاء.
وعلى الرغم من أن الشتاء يحفز الناس على البقاء داخل بيوتهم، إلا أن العزلة في الشتاء تضر بشكل كبير بمن يعايش الاكتئاب الموسمي، فتزيد من الأفكار المقلقة والسلبية والتوتر. لذا من المهم الحفاظ على التواصل مع البيئة المحيطة والأصدقاء المريحين والذين يساهمون بتحسين المزاج بوجودهم، يجب على الشخص قمع رغبته بعدم القيام بشيء وإجبار نفسه على الانخراط في نشاط اجتماعي ما، خارج المنزل أو داخله أو في منزل صديق مقرب.
لا تتردد بمناقشة حالتك مع المقربين منك وتفسير ووصف ما تشعر به وما تعرفه عن الاضطراب الذي يصيبك، فهذا سيساعدك بكسب بيئة داعمة ومتفهمة لك في فترات الشتاء مما يقلل احتمال حصول سوء تفاهم ومواقف تزيد من توترك وتؤثر سلباً على علاقاتك.
إلى جانب ذلك، لا تتردد بممارسة الرياضة والذهاب إلى النادي، فهذا يساعد جسمك على الحركة وتفريغ مشاعرك السلبية بالحركات الجسدية. كما أن الالتزام بألوان الشتاء كما هو معتاد لن يكون فكرة جيدة، بل بالعكس، ينصح بارتداء ألوان فاتحة وطلاء المنزل بألوان مفعمة بالحياة. وإذا وجدت أنه بعد محاولات كثيرة لم تكن قادراً على رفع معنوياتك بنفسك خلال الشتاء، وكنت مقتدراً مادياً فعليك إذن أن تجرب الشتاء في مكان آخر أكثر دفئاً عن طريق القيام برحلة مع رفيق تحبه إلى مكان ما جنوباً.