الطاقة النووية أم المتجددة؟ المواجهة التي لم تكن
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.18(%)   AIG: 0.19(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.33(0.00%)   AZIZA: 2.52(5.00%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(0.67%)   BPC: 3.80(%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.15(0.00%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.71(0.59%)   JPH: 3.62(0.28%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.65( %)   NIC: 2.97(1.00%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.75(1.32%)   PADICO: 1.02(0.97%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.14(0.00%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.05(1.87%)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.16( %)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23(0.00%)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 2.99(0.33%)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07(0.00%)  
12:00 صباحاً 20 كانون الثاني 2016

الطاقة النووية أم المتجددة؟ المواجهة التي لم تكن

رام الله - الاقصادي - تواجه العديد من البلدان تحديا مزدوجا يتمثل في تحقيق التوازن بين توفير الطاقة مقابل احتياجات السكان المتزايدة من جهة والحفاظ على النمو الاقتصادي بأقل تكلفة للبيئة من جهة أخرى، لذلك فهم يبحثون بشكل متزايد عن مصادر الطاقة المستدامة. وفقا لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة التي نشرت في عام 2015، بحلول عام 2040 تقريبا، سيتم توليد نصف كهرباء العالم من خلال تقنيات منخفضة الكربون. الاقتصادات سريعة النمو في الشرق الأوسط ليست استثناء لهذا الاتجاه، هناك دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وغيرها، تخطو الخطوات الأولى نحو التحول بعيداً عن الهيدروكربونات.
حتماً، يوجد هناك معضلة تواجه هذه الدول ألا وهي الاختيار بين مختلف مصادر الطاقة، فهنالك منافسة قائمة ما بين الطاقة النووية والطاقة المتجددة، بعد أن أصبحتا معروفتين على نطاق واسع جدا في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، ويوجد لهما المؤيدين والمنتقدين على حد سواء. ومن الواضح أنه في دول الشرق الأوسط حيث يتزايد الاهتمام في التطور النووي وهي كذلك تمتلك مصادر الطاقة سواء الرياح أو الطاقة الشمسية، في هذه الدول تجدرالمقارنة بين الاستخدامات النسبية والكفاءة لمصادر الطاقة النووية والطاقة المتجددة لتلبية احتياجات المنطقة. ومن جهة أخرى، يمكن القول إن هذه الطريقة في النظر الى الطاقة النووية والمتجددة كنقيضين مختلفين هي غير مقبولة جوهرياً ولا تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المختلفة لهذه التقنيات.
العديد من خبراء الطاقة يتفقون على هذا المنطق، توم بليس، رئيس المجلس العلمي للمبادرات العالمية-وهي منظمة دولية غير حكومية تتألف أساسا من العلماء والمهندسين الذين شاركوا في أنظمة الطاقة المتطورة-يعتقد بأن المقارنة ما بين مصادر الطاقة النووية والمتجددة هو حقا كالمقارنة ما بين "التفاح والبرتقال" لأن الطاقة المتجددة لا يمكن الاعتماد عليها وأنها قادرة على توفير جزء من الطاقة المحتاج اليها. ولهذا يجب أن يتم بناء قدرة احتياطية دائما، والتي توفر في الواقع المزيد من الطاقة أكثر من مصادر الطاقة المتجددة في كل حالة، ويجب أن يتوافر لدينا المزيد من القدرة الاحتياطية لتكون كافية لتوفير الطلب وقت الذروة خاصة في الأوقات التي لا تنتج فيها الرياح والطاقة الشمسية أي شيء تقريبا.
ولعل أفضل طريقة للنظر الى الطاقة النووية والطاقة المتجددة هو من خلال مفهوم بالغ الأهمية يتعلق بالاقتصادات الحديثة بالنظر الى الطاقة -الحمل الأساسي. يشير الحمل الأساسي إلى الحد الأدنى من الطلب على نظام التيار الكهربائي على مدى 24 ساعة، وهو مطلوب للصناعات لتعمل بشكل فعال لمدة 24 ساعة طوال العام، حيث يمكن أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى تلف هيكلي ومالي بقيمة مليارات الدولارات. مما يعني أنه يجب أن يكون الحمل الأساسي يمكن الاعتماد عليه ويمكن تقدير وضعه وهو يحتاج الى مصدر مستقر للطاقة، وهنا تصبح الطاقة المتجددة غير مقبولة.
وهنالك أمر رئيسي يجعل مصادر الطاقة المتجددة يصعب الاعتماد عليها بشكل ملحوظ: هو ارتباط إنتاجها مباشرة بأحوال الطقس وغيرها من العوامل الخارجية، حتى انه يشار إليها بمصطلح الطاقة المتقطعة. حتى في البلدان التي تتمتع بوفرة من الشمس والرياح على مدار السنة، يمكن للرياح تحقيق صافي عامل قدرة يقارب 25%، والطاقة الشمسية توفر ما يقارب 20% أو أقل، في حين أن الجيل الأحدث لمحطات الطاقة النووية يمكنه الآن تحقيق قدرة صافية لما يزيد عن 92%.
مشكلة أخرى تواجهها مصادر الطاقة المتجددة هي الجدوى الاقتصادية. وفقا ل "الفوائد النهائية لتكنولوجيات قليلة أو عديمة الكربون" البحوث التي نشرها معهد بروكينغز في عام 2014، تعاني مرافق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من تكلفة عالية جدا لكل ميجاوات، ومن عوامل انخفاض القدرة وامكانية الاعتماد عليها، مما يؤدي إلى انخفاض تجنبها للانبعاثات وانخفاض تكاليف الطاقة لكل دولار مستثمر. وهي مكلفة بالتركيب ولها حياة خدمة قصيرة نسبيا، وتتطلب دعم حكومي كبير لانتاج كمية كبيرة من الطاقة، والتي علاوة على ذلك، لا يمكن تخزينها بصورة اقتصادية.
وهكذا، فإن الطاقة المستمدة من الطاقة المتجددة مكلفة للغاية لتكون قادرة على المنافسة حقا، لا سيما بالمقارنة مع أسعار الكهرباء التي أصبحت متوفرة بفضل أحدث العروض التقنية من قبل المصادر النووية العالمية مثل الصين وكوريا الجنوبية وروسيا.
الطلب الكبير على طاقة الحمل الأساسي يعني أيضا ضغطا كبيرا على البيئة. ولكون الطاقة المتجددة غير قادرة على توفير مصدر ثابت للحمل الأساسي، فإن البديل الوحيد الممكن للطاقة النووية هو الفحم - وهي ضارة للبيئة حيث أن رماد الفحم هو في الواقع أكثر إشعاعا من النفايات النووية. ولنأخذ ألمانيا على سبيل المثال، قررت حكومتها التخلي عن الطاقة النووية، مما أدى إلى زيادة سنوية في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بقيمة 28 مليون طن. وبهذا سيكون من المرجح أن يتأثر الاقتصاد نتيجة لذلك بصورة هائلة -وتقدر تكلفة استبدال الطاقة النووية مع الرياح والطاقة الشمسية بأكثر من 3 ترليون يورو، مع عدم وجود ضمانة على امكانية تقليل الانبعاثات.
من حيث تواصل الحمل، الطاقة النووية أيضا لديها ميزة قابلية الحركة والتعديل: خلافا لمرافق الطاقة المتجددة التي تكلف الكثير لتركيبها، ولا يمكن تشغيلها و توقيفها بناء على الطلب، أما عند بناء محطات الطاقة النووية، فمن الممكن أن تبقى دائما عاملة، وكما يظهر على سبيل المثال في فرنسا، التي تعتمد على تواصل الأحمال بالطاقة النووية لعدة عقود. علما بأن محطات الطاقة النووية حديثة التصميم مجهزة بصورة أفضل لتواصل الأحمال.
توم بليس، يرى بأن التطور التدريجي لبرامج الطاقة النووية في الشرق الأوسط دليل على إمكانيات الطاقة النووية التنافسية للمنطقة. "حقيقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من البلدان التي لديها طاقة شمسية ثابتة تقريبا، ولديهم الكثير من الأموال ليكون لديهم مستشارين جيدين لتقديم المشورة لهم على أي نوع من محطات توليد الطاقة للبناء، هم يبنون محطات الطاقة النووية، مما يوضح بأنه حتى في أكثر البيئات المثالية، فان الطاقة الشمسية لا تزال غير قادرة على المنافسة مع الطاقة النووية".
هذا لا يعني أن الطاقة المتجددة لا يوجد لديها استعمالاتها، وهو ما يقودنا إلى نوع ثالث من الطاقة. في حين أن الطاقة في ساعات الذروة لا تزال تكلف أكثر لكل كيلوواط في الساعة من الحمل الأساسي، من الضروري تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية عندما تكون في أعلى مستوياتها. الطاقة الشمسية على وجه الخصوص يمكن أن تلبي هذه الاحتياجات، في كثير من البلدان في ساعات بعد الظهر المشمسة.
وعليه لا ينبغي أن يكون هنالك منافسة بين الطاقة النووية والطاقة المتجددة في المقام الأول. كلاهما أنظف من مصادر الطاقة القائمة على مصادر الطاقة الهيدروكربونية، وكلاهما يوجد لديها تطبيقات تهدف الى تكملة وليس منافسة بعضهما البعض: الطاقة النووية لديها القدرة على توفير طاقة الحمل الأساسي؛ مصادر الطاقة المتجددة توفر أحيانا متطلبات الطاقة ساعات الذروة؛ وكل ذلك يمكن أن يعود بفوائد اقتصادية لكل من أتقن استعمالها.

 

Loading...