رائد محمد حلس
الاقتصاد الفلسطيني نما وتشكل في ظل بيئة تشتمل على العديد من المخاطر التي هددت وحدَت من قدرته على التطور وتحقيق التنمية المستدامة أبرزها: استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتكريس تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي والاعتماد على الدعم والمساعدات الخارجية المرهونة بالمواقف السياسية وتزايد درجات عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
لقد قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بوضع العديد من الخطط والبرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية لمواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وكانت ترتكز معظم هذه الخطط على الاعتماد على الذات, والتخلص من تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، وتوفير بنية تحتية ملائمة لعملية التنمية الاقتصادية، و معالجة التشوهات الهيكلية الموجودة في البنية الاقتصادية الفلسطينية، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، وتوفير الخدمات الاجتماعية الملائمة كالتعليم والصحة والإسكان, وعادة ما كانت هذه الخطط تصطدم بالبيئة المحيطة للتنمية التي فرضتها إجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
لقد استطاع الاحتلال الإسرائيلي تقويض مساعي السلطة الفلسطينية نحو تحقيق تنمية مستدامة وبناء اقتصاد فاعل وملائم لبناء دولة فلسطينية, فالسلطة الوطنية الفلسطينية عملت طوال هذه الفترة وهي تواجه عقبتين رئيسيتين, هما:
لذلك فإن مستقبل التنمية في فلسطين مرهون بزوال الاحتلال الإسرائيلي, لكي نستطيع التحكم بمواردنا, والتي بدونها سنظل رهينة المساعدات الخارجية والعجز الدائم في الموازنة وبالتالي بطء عملية التنمية.
وعليه يشكل الاحتلال الإسرائيلي العائق الأبرز لجميع مساعي السلطة الفلسطينية لتحقيق التنمية, وبالتالي لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي وتحكمه في المعابر والحدود, حيث أن التنمية المستدامة والاحتلال مفهومان يتعارضان مع بعضهما البعض, فالاحتلال الإسرائيلي شكل وما يزال العائق الأبرز أمام الأفاق التنموية في فلسطين, فهو من ناحية يقيد حرية الحركة على المعابر ويفرض القيود على تواصل الاقتصاد الفلسطيني مع العالم الخارجي, ومن ناحية أخرى استمرار سيطرة الاحتلال على الأجواء البرية والبحرية والجوية وبالتالي ساهم بشكل كبير في خنق الاقتصاد الفلسطيني.
إضافة إلى أن أنّ الاعتماد الكبير على المساعدات الدولية في تنفيذ الخطط التنموية يشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الفلسطيني, نظراً لأن هذه المساعدات قد لا تستمر إلى الأبد, وبالتالي يجب أن لا تبقى عنصراً دائماً وثابتاً في الاستراتيجية الفلسطينية المتعلقة بإدارة الاقتصاد الفلسطيني, وتحديد توجهات تنميته, بل يجب النظر إليها باعتبارها مؤقتة وغير مضمونة تستوجب بذل أقصى ما يمكن من الحكمة والكفاءة في إدارتها واستغلالها عند توفرها, مع مواصلة البحث عن السبل الكفيلة بالتخلص من الاعتماد عليها.
رائد محمد حلس
باحث وكاتب في الشؤون الاقتصادية