منذ الصغر، يتم تلقين المرء من الأهل، والمدرسة، ووسائل الإعلام، بأن ما يحدد نجاحه في المستقبل هو الكسب المادي، وأن السعادة، والرضا، والعلاقات الاجتماعية هي أمور ثانوية مقارنةً بالدخل الذي يحققه. هنا نصائح تخلصك من هذه الأفكار.
أصبح النجاح المادي يعطى أهميةً أكبر من ذي قبل، حتى كاد البشر يصبحون عبيداً للمال، وسيطرت المساعي المادية على معظم الناس، ويقضي أكثر الناس حياتهم، مثلاً، في محاولة سداد الديون التي اقترضوها لشراء أشياء، ودفع فواتير تراكمت على مر السنين، مُحاصرين في عمل بدوام ساعاته طويلة، وسئموا الحصار النفسي في عالم الأرقام والاهتمامات المادية، وربما يرغب بعضهم بالتحرر من هذه العبودية العقلية.
وأياً كان وضعك، سواءً كنت من الغالبية العظمى، الذين ضاقوا ذرعاً بالقروض والديون، وساعات العمل الطويلة، أو من الذين تتم برمجتهم من خلال الإعلانات لشراء أشياء لا يحتاجون إليها حقاً، فإنه ولمجرد أنك تعيش في مجتمع استهلاكي بشكل مبالغ فيه، لا يعني أنك يجب أن تعيش بطريقة استهلاكية أيضاً، إليك بعض الأفكار التي ستساعدك على التخلص من العبودية المادية في حياتك:
1- يمكنك الانسحاب من السباق إذا كان لا يعجبك
من قال أنه عليك أن تعمل من الأحد إلى الخميس بدوامٍ كامل؟ ومن قال أنه عليك أن تبدأ بالعمل في وظيفةٍ ما حالما تتخرج من الجامعة؟ ومن قال أنه عليك أن تعمل 30 أو 40 عاماً لتستطيع التقاعد بعدها عندما تكون في الستين من عمرك؟
فالحقيقة، هي أنك لست مضطراً لاتباع ما يريده لك مجتمعك أو عائلتك، وإذا كانت هذه القواعد لا تعجبك، فلن يجبرك أحد على القيام بها، لكن في نهاية المطاف، سيكون لديك فواتير ومصاريف عليك أن تدفعها، ما يوصلنا إلى الفكرة التالية.
2- لا تعش حياتك فقط لإرضاء الآخرين
ما يجبرنا على العمل 40 ساعة في الأسبوع عادةً، هو أننا نشتري باستمرار أشياء لا نحتاجها فعلاً، بنقود قد لا نمتلكها بالأصل، فقط لنثير إعجاب من حولنا، ذلك أننا تعلمنا أن النجاح، والقيمة الاجتماعية، تُعرّف من المظاهر المادية، فنميل لتجميع أكثر ما يمكن من الممتلكات، حتى لو اضطررنا لإرهاق نفسنا مادياً.
لكن اذا استطعت أن تخفض نفقاتك إلى النصف وتعيش لنفسك فقط، وليس لإرضاء المظاهر والآخرين، فإنه سيكون عليك عندها أن تعمل فقط نصف ساعات العمل التي تعملها الآن!
اسأل نفسك، هل أنا حقاً بحاجة لتبديل سيارتي بأخرى أحدث؟ أو أنه يمكنني الاكتفاء بشراء سيارة مستعملة ذات أداء جيد؟ هل أحتاج فعلاً لشراء منزل بمساحة 300 متر مربع، أم أنه يكفيني منزل بمساحة أصغر؟ هل أحتاج فعلاً لشراء “آيفون” باهظ الثمن؟ أو لشراء جهاز محمول باهظ الثمن وبأحدث المواصفات؟
وفي كثير من الأحيان نرهن أنفسنا لإرضاء غرورنا، في سبيل أن نرى أنفسنا ناجحين في عيون الآخرين، ونقيّم أنفسنا ونجاحاتنا في الحياة نسبةً إلى من حولنا، فقد تسمع رجلاً ناضجاً يقول لآخر متفاخراً: “أملك منزلاً أفخم من منزلك”، فالبعض للأسف لا ينضج ليتخلص من هذه العقلية في التفكير، وهذه العقلية في تمجيد غرورنا هي ما يجعلنا عبيداً للمال، ويسرق منا حياتنا وسعادتنا الحقيقية مع مرور الوقت.
3- تجاوز عبودية المال
لا تعرّف نفسك مقارنة بالآخرين، أو بما تملكه من أشياء، أو بطريقة معيشتك، بل عرّف نفسك بالعلاقة التي تمتلكها مع نفسك ومع ضميرك.
هل لديك تلك القناعة الروحية في كيفية حياتك؟ وهل تملك سلاماً داخلياً؟ اذا لم تكن تشعر بأي من هذا، فكيف من الممكن أن تعد نفسك ناجحاً؟
فقط عندما تستطيع الوصول إلى ذلك الجزء منك، الذي يرى الأمور بشكل أعمق، متجاوزاً المادية، سيصبح العالم المادي هو مجرد شيء ثانوي بالنسبة لك، وعندها ستعرف القناعة الروحية، والسلام الداخلي، ولن تحتاج بعد ذلك لمتابعة ذلك السباق اللانهائي لحصد الأرباح المادية.
فهذه الثقافة التي تعلمنا أن نقيس نجاحنا بالربح المادي، هي ثقافة بائسة بمجملها، مستهلكة، ومحملة بالديون والضغوطات النفسية.
لكن تذكر دائماً أنه ليس عليك أن تكون كالآخرين، عبداً للاستهلاك، والماديةً، بل يمكنك أن تكون مختلفاً وتعيش بأسلوبك الخاص ضمن ما هو متاح لك.