في استمرار لحملتها الرامية إلى تشجيع المنتج المحلي أمام المنتجات الأجنبية، فرضت مصر قيوداً جديدة للحد من فوضى الاستيراد العشوائي في ظل شح مواردها من العملة الصعبة.
وأصدر وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل قراراً نشر في الجريدة الرسمية، أمس ينص على إنشاء سجل للمصانع المؤهلة لتصدير بعض المنتجات إلى مصر، ويمنع الإفراج عن المنتجات الواردة بصفة الاتجار إلا إذا كانت من إنتاج المصانع المدرجة في السجل.
كما يعطي القرار للوزير حق "الإعفاء من أي من شروط التسجيل أو كلها في الحالات التي يقررها"، على أن يسري القرار اعتباراً من أول مارس المقبل.
ويعني ذلك أن جميع المصانع التي يستورد منها التجار المصريون لا بد أن تكون مسجلة لدى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية، من خلال طلب تسجيل مقدم من ممثلها القانوني أو من يفوضه.
وينص قرار وزير الصناعة على أن طلب التسجيل يجب أن يشتمل على "صورة من الترخيص الصادر للمصنع وشهادة بالكيان القانوني له والأصناف التي ينتجها والعلامة التجارية، وشهادة بأن المصنع يطبق فيه نظام للرقابة على الجودة ومستوفي لمعايير البيئة، وإقرار من المصنع بقبول التفتيش من فريق فني للتأكد من استيفاء معايير البيئة وسلامة العمل وتمكينهم من التحقق من ذلك".
وفي حين أشاد محمد البهي عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات المصرية بالقرار قائلاً إنه "سينظم ويحجم الاستيراد العشوائي وسيحمي الصناعة الوطنية"، انتقده أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية بشدة.
وقال شيحة: "لا يوجد شيء يسمى بالاستيراد العشوائي. هذا القرار سيخرب بيوت المستوردين ويغلق الشركات في قائمة السلع التي تم تحديدها. لا توجد صناعة مصرية بل هي صناعة تجميعية فقط".
وقرار وزير الصناعة هو الخطوة الثانية للحد من الإستيراد العشوائي، بعد قرار محافظ البنك المركزي طارق عامر في ديسمبر بالحصول على تأمين نقدي بنسبة 100% بدلا من 50% على عمليات الاستيراد التي تتم لحساب الشركات التجارية أو الجهات الحكومية.
وقال شيحة أيضاً إن "هذا القرار غير قانوني لأنك تلزم الشركات بطلبات خاصة تمثل تدخلاً في سيادة الدولة الأجنبية التي يتواجد المصنع بداخلها... هذا القرار سيسيء لعلاقات مصر مع بعض الدول ويشجع بعض المحتكرين".
وتمر مصر بمصاعب اقتصادية منذ ثورة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاماً. ومنذ ذلك الحين يحجم المستثمرون الأجانب والسياح الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية عن المجيء.
وفي نهاية ديسمبر، قال محافظ البنك المركزي إن البنك قدم مع المصارف المحلية 8.3 مليارات دولار لتغطية طلبات الاستيراد وسداد المستحقات المعلقة للمستثمرين الأجانب.
ويشكو المنتجون المحليون في مصر من عدم قدرتهم على منافسة أسعار السلع المستوردة بسبب عمليات التهرب الجمركي والتلاعب في فواتير الاستيراد.
وقال البهي: "مصر عانت خلال الفترة الأخيرة من استيراد عشوائي لكثير من المنتجات من دول شرق آسيا تحديداً، وكانت معظمها منتجات لا تطبق المواصفات أو الاشتراطات الخاصة بالاستيراد".
وأضاف: "القرار سيحمي الصناعة الوطنية من الإغراق والمواطن من المشاكل التي قد تنتج عن استخدام منتجات غير آمنة".