ما زالت النماذج العددية غير متفقة حتى اللحظة حول مصير النزول القطبي الهائل الذي يظهر عبر الخرائط الجوية ممتداً عبر روسيا صوب تركيا وشرق أوروبا بشكل عام ، حيث تتفق معظم النماذج على وصول هذا النزول القطبي الى هذه النقطة ، لكنها تختلف بعد ذلك حول وجهته ، وسبب هذا الاختلاف هو عاصفة أطلسية عملاقة تمتد من الشمال مروراً بالجزر البريطانية وامتداداً الى فرنسا وإسبانيا ، ويفصل بين النزول القطبي الروسي وبين العاصفة الأطلسية مرتفع جوي ضيق يخترق أوروبا الى شمال اسكندنافيا في مشهد غير مألوف ، وبسبب الامتداد الى الشمال كثيراً ، تظهر بعض النماذج الجوية "خلخلة "في جنوب هذا المرتفع ، وبالتالي أظهرت بعض الخرائط أن عاصفة الأطلسي قد تسرق النزول القطبي الروسي قبل وصوله إلينا ، في حين تقلل بعض النماذج الأخرى من هذه الاحتمالية وتتوقع أن يستمر سلوك النزول القطبي نحو منطقة بلاد الشام رغم الانحراف الجزئي المتوقع بسبب عاصفة الأطلسي .
ما المرّجح نتيجة ذلك ؟
المرّجح حتى الآن أن النزول القطبي سيقترب من المنطقة ، ولكن لا يعرف حتى الآن هل سينجح في التعمق لجنوب بلاد الشام أم يكتفي بالمرور فوق حلب وإدلب والإسكندرون ؟! تبدو هذه الإجابة صعبة حتى الآن ، وينبني على ذلك اختلاف هائل في التوقعات ، حيث ما زالت هناك تحديثات جوية حاسمة في اليومين المقبلين بمشيئة الله ،وما تزال كل الاحتمالات مفتوحة ( سلباً أو ايجاباً ) مع العلم أن تغييرات بسيطة في المنظومة الجوية كفيلة بحصول تطورات مفاجئة ، وهذه التغييرات البسيطة هي المحور الذي تختلف عليه النماذج لغاية الآن .
المواطن يريد ثلوجاً !
يقدّر موقع طقس فلسطين حقيقةً الاشتياقَ الكبير لدى عشرات الآلاف من متابعينا لذكر توقعات تتضمن في طياتها الإتيان على موضوع الثلوج والارتفاعات والسماكات وغيرها ، لكن في الحقيقة إذا أردنا أن نستعرض تجارب العواصف الثلجية خلال العشرة سنين الماضية ، نجد أن الخرائط الجوية لا تتفق على سيناريو ثابت خاص بالثلوج إلا قبل فترة وجيزة من بدء الحالة ، وهذا هو سر عدم التطرق بشكل تفصيلي لموضوع الثلوج في نشراتنا .
من السهولة بمكان لأي شخص رؤية خارطة واحدة قبل 10 أيام من بدء الحالة ومن ثم الركض يميناً وشمالاً وإعلان ثبوت رؤية الثلوج فيها ، إلا أن هذا الأمر لا يُعتد به في علم التنبؤات الجوية ، حيث من المعلوم أن التحديثات الجوية للنشرات التفصيلية من هذا النوع تتطلب تريثاً وتثبتاً وتعقّلاً، لأنها تتغير بشكل هائل وانقلابي في معظم الأحيان ، ولكن كيف نصدر توقعات موسمية لفترات بعيدة وكيف نجحت هذه التوقعات في الموسم الماضي مثلاً ؟ الإجابة تكمن في أن طبيعة الوصول الى النشرات الموسمية مختلف تماماً عن النشرات الجوية القريبة والمتوسطة ، حيث نعتمد في النشرة الموسمية على نموذج إحصائي خاص مغاير تماماً لخرائط النماذج العددية العالمية التي نعتمدها في إصدار النشرات الجوية القريبة والمتوسطة ، فالنموذج الإحصائي الخاص يعطينا فكرة عامة عن سلوك الموسم وفترات النشاط فيه، وفترات قدوم الكتل الهوائية الأشد برودة ، ولكنه لا يعطينا فكرة عن تمركز المنخفضات وعمقها ودرجة برودة الكتل الهوائية الباردة المرافقة لها ، ولا يعطي فكرة عن توزيع كميات الأمطار أو اقترانها بالعواصف الرعدية ، كل ما سبق لا يظهر الا عبر خرائط النماذج العددية ، وهذه الخرائط كما قلنا تبقى متغيرة حتى وقت قريب من بدء الحالة ، خصوصاً في موضوع الثلوج ، حيث يتم دراسة عشرات العوامل المسببة لتساقط الثلوج ، ويعتبر اختلال واحدة منها كفيلاً بتغيير التوقعات الثلجية بشكل كبير ، وهذا ما حدث في عدة مرات .
جدير بالذكر أن توقعاتنا الموسمية المفصلة تضع أفضل فرص تساقط الثلوج في ثلاث فترات هي 1/1/2016 الى 20/1/2016 والفترة ما بين 15/2/2016 الى 27/2/2016 ، وأيضاً الفترة من 3/3/2016 الى 7/3/2016 ) وهذه التوقعات التي أصدرناها في وقت سابق جاءت نتيجة تحديث بسيط للبيانات على النشرة الموسمية الأولى التي أصدرناها في 30/10/2015 ( شاهد هنا ) ، مع العلم أن التوقعات تسير بشكل دقيق للغاية حتى الآن ، حيث توقعت النشرة أن يشهد شهر ديسمبر الحالي فترات من الانقطاع والجفاف ، وتوقعت أن تكون كمية الأمطار أقل من معدلاتها ، وهذا ما يحدث فعلياً حتى الآن ، كذلك الحال بالنسبة للنشرة الشهرية لشهر ديسمبر الجاري، حيث تتجاوز دقتها لحد الآن 90% ( شاهد من هنا ) .
السبق الصحفي في التوقعات التفصيلية لتساقط الثلوج يضر أكثر مما ينفع ، ولا يعدو كونه تهريجاً خصوصاً إذا كان متكرراً وبفشل ذريع في مرات سابقة هذا الموسم من قِبَل بعض مدّعي التنبؤات الجوية ! والمطلوب هو التثبت والاستنباط بطريقة علمية صحيحة ومتزنة ، ومن المعلوم أن الاستعداد للظروف الجوية الصعبة وإعلان ذلك للجهات المعنية مثل الدفاع المدني وغيره ، لا يكون الا قبل يومين أو ثلاثة من بدء الحالة ، ولا يتطلب أكثر من ذلك أصلاً .
عن موقع "طقس فلسطين"