يتميز رمضان بزيادة الإقبال على السلع الاستهلاكية والغذائية، حيث تنعكس القيم الثقافية والاجتماعية في ارتفاع الإنفاق على الطعام، والملابس، والأنشطة الاجتماعية.
الاقتصادي- يعد شهر رمضان موسماً استثنائياً للاستهلاك في مختلف الدول، حيث تتغير أنماط الإنفاق لدى الأفراد والعائلات، ويزداد الطلب على بعض السلع والخدمات بشكل ملحوظ.
ومع ذلك، فإن الظروف الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على قدرة المستهلكين على الإنفاق، مما يخلق تبايناً في العادات الاستهلاكية بين المجتمعات المختلفة.
يتميز رمضان بزيادة الإقبال على السلع الاستهلاكية والغذائية، حيث تنعكس القيم الثقافية والاجتماعية في ارتفاع الإنفاق على الطعام، والملابس، والأنشطة الاجتماعية.
ولعل الطلب المرتفع على المواد الغذائية من أبرز العوامل التي تؤدي إلى زيادة الإنفاق خلال الشهر الكريم، حيث يزداد الاستهلاك الغذائي خلال رمضان نتيجة تحضير وجبات الإفطار والسحور الغنية بالأطعمة التقليدية، كما تشهد بعض المنتجات، مثل التمور والعصائر والمكسرات، والحلويات والمخللات ارتفاعاً كبيراً في المبيعات مقارنة ببقية العام.
إضافة إلى ذلك، فإن العروض الترويجية التي تقدمها المتاجر الكبرى تساهم في فتح شهية المستهلكين على شراء كميات أكبر.
يعتبر رمضان فترة تحضير لعيد الفطر، مما يدفع العائلات لشراء ملابس جديدة، خاصة للأطفال. وتشهد مبيعات محلات الأحذية والأزياء تشهد نموا ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة من الشهر.
وإلى جانب كل ذلك يشكل الإفطار الجماعي والولائم عادة رمضانية مهمة، حيث يزيد الإنفاق على استضافة الأصدقاء والأقارب. وفي بعض الدول، ينعكس ذلك في زيادة الإقبال على المطاعم وخدمات توصيل الطعام.
يعد شهر رمضان موسمًا للعطاء، حيث يزداد الإنفاق على الزكاة والصدقات لدعم المحتاجين، وتشهد الجمعيات الخيرية تبرعات أكبر، سواء عبر الطرود الغذائية أو الدعم المالي، أو تنظيم الإفطارات الجماعية.
رغم زيادة الاستهلاك خلال رمضان، فإن الأوضاع الاقتصادية تلعب دورا حاسما في تحديد مدى قدرة الأسر على الإنفاق.
ولا يخفى الوضع الاقتصادي على أحد في الأراضي الفلسطينية، فقطاع غزة محروم من إدخال المواد الغذائية منذ بداية شهر رمضان بعد إغلاق الاحتلال كل المعابر.
كما أن 16 شهرا من حرب الإبادة كانت كفيلة بنسف الاقتصاد الغزي عن بكرة أبيه، ولم تعد العائلات قادرة على تلبية أبسط الاحتياجات.
وفي الضفة الغربية، حيث الأوضاع أقل وطأة، إلا أن الوضع الاقتصادي في تراجع مع تردي حال مالية السلطة الفلسطينية التي تصرف رواتب منقوصة لموظفيها منذ نحو 3 سنوات.
كما أدى توقف عمال الداخل منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023 إلى تراجع حاد في السيولة، ما أصعف قدرة عشرات آلاف الأسر على الإنفاق. ناهيك عن الأحوال الأمنية المتوترة بفعل اقتحامات الاحتلال خصوصا في شمال الضفة.
وفي ظل هذه التحديات الاقتصادية، تراجعت بعض المظاهر الرمضانية عبر تقليل الإنفاق على الكماليات. في ظل ارتفاع الأسعار، تلجأ بعض العائلات إلى تقليص استهلاك المنتجات غير الأساسية.
ولوحظ أيضا تغير العادات الغذائية، فبدلاً من الولائم الكبيرة، يلاحظ تحول بعض الأسر إلى تحضير وجبات بسيطة أو مشاركة الطعام في نطاق ضيق.
وفي حين أن رمضان يظل موسمًا للإنفاق المتزايد، فإن الظروف الاقتصادية المتغيرة تلعب دورًا في إعادة تشكيل أنماط الاستهلاك. فبين من يستغلون الشهر الكريم لتعزيز التجارة وزيادة الدخل، وبين من يواجهون تحديات مالية تؤثر على قدرتهم الشرائية، يبقى التوازن بين الاستهلاك المسؤول والحفاظ على القيم الرمضانية هو التحدي الأكبر أمام المستهلكين في مختلف الدول.