تعمل التكنولوجيا الحديثة دوماً على تحسين العملية الزراعيَّة، وذلك من خلال شبكات الري الإلكترونية الحديثة، والآبار التي تُدار من قبل محرّكات حديثة ومتطورة. ولكن، لم يحصل مرّة أن تدخلت التكنولوجيا الحديثة في صلب العملية الداخلية البنيوية للنباتات، أي الجمع الفعلي بين عالم الزراعة وعالم الإلكترونيات. هذا بالضبط ما حققه فريق بحثي سويدي، إذْ تمكّن أخيراً من الموالفة بين التكنولوحيا والبيولوجيا، وذلك عن طريق ابتكار وردة طبيعية وإلكترونية في آن.
فقد طوّر الباحثون من جامعة "لينشوبينغ - Linköping" للالكترونات العضوية، جهازاً يسمحُ بحقن نظام الأوعية النسغيّة التي تستخدم عادة لتوزيع الماء والمواد الغذائية داخل النباتات، بدوائر إلكترونية متصلة ببعضها البعض، وذلك عن طريق ملء الأوعية الموجودة في سيقان الورود بمادة جديدة من البوليمرات تدعى "بيدوت"، وتتميّز بأنّها مُوصِلٌ جيّدٌ للكهرباء حتى في البيئة الرطبة.
في البداية، عمد الفريق إلى وضع الوردة في محلول من مادة الـ"بيدوت"، وبعد بضعة أيام، اكتشف الفريق بأنّ الوردة قد تشرّبت هذه المادة التي تحوّلت بداخلها إلى ما يشبه الهلام، وبأنها شكلت شعيرات دقيقة داكنة اللون. استخدم الفريق هذه الشعيرات لتوليد دوائر إلكترونية من أجل تغذية الوردة والتحكّم بها.
يوضح الفريقُ أنَّ الغاية من هذا الابتكار، هي التحكّم بفيزيولوجية النباتات وتنظيمها، وذلك من خلال جهاز عصبي مؤلف من أجهزة الاستشعار وأجهزة التوصيل، بحيث يصبح بالإمكان التحكّم بالورود. فيمكن مثلاً، منعها من إنتاج ورود في فترة صقيع وشيك، أو تحفيزها على إنتاج هرمونات معينة في أوقات الجفاف لتحافظ على حيويتها. كما بالإمكان إنتاج سلالة جديدة من النباتات، التي يمكن أن تتضاعف بسهولة عبر أجهزة استشعار محفّزة.
ويوضّحُ الفريق البحثي أن ما يقوم به يختلفُ تماماً عن الهندسة الوراثية التي تتدخّلُ في التركيبة الفيزيولوجية للنباتات بشكل نهائي، بحيث ليس من الممكن تغيير تأثيراتها، بينما في حالة الدوائر الإلكترونية، يصبح بالإمكان التأثيرُ على النبتة وتحفيزها، وذلك بحسب المتغيّرات المناخية والبيئية المطلوبة، وفي أوقات مختلفة ومتعددة.
أمّا في ما خصّ استخدام هذه التقنية الجديدة على النباتات الغذائية كالفاكهة والخضروات، فإن الفريق يؤكد أنه ليس من الممكن في الوقت الحالي على الأقل. ولا يزال على الباحثين أن يثبتوا أنّ المحلول العضوي الذي يُحقَن داخل النبتة لا يصل إلى الثمار والنواة، أو الأجزاء الصالحة للأكل. وفي النهاية، يأمل فريق الباحثين استخدام مواد بيولوجية كيميائية مثل الكلوروفيل لإنتاج دوائر كهربائية، وبذلك يصبح من السهل التدخل في زراعة المواد الغذائية من دون أي مخاوف صحية.