السقاية هي إحدى أهم المهن القديمة في حياة الناس. يُقال إن أول مسمار دُقّ في نعش السقا كان سنة 1865، حينما أنشئت شركة المياه بمصر، وبدأت تمدُّ أنابيب المياه. فمنذ ذلك الحين، بدأت المهنة في الاختفاء شيئاً فشيئاً، حيث انتهت مهنة السقاية تماماً في أربعينات القرن الماضي.
وكان السقا معروفًا عنه بأنه على صلة جيّدة بجميع الأهالي. كما أنّ أهمّ شروطه الأمانة والأخلاق الحميدة، لأنّه يدخل بيوت الناس.
وكانت جميع البلدان عامرة بالسقائين، لدرجة تمركزهم في أماكن معيّنة للتيسير على الزبائن. وفي القاهرة الفاطمية، كانت هناك منطقة تسمى "حارة السقايين". وقد ذكر المستشرق دي ريني في كتابه "إحصاءات عن مصر"، أن عدد السقائين سنة 1870 بلغ 3876.
توزعت المهنة على عدة مراحل، الأولى، في "باب اللوق"، وهي منطقة تمركز رئيسية تنقل إليها الماء من مصدره في نهر النيل على ظهور الجمال، ومن هناك تنطلق مرحلة ثانية على ظهور الحمير إلى أحياء القاهرة، مثل باب البحر وحارة السقايين وقناطر السباع وغيرها، حيث تتمركز الحمير في مناطق تجمع محددة، ومن على ظهورها يأخذ السقاؤون الماء، ويدورون به على البيوت.
يذهب السقا لبيوت زبائنه ليلاً أو نهاراً، لكنه يتحاشى النهار في الأيام الشديدة الحرارة وفي فصل الصيف عموماً؛ لأنَّ ثقلَ الماء إذا أضيفت إليه حرارة الجو، قد يتسبب في إرهاق شديد، وإعياء لا طاقة له به، وقد لا يكون صاحب الدار موجوداً. كما أنّ قوارير المياه الفخارية داخل البيوت تكون في معزل عن حرم الدور.
وكان السقا يقوم بعملية رش الأسواق والأزقة الترابية بغية تبريدها في فصل الصيف، وأحياناً يعمل على توزيع الماء للعطشى من المارة مجاناً.