انكماش غير مسبوق في الاقتصاد الفلسطيني قد يصل إلى 20% نهاية العام
الاقتصادي- كشف الخبير الاقتصادي الفلسطيني د. نصر عبد الكريم عن توقعات بانكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% مع نهاية العام الجاري، وهي نسبة غير مسبوقة في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني.
وخالف الخبير الاقتصادي توقعات البنك الدولي التي أعلن عنها بداية العام بأن الانكماش سيتراوح بين 6.5 إلى 9.5%.
وأكد عبد الكريم في لقاء مع "الاقتصادي" أن الانكماش يأتي نتيجة لتضافر عدة عوامل غير مسبوقة، من بينها: استمرار نهب الاحتلال لأموال المقاصة، وتعطيل دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر، وتدمير قطاع غزة وخروجه عن النشاط الاقتصادي، إضافة إلى ارتباك التجارة الداخلية بسبب العقبات الإسرائيلية التي تمنع تسوق فلسطينيي الداخل في الضفة الغربية.
القطاع المصرفي لا يزال صامداً
ورغم عمق الأزمة الاقتصادية، شدد د. عبد الكريم على أن القطاع المصرفي الفلسطيني ما زال صامداً وقادراً على تجاوز التحديات الراهنة. وأوضح أن البنوك الفلسطينية تواجه تحديات عديدة، منها تراكم الشيكل، إلا أنها اتخذت سياسات حذرة ساعدتها على الحفاظ على استقرارها حتى الآن.
كما نفى المخاوف بشأن انهيار القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن التحدي الأكبر يكمن في انهيار السلطة الوطنية، وهو أمر يستبعد حدوثه.
دعوة لإصلاح النظام الضريبي
وفيما يتعلق بالنظام الضريبي، أكد عبد الكريم ضرورة إعادة هيكلته ليصبح أكثر عدالة للفئات محدودة الدخل. وطالب بإجراء إصلاحات شاملة، خصوصاً في ضريبتي الدخل والقيمة المضافة، بحيث تكون أكثر تصاعدية وعدالة. ودعا إلى إدخال تعديلات على ضريبة الدخل لتشمل شرائح جديدة، ورفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبي للأفراد الذين يقل دخلهم الشهري عن 5 آلاف شيقل.
أزمة المقاصة والاعتماد على الاستيراد
وأشار عبد الكريم إلى أن أزمة المقاصة، التي تمثل نحو 68% من إيرادات السلطة الفلسطينية، تعمقت بعد أحداث أكتوبر الجاري نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تستهدف سرقة هذه الأموال. وأوضح أن الاعتماد الكبير على التجارة والاستيراد من "إسرائيل" أضر بالاقتصاد الفلسطيني، ودعا إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي كحل استراتيجي للتغلب على هذه الأزمة.
القطاع الإنتاجي والحل الاقتصادي
ودعا د. عبد الكريم إلى استغلال الأزمة الحالية كفرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد الفلسطيني، من خلال تعزيز القطاعات الإنتاجية المحلية وتقليل الاعتماد على ضريبة المقاصة، مؤكداً أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتحقيق الرخاء الاقتصادي للفلسطينيين. وأوضح أن الرؤية الاستراتيجية يجب أن تركز على تعزيز الإنتاج الزراعي والصناعي ودعم المزارعين والصناعات الوطنية.
الدولار سيبقى على عرش العملات العالمية
وفي سياق آخر، تحدث عبد الكريم عن الوضع الاقتصادي العالمي، متوقعاً أن يبقى الدولار الأمريكي العملة المهيمنة عالمياً حتى عام 2050 على الأقل، رغم محاولات بعض الدول، مثل مجموعة "بريكس"، للبحث عن بدائل. وأكد أن الاقتصاد الأمريكي يظل الأقوى عالمياً بفضل حجمه الكبير وهيمنة الشركات التكنولوجية العملاقة.
الاقتصاد الإسرائيلي في ظل الحرب
وتطرق الخبير الاقتصادي إلى تأثير الحرب الحالية على الاقتصاد الإسرائيلي، مقدراً الخسائر الإسرائيلية بنحو 67 مليار دولار حتى نهاية العام. لكنه أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يُعير اهتماماً كبيراً للأضرار الاقتصادية مقارنة باعتبارات الأمن والسياسة، حيث يعتقد اليمين الإسرائيلي المتطرف أن هذه الحرب هي حرب وجود، مهما كانت الكلفة الاقتصادية.