الاحتلال يحول مخيمي طولكرم ونور شمس إلى مكاره صحية
ABRAJ: 2.08(%)   AHC: 0.80(%)   AIB: 1.23(%)   AIG: 0.19(0.00%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.29(0.00%)   AQARIYA: 0.82(%)   ARAB: 0.80(%)   ARKAAN: 1.34(0.00%)   AZIZA: 2.40(2.56%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.50(0.00%)   BPC: 3.71(2.37%)   GMC: 0.80(%)   GUI: 2.08(%)   ISBK: 1.25(0.79%)   ISH: 1.00( %)   JCC: 1.75(2.78%)   JPH: 3.63(0.00%)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.71(%)   NAPCO: 0.99( %)   NCI: 1.65(1.85%)   NIC: 3.00(0.00%)   NSC: 3.07( %)   OOREDOO: 0.75(1.32%)   PADICO: 1.03(0.00%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 4.15(2.35%)   PEC: 2.84(7.49%)   PIBC: 1.07( %)   PICO: 3.39( %)   PID: 1.93( %)   PIIC: 1.80( %)   PRICO: 0.30(0.00%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.14( %)   RSR: 4.50( %)   SAFABANK: 0.80( %)   SANAD: 2.20( %)   TIC: 2.95( %)   TNB: 1.23( %)   TPIC: 2.00( %)   TRUST: 3.00( %)   UCI: 0.43( %)   VOIC: 7.12( %)   WASSEL: 1.07( %)  
9:02 صباحاً 15 آب 2024

الاحتلال يحول مخيمي طولكرم ونور شمس إلى مكاره صحية

الاقتصادي- خاص بآفاق البيئة والتنمية- ميساء بشارات- على مدخل مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، تقف المواطنة سعاد سليم (34 عاماً) وفي حضنها رضيعها ابن التسعة أشهر، وحقيبة أغراض صغيرة، وبيدها الأخرى تمسك بطفلتها الأخرى ابنة الثلاثة أعوام، بعد عودتها وزوجها من نزوح استمر يومين خارج المخيم، بعد اقتحام جيش الاحتلال الاسرائيلي.

علاماتُ الذهول بدت على الأم من حجم الدمار الذي خلفه الاقتحام. تتساءل بحرقة: "ماذا حدث في المخيم.. لم نتركه هكذا.. إنها ساحة حرب لم يعد شيء كما كان، تجريف الشوارع ومياه الصرف الصحي طفحت على الشوارع".

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر يتعرض مخيما نور شمس وطولكرم لاقتحامات مستمرة، تستهدف البنية التحتية في المخيمين من تجريف كامل للشوارع وشبكات المياه والصرف الصحي والاتصالات، واقتلاع أعمدة الكهرباء، وتدمير منازل سكنية ومنشآت تجارية بين دمار جزئي أو كلي، وتخريب السيارات، محدثة حالة خراب تجعل من المخيمين غير صالحين للعيش الآدمي، وتفاقم معاناة الأهالي وتكبدهم خسائر مادية فادحة.

يخلف الاحتلال حالة دمار كبيرة لم تتوقف عند الهدم والاعتقال والتجريف الكامل للبنى التحتية، بل يغتال الشبان الذين يصفهم بالمطلوبين، ومشاهد الدمار والخراب تملأ شوارع المخيمين.

تقول مواطنة من المخيم فضلت عدم ذكر اسمها: المياه لم تصل منزل عائلتها منذ ثلاثة أيام في مخيم طولكرم، بعد اقتحام الاحتلال للمخيم، واغتيال عدد من الشبان فيه ادعى أنهم مطلوبون.

ومنذ انسحاب آليات الاحتلال وجرافاته، باشرت طواقم الأشغال العامة وبلدية طولكرم والحكم المحلي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والقطاع الخاص بإزالة آثار الدمار في الشوارع الرئيسية، الذي خلفه اقتحام قوات الاحتلال، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، لتسهيل حركة تنقل المواطنين ومركباتهم.

التنقل في مخيم نور شمس.. درب من الآلام

قالت وكالة الأونروا عبر تصريح أدلى به مفوضها العام فيليب لازاريني، لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية: "مدينة طولكرم بدت كأنها منطقة صراع صغيرة" بسبب الدمار الذي خلفه فيها الجيش الإسرائيلي بالمنازل والإسفلت والطرق والأنابيب عقب العملية العسكرية الإسرائيلية".

المواطن أيمن أبو عبيد (41 عاما) يسكن حارة المنشية في مخيم نور شمس يجد صعوبة في التنقل من بيته لأي مكان آخر، فهو يضطر للصعود فوق الركام وطمم الإنشاءات الذي تجمع بالقرب من منزله، نتيجة تدمير الاحتلال للبنية التحتية والمنازل في المخيم وتراكمها بالقرب منه.

أبو عبيد (أب لأربعة أطفال) لا تستطيع السيارات الدخول إلى منطقته، ويرى أن المكان أصبح غير لائق للسكن لما أصبح يحتويه من تلوث ودمار وخاصة انقطاع المياه وتدمير للصرف الصحي داخل الحارات في المخيم.

ولا يشعر أبو عبيد بالأمان هو وأطفاله، فنوافذ منزله الزجاجية مكسرة، وتشققت جدران بيته، وما يزيد مخاوفه وجود منزله بجوار منزل آخر هدمت جرافات الاحتلال نصفه وأبقت على النصف الآخر معلقاً، ما يشكل خطورة على منزله في حال انهيار البيت المدمر.

80 مليون دولار خسائر أولية

يقول رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس نهاد شاويش، إن الاحتلال يضع البنية التحتية هدفه الأول في كل عملية اقتحام، فيبدأ بتدمير شبكات الصرف الصحي وتجريف خطوط المياه الفرعية والرئيسية في كل الحارات والشبكات التي تغذي منازل المواطنين، والشبكات التي تنقل الماء من الآبار الكبيرة إلى حارات المخيم، ويجرف الشوارع ويستهدف خزانات المياه على أسطح المنازل بالرصاص، ويضرب شبكة الكهرباء، محدثاً تلوثاً بيئياً وصحياً وخراباً في المخيم.

ويوضح شاويش، أنه بعد "انسحاب جيش الاحتلال تبدأ اللجنة الشعبية بحصر الأضرار تحضيراً لعملية إعادة البناء قدر المستطاع، بدءاً من الأكثر تضرراً وما تستطيع اللجنة إعادة ترميمه، مثل إعادة فتح الطرق وإزالة الركام والردم الذي خلفته جرافات الاحتلال، والكثير من التخريب لا يستطيعون المباشرة به فوراً لأنهم بحاجة إلى أدوات ومعدات ودعم مادي".

ويتابع أن "عمل الأونروا في الوقت الحالي مشلول، لكن بعض العمال في الوكالة يقدمون الدعم والمساعدة بالعمل فقط، لكن في موضوع الإمكانيات فلا يوجد لديهم".

وحول الخسائر في مخيم نور شمس، يقول شاويش: "التقديرات تشير إلى 80 مليون دولار ما بين أضرار منازل ومؤسسات وبنية تحتية"، موضحاً أن هناك ما يقارب الـ 200 منزل تعرضت للتدمير الكلي وهي وغير مؤهلة للسكن، ما أجبر سكانها على تركها كونها تشكل خطورةً عليهم، و400 منزل تعرضت لتدمير متوسط ما بين تدمير أسطح وواجهات خارجية او داخلية، و1400 وحدة سكنية مدمرة بشكل جزئي ما بين تكسير نوافذ وأبواب وأضرار بسيطة، و170 محلاً تجارياً منها 85 تدمرت كلياً".

ويقول مسؤول سلطة جودة البيئة في طولكرم مروان أبو يعقوب: "الاحتلال أخرج الصرف الصحي إلى الشوارع والمنازل وأدى الى تجمعها بين الحفر التي أحدثها وقت الاقتحامات، وخرب حاويات نقل النفايات، ما أدى لتراكمها نتيجة عدم القدرة على نقلها بعد تدمير الشوارع وشل الحركة، وراكم النفايات الإنشائية والطمم والركام والحديد".

ويتابع: "الاقتحامات المتكررة وما يرافقها من تدمير استنزف الميزانيات، أصبح الدخول للمخيم لجمع النفايات أمراً عسيراً إضافة لعدم توفر الآليات، كل ذلك أثر على خدمة الجمع والترحيل وتكاثر البعوض والحشرات والروائح الكريهة وعصارة النفايات ما يتسبب في انتشار الفيروسات والأمراض".

ويشير إلى انه رغم محاولات العديد من المؤسسات واللجان للإصلاح قدر الإمكان، إلا أن الوضع أكثر سوءاً ويحتاج إلى مجهود مضاعف وامكانيات أكبر.

الغبار يشكل معضلة صحية أخرى في المخيم، إذ يغطي أجواء المخيم، ويملأ المنازل ودكاكينه وشوارعه وأشجاره، وفي ذلك ضرر كبير على الجهاز التنفسي للمواطنين، وخاصة مع مرور السيارات عبر الطرق المدمرة. وهذا تسبب بأمراض الحساسية التنفسية وأمراض العيون لعدد من أهالي المخيم، وفق أبو يعقوب.

مخيم طولكرم.. في الهم سواء

لا يختلف الوضع في مخيم طولكرم عن مخيم نور شمس، فوضع إعادة البناء والتصليح في المخيم مؤقت وبالحد الأدنى، لأن الاحتلال يعيد تدمير ما تم إصلاحه كل مرة.

المهندس وائل أبو طاحون من مخيم طولكرم يشعر بحرقة في كل مرة تقتحم فيها جرافات الاحتلال الثقيلة المخيم، فتحفر بـ "الهوك" من خلفها لينزل بباطن الأرض 50 سنتيمتراً، محدثة خراباً بكل ما تحت الشارع من شبكات المياه والصرف الصحي وشبكات تصريف مياه الأمطار والخطوط والمناهل، موضحاً أن كل الشبكات في المخيم لا تتجاوز النصف متر تحت السطح.

ويؤكد رئيس لجنة الخدمات الشعبية لمخيم طولكرم فيصل سلامة، أن الاقتحامات تشكل أضراراً نفسية وبيئية، وخلقت بيئة سكانية طاردة للبحث عن مكان آمن للأهالي.

ويتابع أنهم كانوا يعملون في المخيم قبل الاقتحامات المستمرة على تجميل البيئة وتطوير البنية التحتية وتعبيد الشوارع وزراعة الأشجار، لكن جرافات الاحتلال التهمت كل جمال وخربت كل مشهد.

وحول المنازل في المخيم، يقول سلامة: "ما زال التدمير على حاله، ولم تعمل الأونروا المسؤولة عن المخيم حتى الآن بإزالة الركام أو صيانة أي منزل منذ بداية الاقتحامات، أو حتى تعويض العائلات سوى بمبالغ بسيطة لا تتعدى الـ 3 آلاف شيقل وهي غير كافية لتصليح أي خراب".

وحول الأضرار التي لحقت بمخيم طولكرم يقول سلامة، إن 160 سيارة تم تدميرها، وتخريب 200 محل تجاري من أبواب ونوافذ ومحتويات، و52 منزلاً تم هدمها كليا، و1979 أخرى تعرضت للضرر الجزئي، وتقدر مجموع تكاليف الأضرار الكلية في مخيم طولكرم بـ 14 مليون شيقل.

وتشير نهاية الجندي المسؤولة عن إحصاء الأضرار في مخيم نور شمس ورئيسة جمعية نور شمس لتأهيل ذوي الإعاقة، إلى انتشار البعوض والناموس والجرذان والأفاعي والحشرات في المخيم، بسبب مخلفات المنازل المتراكمة والنفايات الإنشائية والمجاري في الشوارع.

ويستهدف الاحتلال أيضاً برصاصه نوافذ المنازل وأبوابها وخزانات المياه على الأسطح، ما يسبب تلوث المياه المنزلية، والبعض يعمل على ترقيع خزانات المياه دون امكانية تغييرها بسبب الوضع المادي.

تقول الجندي: "التصليح يحتاج الى دول وليس مؤسسات محلية، كما أن أحداً لم يأخذ قرار إعادة البناء طالما هناك اقتحامات مستمرة يرافقها تدمير للبنية التحتية".

سلطة المياه: تشكيل لجنة فنية لمتابعة الأضرار

أعلن رئيس سلطة المياه مازن غنيم، عن تزويد مخيم نور شمس وبلدية طولكرم بأنابيب صرف صحي وشبكات مياه بأقطار مختلفة، في إطار عملية تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي للمخيم، بدعم من منظمة اليونيسف.

وأوضح غنيم في بيان، أن "سلطة المياه ونتيجة عمليات الاجتياح المتكررة وما خلّفته من دمار كبير طال البنية التحتية، اطلعت بشكل مباشر على الاحتياجات الطارئة والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وعملت بشكل فوري على توفير ما يلزم من قطع لإصلاح الخط الرئيسي المغذي للمنطقة، لضمان استمرار تزويد المواطنين بالمياه".

وأشار إلى أن "سلطة المياه شكلت لجنة فنية لمتابعة الأضرار الناجمة عن هذه الاقتحامات وحصرها، والمساهمة مع الجهات المختصة في معالجة ما أمكن منها، لضمان استمرار عملية تزويد المياه للمواطنين، ومنع أي أضرار قد تحدث نتيجة لتدفق مياه الصرف الصحي".

من جانيه، يقول رئيس قسم الطوارئ في بلدية طولكرم حكيم أبو صفية: "طواقم البلدية والأشغال العامة تعمل على إزالة الركام والطمم والخراب فور انسحاب قوات الاحتلال"، مشيراً إلى أن طواقم البلدية أنجزت نسبة كبيرة من أعمال إصلاح ما دمرته جرافات الاحتلال في المدينة من شبكات الضغط العالي للكهرباء، وإزالة الأشجار التي اقتلعتها جرافات الاحتلال".

Loading...